وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ أَيْضًا (وَلَيْسَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَائِضِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا (نُظِرَ طُهْرُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ) لَعَلَّهَا تُدْرِكُ الْعِشَاءَيْنِ وَالصَّوْمَ بَلْ يُكْرَهُ إذْ هُوَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَلِقَوْلِ الْإِمَامِ لَا يُعْجِبُنِي (بَلْ) يَجِبُ عَلَيْهَا نَظَرُهُ (عِنْدَ النَّوْمِ) لَيْلًا لِتَعْلَمَ حُكْمَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالصَّوْمِ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ (وَ) عِنْدَ صَلَاةِ (الصُّبْحِ) وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا فِي الْجَمِيعِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ فَيَجِبُ وُجُوبًا مُضَيِّقًا وَلَوْ شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ سَقَطَتْ الصَّلَاةُ يَعْنِي صَلَاةَ الْعِشَاءَيْنِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا فِي الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّهَا الصُّبْحُ إذْ الصُّبْحُ وَاجِبَةٌ قَطْعًا
ثُمَّ بَيَّنَ مَوَانِعَ الْحَيْضِ بِقَوْلِهِ (وَمَنَعَ) الْحَيْضُ (صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَ) مَنَعَ (وُجُوبَهُمَا) وَقَضَاءُ الصَّوْمِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ (وَ) مَنَعَ (طَلَاقًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ إيقَاعُهُ زَمَنَهُ إنْ دَخَلَ وَكَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ وَوَقَعَ وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ أَوْقَعَهُ عَلَى مَنْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا يَوْمَ طُهْرِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
مُطْلَقًا لِأَنَّهَا أَدَلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ) أَيْ لِإِفَادَتِهِ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْقَصَّةِ وَالْجُفُوفِ مَعَ أَنَّهَا عِنْدَهُ أَبْلَغُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ فِي نَقْلِ الْمَازِرِيُّ لَا يُفِيدُ مُسَاوَاةَ الْجُفُوفِ لِلْقَصَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسَّائِلِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ الْمُبْتَدَأَةِ إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ لَا يُنَافِي أَنَّ الْقَصَّةَ أَبْلَغُ إذْ مَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ أَمْرٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى كَوْنِهِ عَلَامَةً عَلَى الطُّهْرِ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ الْقَصَّةِ لِلْعِلْمِ بِأَبْلَغِيَّتِهَا وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ وَلَا مُخَالَفَةَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: نُظِرَ طُهْرُهَا) أَيْ نُظِرَ عَلَامَةُ طُهْرِهَا (قَوْلُهُ: لِتَعْلَمَ حُكْمَ صَلَاةِ اللَّيْلِ) فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ قَدْ انْقَطَعَ قَبْلَ النَّوْمِ كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَاجِبَةً عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ صَوْمُ صَبِيحَتِهِ وَلَا يُقَالُ يُحْتَمَلُ عَوْدُ الدَّمِ لَيْلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ انْقِطَاعِهِ وَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ بَاقِيًا كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالصَّوْمُ غَيْرُ وَاجِبَيْنِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّتْ) أَيْ مَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَوْلُهُ سَقَطَتْ الصَّلَاةُ هَذَا مَا فِي النَّقْلِ وَقَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ تَفْسِيرٌ لَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي صَلَاةَ الْعِشَاءَيْنِ) أَيْ وَأَمَّا صَلَاةُ الصُّبْحِ فَوَاجِبَةٌ عَلَيْهَا لِطُهْرِهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِي الصَّوْمِ إمْسَاكُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَضَاؤُهُ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الصَّوْمِ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ (قَوْلُهُ: لَا مَا فِي الشَّارِحِ) يَعْنِي عبق وخش تَبَعًا لعج (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةُ السَّاقِطَةُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَاجِبَةً قَطْعًا) أَيْ لِطُهْرِهَا فِي وَقْتِهَا وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ مَا فِي الشُّرَّاحِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الشَّمْسِ وَشَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ الشَّمْسِ فَتَسْقُطُ عَنْهَا الصُّبْحُ حِينَئِذٍ كَمَا تَسْقُطُ الْعِشَاءَانِ اُنْظُرْ بْن
[مَوَانِع الْحَيْض]
(قَوْلُهُ: صِحَّةُ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ) أَيْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَفْلًا أَوْ فَرْضًا كَانَ الْفَرْضُ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً (قَوْلُهُ: وَقَضَاءُ الصَّوْمِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) أَيْ لَا بِأَمْرٍ سَابِقٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ إلَّا عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَالْحَيْضُ مُسْقِطٌ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ وُجُوبُ الْأَدَاءِ بِالْحَائِضِ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ وَإِنَّمَا وَجَبَ قَضَاءُ الصَّوْمِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ مِنْ الشَّارِعِ دُونَ الصَّلَاةِ لِخِفَّةِ مَشَقَّتِهِ بِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) أَيْ بِأَمْرٍ مُتَجَدِّدٍ تَعَلَّقَهُ بَعْدَ الطُّهْرِ إذْ الْحَيْضُ مَنْعُ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ الْأَوَّلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ حَالَةِ وُجُودِهِ (قَوْلُهُ: وَطَلَاقًا) عَطْفٌ عَلَى صِحَّةً كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَيْ وَمَنْعُ الْحَيْضِ طَلَاقًا أَيْ حُرْمَةً فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ اسْتَعْمَلَ الْمَنْعَ فِي الصِّحَّةِ بِمَعْنَى الرَّفْعِ وَفِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى التَّحْرِيمِ فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ إيقَاعُهُ زَمَنَهُ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا حُرْمَةَ فِي طَلَاقِهَا فِي الْحَيْضِ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ) أَيْ وَأَمَّا الْحَامِلُ فَلَا حُرْمَةَ فِي طَلَاقِهَا زَمَنَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ لَكِنْ لَا تَطْوِيلَ عَلَيْهَا فِيهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ سَوَاءٌ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْقَعَهُ عَلَى مَنْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا يَوْمَ طُهْرِهَا) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ طَلَاقًا وَإِنَّمَا مَنَعَ الطَّلَاقَ فِي يَوْمِ طُهْرِهَا لِأَنَّهُ يَوْمُ حَيْضٍ حُكْمًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ طَاهِرَةٌ بَعْدَ أَيَّامِ التَّلْفِيقِ وَحِينَئِذٍ فَحُرْمَةُ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ زَمَانًا لَهُ حُكْمًا وَبِالْجُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق مِنْ حُرْمَةِ الطَّلَاقِ إذَا أَوْقَعَهُ عَلَى مَنْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا يَوْمَ طُهْرِهَا لَهُ وَجْهٌ فَاعْتِرَاضُ بْن بِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْحُرْمَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ فَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فَقَدْ نَقَلَ بْن عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَدَمَ الْجَبْرِ عَلَيْهَا وَنَقَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute