للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ بِوَضْعِ الْيَدِ بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ أَوْ الْعَرْضُ أَوْ النَّقْدُ فِي حَوْزِ أَحَدِهِمَا مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ (إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ) بِمُرَجِّحٍ أَيِّ مُرَجِّحٍ كَانَ وَإِلَّا نُزِعَ مِنْ ذِي الْيَدِ (فَيَحْلِفُ) ذُو الْيَدِ عِنْدَ التَّسَاوِي وَمُقَابِلُهُ عِنْدَ تَرْجِيحِ بَيِّنَتِهِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ أَيْ إنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ بِيَمِينٍ

(وَ) رُجِّحَ (بِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ تُقَدَّمُ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْحَوْزِ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ سَابِقًا لِأَنَّ الْحَوْزَ قَدْ يَكُونُ عَنْ مِلْكٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمِلْكِ وَالْأَعَمُّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ

(وَ) رُجِّحَ (بِنَقْلٍ) عَنْ أَصْلٍ (عَلَى) بَيِّنَةٍ (مُسْتَصْحِبَةٍ) لِذَلِكَ الْأَصْلِ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَثَلًا لِزَيْدٍ أَنْشَأَهَا مِنْ مَالِهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا لِعَمْرٍو وَاشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا قُدِّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ هُنَا تَعَارُضٌ يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا بَيِّنَةُ حَوْزٍ أَمْ لَا فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَصِحَّةُ) شَهَادَةِ بَيِّنَةِ (الْمِلْكِ) لِشَخْصٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ تَكُونُ (بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ بِسَبَبِ مُشَاهَدَتِهِمْ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي شَهِدُوا بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (وَعَدَمِ مُنَازِعٍ) لَهُ فِيهِ (وَحَوْزٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

إلَيْهِ وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الْعَدَالَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ قُدِّمَ هُوَ وَالْمَرْأَتَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ اتِّفَاقًا وَأَوْلَى لَوْ كَانَتَا أَعْدَلَ كَالشَّاهِدِ الَّذِي مَعَهُمَا.

(قَوْلُهُ أَيْ بِوَضْعِ الْيَدِ) يَعْنِي الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ عَمَّا عُرِفَ أَصْلُهُ فَإِنَّ حَوْزَ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ لَهُ لَا يُعْتَبَرُ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَ ذِي الْيَدِ وَمُقَابِلِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَأَخَذَ مَالَهُ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَتَعَادَلَتَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا بِأَنَّ هَذَا الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لِزَيْدٍ مِلْكُهُ وَتَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِعَمْرٍو مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِسَبَبِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَنْطُوقِ أَيْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الْحَائِزُ إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَغَيْرُ الْحَائِزِ إنْ رُجِّحَتْ بَيِّنَةٌ

(قَوْلُهُ وَرُجِّحَ بِالْمِلْكِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بَيِّنَةٌ بِالْحَوْزِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ لَهُ بِمِلْكٍ وَشَهِدَ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ مُتَعَمِّدَةٌ فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْأُولَى لِتَرَجُّحِهَا عَلَيْهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا مُعْتَمَدَةً فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمُ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ إذَا اعْتَمَدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْحَوْزِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْمِلْكِ أُقِيمَتْ قَبْلَ الْحِيَازَةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا وَهِيَ الْعَشْرُ سِنِينَ بِقُيُودِهَا الْآتِيَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحِيَازَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَتُهُ ثُمَّ كَوْنُ هَذَا الْفَرْعِ مِمَّا اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ تَجَوُّزٌ؛ إذْ التَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْحَوْزِ إذْ الْحَائِزُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَالِكٍ فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ تَثْبُتُ زِيَادَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ) أَيْ الْمُجَرَّدِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا أَيْ عَلَى الْحَوْزِ الَّذِي اعْتَمَدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ

(قَوْلُهُ وَرُجِّحَ بِنَقْلٍ عَنْ أَصْلٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ النَّاقِلَةُ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ وَقَوْلُهُ عَلَى مُسْتَصْحَبَةٍ أَيْ وَلَوْ شَهِدَتْ تِلْكَ الْمُسْتَصْحَبَةُ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ وَمِنْ تَقْدِيمِ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ تَقْدِيمُ الشَّاهِدَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا تَقْدِيمُ الْبَيِّنَةِ بِالتَّنَصُّرِ كُرْهًا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَلَى الْبَيِّنَةِ بِتَنَصُّرِهِ طَوْعًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَنَصُّرِ الْأَسِيرِ الطَّوْعِ وَكَتَقْدِيمِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْإِكْرَاهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالِاخْتِيَارِ (تَنْبِيهٌ) يُرَجَّحُ أَيْضًا بِالْأَصَالَةِ عَلَى الْفَرْعِيَّةِ وَلِذَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّفَهِ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ السَّفَهُ وَكَذَا بَيِّنَةُ الْيَسَارِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعُسْرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَكَذَا بَيِّنَةُ الْجُرْحَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَالْأَصَالَةُ تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْفَرْعِيَّةِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ مُوَسْوَسٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَيَمِينًا وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لَيْسَ هُنَا تَعَارُضٌ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَصْحَبَةِ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْعِلْمِ بِالْخُرُوجِ لَا نَفْيَ الْخُرُوجِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْمُسْتَصْحَبَةُ بِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى الْآنَ أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنَ فَالْمُعَارَضَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاقِلَةِ ظَاهِرَةٌ

[شُرُوط صِحَّة الشَّهَادَة بالملك]

(قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ وَصِحَّةُ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ أَنْ تَعْتَمِدَ فِي شَهَادَتِهَا بِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>