(وَ) سُنَّ الْمَسْحُ مِنْ الْكُوعَيْنِ (إلَى الْمِرْفَقَيْنِ) (وَ) سُنَّ (تَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ) ثَانِيَةٍ (لِيَدَيْهِ) وَبَقِيَ عَلَيْهِ سُنَّةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ نَقْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ بِأَنْ لَا يَمْسَحَ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ قَوِيًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ
ثُمَّ شَرَعَ فِي فَضَائِلِهِ بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ) وَسِوَاكٌ وَصَمْتٌ إلَّا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَاسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ (وَبَدْءٌ بِظَاهِرٍ) أَيْ مِنْ ظَاهِرِ (يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ) بِأَنْ يَجْعَلَ ظَاهِرَ أَطْرَافِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يُمِرُّهَا (إلَى الْمِرْفَقِ) قَابِضًا عَلَيْهَا بِكَفِّ الْيُسْرَى (ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ) أَيْ بَاطِنِ الْيُمْنَى مِنْ طَيِّ الْمِرْفَقِ (لِآخِرِ الْأَصَابِعِ) مِنْ الْيُمْنَى (ثُمَّ) مَسْحُ (يُسْرَاهُ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا فَعَلَ فِي الْيُمْنَى ثُمَّ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ وُجُوبًا كَمَا تَقَدَّمَ
[دَرْسٌ] (وَبَطَلَ) التَّيَمُّمُ (بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ) مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُجْزِئُ فِيهِ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ (وَ) بَطَلَ (بِوُجُودِ الْمَاءِ) الْكَافِي أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ (قَبْلَ) الدُّخُولِ فِي (الصَّلَاةِ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ وَإِلَّا فَلَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَسُنَّ الْمَسْحُ مِنْ الْكُوعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ) قَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ ذَلِكَ الْمَسْحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيُّ الْقَائِلُ إنَّ الْمَسْحَ لِلْمِرْفَقَيْنِ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يَجْعَلُهُ الْمُصَنِّفُ سُنَّةً مَعَ أَنَّ النَّقْلَ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ) الْمُرَادُ بِالضَّرْبِ الْوَضْعُ الْخَفِيفُ لَا حَقِيقَتُهُ وَهُوَ الْإِمْسَاسُ بِعُنْفٍ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَجَوُّزٌ حَيْثُ أَطْلَقَ اسْمَ الْمَلْزُومِ وَأَرَادَ اللَّازِمَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الضَّرْبِ الْوَضْعُ وَالْإِمْسَاسُ وَقَالَ لِيَدَيْهِ رَادًّا عَلَى الْقَائِلِ أَنَّهُ يَمْسَحُ بِالثَّانِيَةِ الْوَجْهَ أَيْضًا مَعَ الْيَدَيْنِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَمْسَحُ بِالضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ الْيَدَيْنِ فَقَطْ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَمْسَحُ الْوَاجِبَ أَعْنِي الْيَدَيْنِ بِالْكُوعَيْنِ بِمَا هُوَ سُنَّةٌ لِأَنَّا نَقُولُ أَثَرُ الْوَاجِبِ بَاقٍ مِنْ الضَّرْبَةِ الْأُولَى مُضَافٌ إلَيْهِ الضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا وَفَعَلَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ مَعًا بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: نَقْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا) أَيْ بِالْيَدَيْنِ مِنْ الْغُبَارِ يَعْنِي لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ تَيَمُّمُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ كَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْأَعْضَاءِ بَلْ الْمَمْسُوحِ وَشُرِعَ النَّفْضُ الْخَفِيفُ خَشْيَةَ أَنْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ مِنْ الْغُبَارِ فِي عَيْنَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ التَّيَمُّمِ عَلَى الْحَجَرِ وَارْتَضَى هَذَا الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَشَيْخِنَا وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي عَبَقِ وَالْفِيشِيِّ مِنْ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ غَيْرُ ظَاهِرٍ
[فَضَائِل التَّيَمُّم]
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم عَلَى الْأَظْهَرِ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ كَالْوُضُوءِ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْوُضُوءِ وَهِيَ التَّطَايُرُ (قَوْلُهُ: بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ الِابْتِدَائِيَّةِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ مِنْ مُقَدِّمِ ظَاهِرِ يُمْنَاهُ وَأَمَّا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِيُسْرَاهُ فَهِيَ لِلْآلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَ ظَاهِرَ أَطْرَافِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ إلَخْ) الَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا نَقْلًا مِنْ خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِهِ بِأَنْ يَجْعَلَ أَصَابِعَهُ فَقَطْ دُونَ بَاطِنِ كَفِّهِ عَلَى ظَاهِرِ يُمْنَاهُ ثُمَّ فِي عَوْدِهِ عَلَى بَاطِنِ الذِّرَاعِ يَمْسَحُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ مَسْحِ الْيَدَيْنِ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ فَلَا يُخَلِّلُ كُلَّ يَدٍ بَعْدَ مَسْحِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْلِيلَ يَكُونُ بِبَطْنِ أُصْبُعٍ أَوْ أَكْثَرَ لَا بِجَنْبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهُ صَعِيدٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَحْصُلَ مِنْ تَخْلِيلِ وَاحِدَةٍ تَخْلِيلُ الْأُخْرَى
[مُبْطِلَات التَّيَمُّم]
(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ التَّيَمُّمُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَيَصِيرُ مَمْنُوعًا مِنْ الْعِبَادَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُبَاحَةً لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ السَّبَبُ وَالرِّدَّةُ وَالشَّكُّ فِي الْحَدَثِ أَوْ فِي السَّبَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَبْطُلُ بِكُلِّ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ فَنَوَاقِضُ الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ لَكِنَّهَا تُبْطِلُ التَّيَمُّمَ الْوَاقِعَ بَدَلًا عَنْهُ وَيَعُودُ جُنُبًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَثَمَرَتُهُ أَنَّهُ يَنْوِي التَّيَمُّمَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَلَوْ قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَعُودُ جُنُبًا يَنْوِي التَّيَمُّمَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَثَمَرَتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عَادَ جُنُبًا لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَعُودُ جُنُبًا يَقْرَؤُهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ بِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُهُ فَلَا يَبْطُلُ بِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute