للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ) أَيْ بِالْقَسْمِ (إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ) لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ غَرِيمٍ آخَرَ وَالذِّمَّةُ قَدْ خَرِبَتْ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَلَا يُسْتَأْنَى لِعَدَمِ خَرَابِ الذِّمَّةِ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي الْمُفَلَّسِ الْحَاضِرِ أَوْ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدِهَا حَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا اُسْتُؤْنِيَ كَالْمَوْتِ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِبُعْدِ الْغَيْبَةُ مَا قَابَلَ الْقَرِيبَةَ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَةَ (وَقُوِّمَ) دَيْنٌ عَلَى الْمُفَلَّسِ (مُخَالِفُ النَّقْدِ) مِنْهُ مِنْ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ بِأَنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا مُتَّفِقَ الصِّفَةِ أَوْ مُخْتَلِفَهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَقْوِيمٌ (يَوْمَ الْحِصَاصِ) أَيْ قَسْمُ الْمَالِ يُقَوَّمُ حَالًّا وَلَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ حَلَّ بِالْفَلَسِ (وَاشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَصِفَتِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ (بِمَا يَخُصُّهُ) فِي الْحِصَاصِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ كَأَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةَ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ لِشَخْصٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ أَيْضًا عُرُوضٌ تُسَاوِي مِائَةً وَطَعَامٌ يُسَاوِي مِائَةً فَلِصَاحِبِ الْمِائَةِ ثُلُثُ مِائَةِ الْمُفَلَّسِ وَيُشْتَرَى لِصَاحِبِ الْعَرْضِ عَرْضٌ صِفَةُ عَرْضِهِ بِثُلُثِهِ الثَّانِي وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ صِفَةُ طَعَامِهِ بِالثُّلُثِ الثَّالِثِ، وَجَازَ مَعَ التَّرَاضِي أَخْذُ الثَّمَنِ إنْ خَلَا مِنْ مَانِعٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَمَضَى) الْقَسْمُ (إنْ رَخُصَ) السِّعْرُ بِالضَّمِّ كَكَرُمَ عِنْدَ الشِّرَاءِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ بِمَا نَابَهُ مَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ جَمِيعَ دَيْنِهِ (أَوْ غَلَا) كَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ سُدُسَ دَيْنِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْبَلَدِ فَلَا كُلْفَةَ فِي إثْبَاتِهِ وَالدَّيْنُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهُ غَالِبًا فَإِثْبَاتُ حَصْرِ الْغُرَمَاءِ مُتَعَسِّرٌ اهـ ثُمَّ إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِلْوَرَثَةِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْقَطْعِ بِأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى هَذَا فَلَوْ قَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَ هَذَا قَطْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُعَجِّلُ بِقَسْمِ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بَلْ يَسْتَأْنِي بِهِ وُجُوبًا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ غَرِيمٍ آخَرَ فَتُجْمَعُ الْغُرَمَاءُ، وَأَمَّا الْمُفَلَّسُ فَلَا يَسْتَأْنِي بِقَسْمِ مَالِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ كَانَ بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَكَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِ الْحَاضِرِينَ مِنْ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ كَانَ يَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِي بِالْقَسْمِ بِاجْتِهَادِهِ فَفِي مَفْهُومِ الْمَوْتِ وَهُوَ الْمُفَلَّسُ تَفْصِيلٌ.

(قَوْلُهُ فَقَطْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إنْ عَرَفَ بِالدَّيْنِ أَيْ إنْ عَرَفَ بِالدَّيْنِ لَا غَيْرُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ فِي الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَقَطْ فَحَسْبُ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَصْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاسْتُؤْنِيَ بِالْقَسْمِ فِي الْمَوْتِ فَحَسْبُ أَيْ لَا غَيْرُهُ، وَهَذَا يُنَافِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْفَلَسِ وَأَنَّهُ قَدْ يُسْتَأْنَى فِيهِ (قَوْلُهُ وَالذِّمَّةُ قَدْ خَرِبَتْ) أَيْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا.

