للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ.

(وَ) جَازَ بَلْ نُدِبَ (تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) وَأُولِي الزَّوْجِ (الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ) رَجَاءً لِبَرَكَتِهِ (وَ) جَازَ (ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ) لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَيْ الْعُيُوبِ لِلتَّحْذِيرِ مِمَّنْ هِيَ فِيهِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ مَا لَمْ يُسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ.

(وَكُرِهَ عِدَةٌ) بِالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) لِلْآخَرِ دُونَ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ وَإِلَّا كَانَ مُوَاعَدَةً وَتَقَدَّمَ حُرْمَتُهَا.

(وَ) كُرِهَ (تَزْوِيجُ) امْرَأَةٍ (زَانِيَةٍ) أَيْ مَشْهُورَةٍ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا ذَلِكَ (أَوْ) تَزْوِيجُ (مُصَرَّحٍ لَهَا) بِالْخِطْبَةِ فِي عِدَّتِهَا (بَعْدَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَزْوِيجِ الْمُقَدِّرِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ (وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زَانِيَةٍ وَمُصَرَّحٍ لَهَا فِي الْعِدَّةِ.

(وَ) نُدِبَ (عَرْضُ) مُتَزَوِّجِ امْرَأَةٍ (رَاكِنَةٍ لَغَيْرٍ) أَيْ كَانَتْ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ الَّذِي كَانَتْ رَكَنَتْ لَهُ وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يُبْنَ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ عَدَمِ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.

(وَرُكْنُهُ) أَيْ النِّكَاحِ أَيْ أَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ (وَلِيٌّ وَ) الثَّانِي (صَدَاقٌ وَ) الثَّالِثُ (مَحَلٌّ) زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ مَعْلُومَانِ خَالِيَانِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ كَمَا يَأْتِي (وَ) الرَّابِعُ (صِيغَةٌ) وَلَمْ يُعَدَّ الشُّهُودُ مِنْ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّ مَاهِيَّةَ الْعَقْدِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّدَاقَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُمَا شَرْطَيْنِ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ فَقَالَ مُصَوَّرَةً (بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا كَمَا يَأْتِي فِي التَّفْوِيضِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ أَمَّا إنْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا

(قَوْلُهُ: تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأُولِي الزَّوْجِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ.

(قَوْلُهُ: لِفَاضِلٍ) أَيْ وَأَمَّا تَفْوِيضُ الْعَقْدِ لِغَيْرِ فَاضِلٍ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْمَسَاوِئِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ الزَّوْجُ فِي أَنَّ قَصْدَهُ التَّزَوُّجُ بِفُلَانَةَ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا يَعْلَمُهُ فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ لِيَحْذَرَ مِنْهَا وَيَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّ قَصْدَهَا التَّزَوُّجُ بِفُلَانٍ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا يَعْلَمُهُ فِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ لِتَحْذَرَ مِنْهُ

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ جَائِزًا لِمَنْ اسْتَشَارَهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَ الْمَسْئُولِ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَسْئُولِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُزُولِيِّ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ لِلْقُرْطُبِيِّ.

وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا اسْتَشَارَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَاوِئَ غَيْرَهُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَيُنْدَبُ لَهُ ذِكْرُهَا فَقَطْ، وَطَرِيقَةُ عج أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَشَى شَارِحُنَا تَبَعًا لعبق، وَاسْتَبْعَدَ بْن الْوُجُوبَ خُصُوصًا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَسْئُولُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَعْرِفَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ عِدَّةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ عَلَى مَا وَعَدَ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إخْلَافِ الْوَعْدِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا ذَلِكَ) أَيْ هَذَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا، وَأَمَّا مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيهَا وَلَيْسَتْ مَشْهُورَةً بِذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي زَوَاجِهَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ زِنَاهَا إذَا لَمْ تُحَدَّ أَمَّا إذَا حُدَّتْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي زَوَاجِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ} [النور: ٣] يُفِيدُ حُرْمَةَ نِكَاحِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ لَا يَنْكِحُهَا فِي حَالِ زِنَاهَا أَوْ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْأَلْيَقِ بِهَا أَوْ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ) أَيْ لِلَّذِي صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) وَإِذَا فَارَقَ الزَّانِيَةَ الْمُبِيحَةَ لِفَرْجِهَا لِلْغَيْرِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ كَانَتْ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَى مَنْ كَانَتْ رَكَنَتْ لَهُ أَوَّلًا فَإِنْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ وَحَلَّلَهُ وَسَامَحَهُ مِنْهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يُحْلِلْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفَسَخَ إنْ لَمْ يَبْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَنَّ عَرْضَهَا وَاجِبٌ لَا مَنْدُوبٌ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَفَسَخَ إنْ لَمْ يَبْنِ أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ مَا هُنَا مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ الْمُقَابِلِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ اُنْظُرْ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْعَرْضِ فِيمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ وَاجِبٌ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي كَلَامُهُ هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ وُجُوبِ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَاجِبًا فَأَيُّ ثَمَرَةٍ فِي الْعَرْضِ مَعَ كَوْنِ النِّكَاحِ يُفْسَخُ مُطْلَقًا طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ بَلْ سَامَحَهُ تَأَمَّلْ

[أَرْكَان النِّكَاح]

(قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ بِمَعْنَى وَكُلُّ أَرْكَانِهِ، ثُمَّ يُرَادُ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ أَيْ مَجْمُوعُ أَرْكَانِهِ وَلِيٌّ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمُفْرَدِ بِالْمُتَعَدِّدِ وَالضَّمِيرُ فِي رُكْنِهِ رَاجِعٌ لِلنِّكَاحِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَمُرَادُهُمْ بِالرُّكْنِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ فَيَشْمَلُ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَالْوَلِيَّ وَالصِّيغَةَ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الصَّدَاقَ كَذَلِكَ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِجَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ.

(قَوْلُهُ: جَعْلُهُمَا) أَيْ الصَّدَاقِ وَالشُّهُودِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: جَعْلُ الشُّهُودِ شَرْطًا وَالصَّدَاقِ رُكْنًا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ لَهُمْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) وَمُضَارِعُهُمَا كَمَاضِيهِمَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>