للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ وَإِنْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ انْتَزَعَهُ فَلَهُمْ أَخْذُهُ (أَوْ) انْتِزَاعُ أَيْ اعْتِصَارُ (مَا وَهَبَهُ) قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ (لِوَلَدِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ بِخِلَافِ مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَ الْإِحَاطَةِ فَلَهُمْ رَدُّهُ، ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِهِ مِنْ تَعْجِيلٍ وَاسْتِينَاءٍ بِقَوْلِهِ (وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ) أَيْ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرْضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُتَرَبَّصُ بِهِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ طَلَبًا لِلزِّيَادَةِ، ثُمَّ يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَفِيهِ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا أَوْ بِلَا خِيَارٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ) وَعَرْضِهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ (كَالشَّهْرَيْنِ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ بِالنَّظَرِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ، وَأَمَّا مَا يُخْشَى فَسَادُهُ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا كَسَاعَةٍ، وَأَمَّا نَحْوُ سَوْطٍ وَدَلْوٍ فَيُبَاعُ عَاجِلًا.

(وَقُسِمَ) مَالُ الْمُفَلَّسِ الْمُتَحَصِّلِ (بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ) بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَيَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تَجْمَعَ الدُّيُونَ وَتَنْسُبَ كُلَّ دَيْنٍ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَ لِغَرِيمٍ عِشْرُونَ وَلِآخَرَ ثَلَاثُونَ وَلِآخَر خَمْسُونَ فَالْمَجْمُوعُ مِائَةٌ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ لَهَا خَمْسٌ، وَنِسْبَةُ الثَّلَاثِينَ لَهَا خَمْسٌ وَعَشْرٌ، وَنِسْبَةُ الْخَمْسِينَ لَهَا نِصْفٌ، فَإِذَا كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عِشْرِينَ أَخَذَ صَاحِبُ الْخَمْسِينَ نِصْفَهَا عَشَرَةً وَصَاحِبُ الثَّلَاثِينَ خُمُسَهَا وَعُشْرَهَا سِتَّةً وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ خُمُسَهَا أَرْبَعَةً.

وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهِيَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لَمَجْمُوع الدُّيُونِ فَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مِائَةٌ وَلِآخَرَ خَمْسُونَ وَلِآخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَنِسْبَتُهُ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ النِّصْفُ فَكُلُّ غَرِيمٍ يَأْخُذُ نِصْفَ دَيْنِهِ (بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ) أَيْ لَا يُكَلِّفُ الْقَاضِي غُرَمَاءَ الْمُفَلَّسِ، وَكَذَا غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ إثْبَاتَ أَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ جَبْرُهُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ حَبَسَ حَبْسًا وَشَرَطَ أَنْ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَلِغُرَمَائِهِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى مُحَمَّدٌ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ ذَلِكَ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُجْبَرُ الْمُفَلَّسُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرِهِ.

{تَنْبِيهٌ} قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ كَانَ الْمُفَلَّسُ امْرَأَةً فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا مُعَجَّلَ مَهْرِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ لِلزَّوْجِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهَا إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الدِّينَارَ وَنَحْوَهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَأَمَّا مَا تَدَايَنَتْهُ بَعْدَ دُخُولِ زَوْجِهَا فَإِنَّ مَهْرَهَا يُؤْخَذُ فِيهِ هَذَا نَصُّ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهَا نَظَرٌ وَسَكَتَ عَنْ كَالِئِهَا كَمُؤَخَّرِ الصَّدَاقِ هَلْ لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُهُ فِي دَيْنِهِمْ أَمْ لَا؟ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ لِلزَّوْجِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ اعْتِصَارُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ الِانْتِزَاعَ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ، وَمَجَازِهِ بِالنِّسْبَةِ لِانْتِزَاعِ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِيهِ اعْتِصَارٌ فَإِطْلَاقُ الِانْتِزَاعِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ لُغَةً لِأَخْذِ السَّيِّدِ مَالَ رَقِيقِهِ وَلِأَخْذِ الْوَالِدِ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ انْتِزَاعٌ فَالْمَجَازُ عُرْفِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُسْتَأْنَى) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتَرَبَّصُ بِهِ أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ أَيْ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا أَيْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِالْعَقَارِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤَخَّرُ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا، ثُمَّ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَى عَقَارِهِ وَعَلَى عَرْضِهِ إذَا كَانَ كَثِيرَ الْقِيمَةِ، وَقَوْلُهُ كَالشَّهْرَيْنِ أَيْ ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ لَمْ يُسْتَأْنَ بِذَلِكَ خُيِّرَ الْمُفَلَّسُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي سِلَعِ الْمُفَلَّسِ حَيْثُ بَاعَهَا بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ إذَا أَمْضَى الْمُفَلَّسُ بَيْعَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُسْتَأْنَى فِي بَيْعِ رَبْعِ الْمُفَلَّسِ يَتَسَوَّقُ بِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْعَرْضُ فَيَتَسَوَّقُ بِهِمَا يَسِيرًا وَالْحَيَوَانُ أَسْرَعُ بَيْعًا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَأْنَى بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ مِثْلَ الدَّارِ ابْنُ رُشْدٍ لَفْظُهُ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْعَرْضَ كَالْعَقَارِ يُسْتَأْنَى بِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ يُسْتَأْنَى بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ أَنَّ الْعُرُوضَ الَّتِي كَالدُّورِ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ يُسْتَأْنَى بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِنِسْبَةِ كُلِّ دَيْنٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي عَمَلِ الْمُحَاصَّةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ) أَيْ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ دَيْنِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُكَلِّفُ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُقَسِّمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُكَلِّفَهُمْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِحَصْرِهِمْ وَمَوْتِ مُوَرِّثِهِمْ وَتَعَدُّدِهِمْ أَيْ مَرْتَبَتِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ وَأَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>