(قَوْلُهُ لِعَدَمِ خَرَابِ الذِّمَّةِ) أَيْ لِعَدَمِ خَرَابِهَا حَقِيقَةً وَإِنْ خَرِبَتْ حُكْمًا، وَلِذَا عَجَّلَ مَا كَانَ فِيهَا مُؤَجَّلًا مِنْ الدَّيْنِ فَذِمَّةُ الْمُفَلَّسِ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً حَقِيقَةً فَإِذَا طَرَأَ غَرِيمٌ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِذِمَّتِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِلِاسْتِينَاءِ فِي الْفَلَسِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ زَالَتْ بِالْمَرَّةِ فَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِذِمَّتِهِ فَلِذَا وَجَبَ الِاسْتِينَاءُ فِي الْمَوْتِ وَلِأَنَّ الْمُفَلَّسَ لَوْ كَانَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ لَأَعْلَمَ بِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِعْلَامُ بِهِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُخَالِفِ مِنْ جُمْلَةِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ مُقَوَّمٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمُخَالِفِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَرْضًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ مُخَالِفًا لِلنَّقْدِ عَرْضًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَقْوِيمٌ أَيْ بَلْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَحَاصِلُهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُفَلَّسِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا نَقْدٌ وَبَعْضُهَا عَرْضٌ وَبَعْضُهَا طَعَامٌ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ دَنَانِيرُ وَلِأَحَدِهِمْ عُرُوضٌ وَلِبَعْضِهِمْ طَعَامٌ فَإِنَّ مَا خَالَفَ النَّقْدَ مِنْ مُقَوَّمٍ وَمِثْلِيٍّ يُقَوَّمُ يَوْمَ قَسْمِ الْمَالِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمِ الْحِصَاصِ فَإِذَا كَانَ لِغَرِيمٍ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَيْهِ وَلِغَرِيمٍ عَرْضٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِآخَرَ طَعَامٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ النَّقْدِ ثُلُثَهَا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ الثُّلُثُ فَيُعْطِي لِصَاحِبِ النَّقْدِ مَنَابَهُ وَيَشْتَرِي لِصَاحِبِ الْعَرْضِ عَرْضًا مِنْ صِفَةِ عَرْضِهِ بِمَا نَابَهُ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الطَّعَامِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرَى إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِ مُخَالِفِ النَّقْدِ إذَا كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ نَقْدًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ عُرُوضًا مُوَافِقَةً لِمَالِ الْمُفَلَّسِ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْوِيمِ بَلْ يَتَحَاصُّونَ بِنِسْبَةِ عَرْضِ كُلٍّ لِمَجْمُوعِ الْعُرُوضِ (قَوْلُهُ وَمَضَى إنْ رَخُصَ أَوْ غَلَا) فَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُفَلَّسِ مِائَةُ دِينَارٍ لِوَاحِدٍ وَعَشَرَةُ أَرَادِبَ لِوَاحِدٍ وَعَشَرَةُ أَثْوَابٍ لِوَاحِدٍ وَقُوِّمَ كُلٌّ مِنْ الْأَرَادِبِ وَالثِّيَابِ بِمِائَةٍ فَجُمْلَةُ الدَّيْنِ ثَلَثُمِائَةٍ وَكَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةً فَاقْتَسَمَهَا أَرْبَابُ الدُّيُونِ فَخَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَلَمْ يَشْتَرِ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَوْ الثِّيَابِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى لَهُ خَمْسَةَ أَرَادِبَ أَوْ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ أَوْ عَشَرَةً فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْضِي فِيمَا بَيْنَ رَبِّ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ رُجُوعٌ فِي الرُّخْصِ بَلْ يَفُوزُ بِنِصْفِ دَيْنِهِ أَوْ كُلِّهِ دُونَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُ نُحَاصِصُكَ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ دَيْنِكَ بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا زَادَهُ الرُّخْصُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى دَيْنِهِ فَيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>