بِالْفَكِّ، وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ وَحُجِرَ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدِينُ فَأَطْلَقَهُ أَوَّلَ الْبَابِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَهُنَا عَلَى الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ (فَبَاعُوا) مَالَهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ (وَاقْتَسَمُوا) الثَّمَنَ عَلَى حَسَبِ دُيُونِهِمْ أَوْ اقْتَسَمُوا السِّلَعَ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ حَيْثُ يُسَوَّغُ ذَلِكَ (ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ) بَعْدَ ذَلِكَ فَفَلِسَ (فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ) فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرَيْنِ وَفِيمَا تَجَدَّدَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِهِمْ فَضْلَةٌ (كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) أَيْ حُكْمِهِ بِخَلْعِ الْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ فَدَايَنَ غَيْرُهُمْ فَلَا دَخْلَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ فَضْلَةٌ (إلَّا) أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْآخَرِينَ (كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ وَ) أَرْشِ (جِنَايَةٍ) وَوَصِيَّةٍ وَخَلْعٍ فَلِلْأَوَّلِينَ الدُّخُولُ مَعَ الْآخَرِينَ.
[دَرْسٌ] ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ بِقَوْلِهِ (وَبَيْعُ مَالُهُ) أَيْ بَاعَهُ الْحَاكِمُ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارُ لِلْمُفَلَّسِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْقَائِمَيْنِ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ الطَّعْنَ فِي بَيِّنَةِ صَاحِبِهِ وَبَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ، وَلَا أَسْقَطَهُ، وَلَا أَحَالَ بِهِ وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ (بِحَضْرَتِهِ) نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ (بِالْخِيَارِ) لِلْحَاكِمِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفَلَّسِ الرَّدُّ أَيَّامًا (ثَلَاثًا) لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ابْنِ الْقَصَّارِ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَائِلَيْنِ لَا يَنْفَكُّ حَجْرٌ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَنْسَبَ) أَيْ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَانِيًا لَمَّا تَجَدَّدَ مِنْ الْمَالِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ فَكِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ) أَيْ مِمَّا بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ فَبَاعُوا إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ قَامُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا فَتَرَكُوهُ فَدَايَنَ آخَرِينَ، ثُمَّ فَلَّسُوهُ دَخَلَ الْأَوَّلُونَ مَعَ الْآخَرِينَ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَسُوغُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ مُوَافِقًا لِمَا بِيَدِهِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ فَلَا دُخُولَ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ الشَّرْطِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ أَيْ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ هَذَا تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ، ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ إنَّ الْآخَرِينَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ) أَيْ فِي أَثْمَانِ السِّلَعِ الَّتِي أَخَذَهَا (قَوْلُهُ وَفِيمَا تَجَدَّدَ) أَيْ وَلَا فِيمَا تَجَدَّدَ عَنْ أَثْمَانِ تِلْكَ السِّلَعِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْآخَرِينَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ) أَيْ بِيَدِ الْمُفْلِسِ عَنْ دَيْنِ الْآخَرِينَ فَضْلَةٌ فَيَتَحَاصَصُ فِيهَا الْأَوَّلُونَ كَمَا لَوْ كَانَتْ السِّلَعُ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَقْتَ التَّفْلِيسِ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ لِكَسَادِهَا، ثُمَّ بَعْدَ التَّفْلِيسِ حَصَلَ فِيهَا رَوَاجٌ وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُفَلَّسُ إذَا كَانَ مَا بِيَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ بِخَلْعِ الْمَالِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَسْمٌ لِلْمَالِ بَلْ وَقَعَ الْقَسْمُ مِنْهُمْ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ فَضْلَةٌ) أَيْ بَعْدَ وَفَاءِ الْآخَرِينَ دَيْنَهُمْ فَإِنَّ الْأَوَّلِينَ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ الْأَوَّلِينَ مَعَ الْآخَرِينَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَ الْآخَرِينَ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا إذَا اسْتَفَادَ مَالًا مِنْ غَيْرِ أَمْوَالِ الْآخَرِينَ كَإِرْثٍ (قَوْلُهُ مَعَ الْآخَرِينَ) أَيْ فَيَتَحَاصُّونَ كُلُّهُمْ فِيهِ.
[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]
(قَوْلُهُ إلَى بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ) أَيْ التَّفْلِيسِ (قَوْلُهُ وَبِيعَ مَالُهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِحَضْرَةِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ، وَقَوْلُهُ وَبِيعَ مَالُهُ ظَاهِرُهُ الشُّمُولُ لِلدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاخْتَارَهُ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى إبْقَائِهَا حَتَّى تُقْبَضَ، وَقِيلَ إنَّهَا لَا تُبَاعُ وَتَبْقَى عَلَى آجَالِهَا اهـ شب (قَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ كُلُّ غَرِيمٍ دَيْنَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ إعْذَارِ الْحَاكِمِ لِلْمُفَلَّسِ فِي كُلِّ بَيِّنَةٍ وَبَعْدَ إعْذَارِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَائِمِينَ، وَالْمُرَادُ بِإِعْذَارِهِ لَهُ فِيهَا قَطْعُ عُذْرِهِ وَحُجَّتِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَلَكَ مَطْعَنٌ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ؟ وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِعْذَارَ فِي الْبَيِّنَةِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْإِعْذَارُ لِلْمُفَلَّسِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ عَنْ الدَّيْنِ فِيهِ تَسَامُحٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْقَائِمَيْنِ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْذَارَ لَيْسَ فِي الدَّيْنِ بَلْ فِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَثْبَتَتْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي بَعْضِ طُرُرِهِ تَأَمَّلْ هَلْ هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ قَضَاءٍ وَهُمْ إنَّمَا أَوْجَبُوهَا عَلَى طَالِبٍ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ إمَّا حَالًا فَقَطْ كَالْغَائِبِ أَوْ حَالًا وَمَآلًا كَالْمَيِّتِ أَوْ هِيَ يَمِينُ مُنْكِرٍ فَلَا تَتَوَجَّهُ إلَّا بِدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَبَضَ أَوْ أَسْقَطَ مَثَلًا وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ حَاضِرًا وَادَّعَى قَضَاءَ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَيَمِينُ طَالِبِهِ يَمِينُ مُنْكِرٍ لَا يَمِينُ قَضَاءٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ خِيَارٍ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْبَتَّ (قَوْلُهُ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ) فَإِذَا زَادَ أَحَدٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدَّ الْحَاكِمُ بَيْعَهُ وَبَاعَ لِهَذَا الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَلِذَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا، وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا، وَهَذَا بِخِلَافِ خِيَارِ التَّرَوِّي فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ كَمَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ الْبَيْعَ بِخِيَارِ التَّرَوِّي وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ خِيَارُ الْحَاكِمِ ثَلَاثًا بَعْدَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute