للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا مَا يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ (وَلَوْ كُتُبًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ احْتَاجَ لَهَا وَلَوْ فِقْهًا وَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ (أَوْ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا) قَالَ فِيهَا الْقَضَاءُ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقُنْيَةِ كَدَارِهِ وَخَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ وَسَرْجِهِ وَسِلَاحِهِ وَخَاتَمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ، وَبِيعَ عَلَيْهِ ثَوْبَا جُمُعَتِهِ إنْ كَانَ لَهُمَا قِيمَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ مَلْبُوسُ جُمُعَتِهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ (وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ) الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ الْمُحْتَاجِ لَهَا (تَرَدُّدٌ) لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَحْدَهُ، وَأَمَّا كَثِيرَةُ الْقِيمَةِ وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ لَهَا فَتُبَاعُ جَزْمًا (وَأَوْجَرَ رَقِيقَهُ) الَّذِي لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ (بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) فَلَا تُؤَاجَرُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ وَأَوْلَى الْمُكَاتَبُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ نَعَمْ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ (وَلَا يُلْزَمُ) الْمُفَلَّسُ بَعْدَ أَخْذِ مَا بِيَدِهِ (بِتَكَسُّبٍ) لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ (وَتَسَلُّفٍ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ، وَلَا قَبُولُهُ، وَلَا قَبُولُ صَدَقَةٍ، وَلَا هِبَةٍ (وَ) لَا (اسْتِشْفَاعٍ) أَيْ أَخْذُ شِقْصٍ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ فَضْلٌ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ (وَ) لَا (عَفْوٍ) عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهُ (لِلدِّيَةِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهَا لِيُوَفِّيَ بِهَا دَيْنَهُ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا بِخِلَافِ مَا يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ، فَيَلْزَمُ بِعَدَمِ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ) الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤَاجَرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْخِيَارِ ثَلَاثًا بِسِلَعِ الْمُفَلَّسِ بَلْ كُلُّ مَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ سِلَعِ غَائِبٍ وَمَغْنَمٍ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ إلَّا مَا يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ) أَيْ كَطَرِيِّ اللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَاكِهَةِ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهَا إلَّا سَاعَةً مِنْ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كُتُبًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْكُتُبَ لَا تُبَاعُ أَصْلًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَآلَةِ ذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ) أَيْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فَإِنَّ فِيهَا تَرَدُّدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْحِفْظَ قَدْ ذَهَبَ الْآنَ فَلِذَا أَجْرَاهَا بَعْضُهُمْ عَلَى آلَةِ الصَّانِعِ (قَوْلِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا كَثِيرَةً فِي نَفْسِهِمَا وَيُحْتَمَلُ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا بِالنَّظَرِ لِصَاحِبِهِمَا وَإِذَا بِيعَا فَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهُمَا كَمَا أَنَّ دَارَ سُكْنَاهُ تُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهَا فَلَا تُبَاعُ (قَوْلُهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ) أَيْ الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْأَثْوَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّثْنِيَةِ، وَقَدْ أُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّثْنِيَةَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ لُبْسُ ثَوْبَيْنِ قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ أَوْ جُبَّةٍ وَرِدَاءٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ) أَيْ مِنْ لُبْسِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَوْبٍ وَشَيْءٍ آخَرَ يَجْعَلُهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ أَوْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ (قَوْلُهُ وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا تَرَدُّدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ الصَّائِغَ تَرَدَّدَ فِي آلَةِ الصَّانِعِ الْمُحْتَاجِ لَهَا هَلْ هِيَ مِثْلُ ثِيَابِ الْجُمُعَةِ لَا تُبَاعُ إلَّا إذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهَا أَوْ تُبَاعُ مُطْلَقًا؟ قَلَّتْ قِيمَتُهَا أَوْ كَثُرَتْ فَكَثِيرَةُ الْقِيمَةِ مَجْزُومٌ بِبَيْعِهَا وَالتَّرَدُّدُ فِي قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ أَيْ وَعَدَمِ بَيْعِهَا وَإِنَّمَا تُبَاعُ إذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا كَثِيَابِ الْجُمُعَةِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَحْدَهُ) وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَاهُ التَّحَيُّرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ فَمَعْنَاهُ الِاخْتِلَافُ كَأَنْ يَنْقُلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلًا جَازِمًا بِهِ وَيَنْقُلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ قَوْلًا مُغَايِرًا لَهُ جَازِمًا بِهِ فَإِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي مِثْلِ هَذَا بِتَرَدُّدٍ كَانَ بِمَعْنَى خِلَافٍ فِي النَّقْلِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) اللَّخْمِيُّ تُبَاعُ خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَإِنْ طَالَ الْأَجَلُ كَعَشْرِ سِنِينَ وَيُبَاعُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ بَعْدَ الدَّيْنِ تُبَاعُ رَقَبَتُهُ لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْقِنُّ فَهَذَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ ادَّعَى فِي أَمَةٍ أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ يَكُونَ قَدْ فَشَا ذَلِكَ قَبْلَ ادِّعَائِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ قَائِمٌ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ أَنَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَلَوْ عَامَلَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى التَّكَسُّبِ إذَا فُلِّسَ وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَسَوَاءٌ كَانَ صَانِعًا أَوْ تَاجِرًا. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ جَبْرِهِ عَلَى التَّكَسُّبِ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ التَّكَسُّبَ فِي عَقْدِ الدَّيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ) أَيْ يَطْلُبَ مَالًا عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لِأَجْلِ وَفَاءِ غُرَمَائِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا قَبُولُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ (قَوْلُهُ فِيهِ فَضْلٌ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ) أَيْ وَابْتِدَاءُ الْمِلْكِ وَاسْتِحْدَاثُهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ أُخْرَى وَلَوْ مَاتَ الْمُفَلَّسُ عَنْ شُفْعَةٍ فَالشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْغُرَمَاءِ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ وَلَا عَفْوٍ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ بِعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ لِأَجْلِ أَخْذِ الدِّيَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْقَوَدُ وَالْعَفْوُ مَجَّانًا وَعَلَى الدِّيَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ مَجَّانًا فَقَطْ فَلَا يَتَأَتَّى إلْزَامُهُ عَلَى الْعَفْوِ لِأَجْلِ الدِّيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعٌ مِنْ صِحَّةِ ثُبُوتِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ الْجَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>