بَعْدَ التَّكْفِينِ أَوْ تَيَمُّمُهَا وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ التَّيَمُّمَ يَجِبُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَالْمُتَيَمِّمُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ آيِسًا مِنْ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ رَاجِيًا (فَالْآيِسُ) أَيْ الْجَازِمُ أَوْ الْغَالِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمَ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ لُحُوقَهُ أَوْ زَوَالَ الْمَانِعِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ يَتَيَمَّمُ نَدْبًا (أَوَّلَ الْمُخْتَارِ) لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ الْوَقْتِ (وَالْمُتَرَدِّدُ) أَيْ الشَّاكُّ أَوْ الظَّانُّ ظَنًّا قَرِيبًا مِنْهُ (فِي لُحُوقِهِ) مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِهِ أَمَامَهُ (أَوْ) فِي (وُجُودِهِ) يَتَيَمَّمُ نَدْبًا (وَسَطَهُ) وَمِثْلُهُ مَرِيضٌ عَدِمَ مُنَاوِلًا وَخَائِفُ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ وَمَسْجُونٍ فَيُنْدَبُ لَهُمْ التَّيَمُّمُ وَسَطَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ آيِسًا أَوْ رَاجِيًا (وَالرَّاجِي) وَهُوَ الْجَازِمُ أَوْ الْغَالِبُ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُهُ أَوْ لُحُوقُهُ فِي الْوَقْتِ بِتَيَمُّمٍ (آخِرَهُ) نَدْبًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ حِينَ خُوطِبَ بِالصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لِلْمَاءِ فَدَخَلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦] (وَفِيهَا تَأْخِيرُهُ) أَيْ الرَّاجِي (الْمَغْرِبَ لِلشَّفَقِ) وَهُوَ كَالْمُعَارِضِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ هُنَا الِاخْتِيَارِيُّ وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مُقَدَّرٌ بِفِعْلِهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا وَعَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ التَّيَمُّمُ بِلَا تَأْخِيرٍ وَقَوْلُنَا كَالْمُعَارِضِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَرْعُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ مُمْتَدٌّ لِلشَّفَقِ فَلَا مُعَارَضَةَ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْفَرْعَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ تَأْخِيرِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الضَّرُورِيِّ لَتَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ آيِسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وَاجِبَاتِهِ وَهِيَ النِّيَّةُ وَتَعْمِيمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ وَاسْتِعْمَالُ الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى وَالْمُوَالَاةُ شَرَعَ فِي سُنَنِهِ بِقَوْلِهِ (وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْوَجْهِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ فَإِنْ نَكَّسَ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ إنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
اللَّخْمِيُّ وَأَصْلُهُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ الْقَصَّارِ وَالْوَقَارِ فِي الْخَشَبِ وَقَالَهُ سَنَدٌ وَالْقَرَافِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَالشَّبِيبِيُّ هُوَ الْأَرْجَحُ وَالْأَظْهَرُ اهـ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ اعْتَمَدَهُ أَيْضًا طفى وَشَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وعبق
(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّكْفِينِ) أَيْ بَعْدَ الْإِدْرَاجِ فِي الْكَفَنِ إذَا غُسِلَتْ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَيَمُّمُهَا أَيْ وَبَعْدَ تَيَمُّمِهَا الْحَاصِلِ بَعْدَ التَّكْفِينِ إذَا لَمْ تُغْسَلْ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَيَمِّمُ) أَيْ لِعَدَمِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْجَازِمُ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْآيِسَ لَهُ أَفْرَادٌ سِتَّةٌ وَالْمُتَرَدِّدَ لَهُ أَفْرَادٌ أَرْبَعَةٌ وَأَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ فِي الْحُكْمِ ثَلَاثَةٌ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ وَالرَّاجِي لَهُ أَفْرَادٌ أَرْبَعَةٌ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ لُحُوقُهُ) أَيْ أَوْ الْجَازِمُ أَوْ الْغَالِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ لُحُوقِ الْمَاءِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِهِ أَمَامَهُ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْمُخْتَارِ إلَخْ) فَإِنْ تَيَمَّمَ الْآيِسُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ مَاءً فِي الْوَقْتِ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَجَدَ مَا أَيِسَ مِنْهُ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ ح وَالْمَوَّاقُ وَنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ وُجِدَ مِمَّا أَيِسَ مِنْهُ أَعَادَ لِخَطَئِهِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ حَيْثُ حَكَاهُ بِقِيلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمُتَرَدِّدِ فِي تَيَمُّمِهِ وَسَطَ الْوَقْتِ مَرِيضٌ عَدِمَ مُنَاوِلًا أَيْ أَوْ آلَةً وَقَوْلُهُ: وَخَائِفُ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ أَيْ عَلَى الْمَاءِ وَأَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِلطِّرَازِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ آيِسًا أَوْ رَاجِيًا) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الطِّرَازِ الْمَرِيضُ الَّذِي عَدِمَ مُنَاوِلًا أَوْ آلَةً وَالْخَائِفُ مِنْ لِصٍّ أَوْ مِنْ سَبُعٍ عَلَى الْمَاءِ وَالْمَسْجُونِ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّيَمُّمُ وَسَطَ الْوَقْتِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانُوا آيِسِينَ أَوْ مُتَرَدِّدِينَ أَوْ رَاجِينَ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ مِنْ جَرَيَانِ التَّفْصِيلِ وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَدَمُ آلَةِ رَفْعِهِ كَعَدَمِهِ فَجُعِلَ عَدَمُ آلَةِ الْمَاءِ كَعَدَمِ الْمَاءِ فِي التَّفْصِيلِ وَمِثْلُهُ عَدَمُ الْمُنَاوِلِ عَلَى الظَّاهِرِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الطِّرَازِ عَلَى الْمُتَرَدِّدِينَ وَحِينَئِذٍ فَيَتَوَافَقَانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ آخِرَهُ نَدْبًا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: فَدَخَلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: ٦] أَيْ فَكَانَ مُقْتَضَى الْأَمْرِ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لَكِنَّهُ أَخَّرَ نَظَرًا لِرَجَائِهِ فَجَعَلَ لَهُ حَالَةً وُسْطَى إنْ قُلْت جَعْلُ التَّأْخِيرِ مَنْدُوبًا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَعَادَ الْمُقَصِّرُ أَيْ الْمُخَالِفُ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْوُجُوبُ قُلْت الْمَنْدُوبُ قَدْ تُعَادُ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ فِي الْوَقْتِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّغِيرَةَ تُؤْمَرُ نَدْبًا بِالسِّتْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْحُرَّةِ فَإِنْ تَرَكَتْ ذَلِكَ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ عَلَى أَنَّ الْإِعَادَةَ هُنَا مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ تَأْخِيرِ الرَّاجِي (قَوْلُهُ: وَقَوْلُنَا كَالْمُعَارِضِ) أَيْ وَلَمْ نَقُلْ أَنَّهُ مُعَارِضٌ لَهُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) كَذَا فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ح وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَمَرَهُ بِالتَّأْخِيرِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِالِامْتِدَادِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَرْعُ مَبْنِيًّا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ وَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِمْ الرَّاجِي يُؤَخِّرُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ فَيُقَالُ إلَّا فِي الْمَغْرِب وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا اهـ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ كَانَ) أَيْ عَادِمَ الْمَاءِ
[سُنَن التَّيَمُّم]
(قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي سُنَنِهِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى مَا قَالَ غَيْرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute