للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) إنَّمَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ (إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ) اللَّازِمَةُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي يَوْمَ قَبْضِهِ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً وَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَشْرَةً، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ فِي ذَلِكَ (خِلَافٌ) فَمَحَلُّهُ فِي فَسْخِ الْأَوَّلِ حَيْثُ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ فَاتَ بَعْدَ بَيْعِهِ لِبَائِعِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فُسِخَ الثَّانِي فَقَطْ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فُسِخَا مَعًا بِاتِّفَاقٍ

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ وَمَسَائِلَهُ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ، وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ التَّحَيُّلُ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَالْعِينَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَيَاءٌ تَحْتِيَّةٌ فَنُونٌ، وَأَهْلُ الْعِينَةِ قَوْمٌ نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِطَلَبِ شِرَاءِ السِّلَعِ مِنْهُمْ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ فَيَذْهَبُونَ إلَى التُّجَّارِ فَيَشْتَرُونَهَا مِنْهُمْ لِيَبِيعُوهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُمْ فَهِيَ بَيْعُ مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ سِلْعَةً قَبْلَ مِلْكِهِ إيَّاهَا لِطَالِبِهَا بَعْدَ شِرَائِهَا؛ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصِدِهِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ لِيَأْخُذَ عَنْهُ كَثِيرًا، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ وَمَمْنُوعٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةً) وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ (أَنْ يَشْتَرِيَهَا) مِنْ مَالِكِهَا (لِيَبِيعَهَا) لِطَالِبِهَا مِنْهُ (بِثَمَنٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِنَمَاءٍ، وَهِيَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِهَا هَذَا إنْ بَاعَهَا لِلطَّالِبِ بِنَقْدٍ كُلِّهِ، أَوْ بِمُؤَجَّلٍ كُلِّهِ بَلْ (وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ) وَعَجَّلَ الطَّالِبُ بَعْضَهُ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَرَدَ بِلَوْ قَوْلُ الْعُتْبِيَّةِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْهَا بِعْ مِنْهَا لِحَاجَتِك، وَالْبَاقِي لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ بَيْعِ بَعْضِهَا لِحَاجَتِهِ لَا يَفِي بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَشَارَ لِلْقَسَمِ الثَّانِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَاسِدٌ لِثَمَنٍ وَلَا مُثَمِّنٍ، وَإِنَّمَا فُسِخَ لِأَجْلِ أَنَّهُمَا تَطَرَّقَا بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الرِّبَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) أَيْ كَعَشَرَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ أَيْ كَثَمَانِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَيْ كَاثْنَيْ عَشْرَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ) أَيْ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَفْسَخْ الْأَوَّلَ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ دَفْعُ الْقِيمَةِ مُعَجَّلَةً وَهِيَ أَقَلُّ وَيَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ أَكْثَرَ وَهُوَ عَيْنُ الْفَسَادِ الَّذِي مَنَعْنَا مِنْهُ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَتْ أَوْ فَاتَتْ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّنَا إذَا فَسْخَنَا الثَّانِيَةَ وَدَفَعْنَا الْقِيمَةَ عَشَرَةً أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ وَبَقِيَتْ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا فَلَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَدْفَعُ عَشَرَةً أَوْ اثْنَيْ عَشَرَةَ وَنَأْخُذُ عَشَرَةً.

(قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا ارْتَبَطَا صَارَا كَالْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَشْهُورِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَعَلَى الثَّانِي يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَنْ لَهُ زِيَادَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ: فُسِخَا مَعًا بِاتِّفَاقٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ.

[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

(فَصْلٌ ذُكِرَ فِيهِ حُكْمُ بَيْعِ الْعِينَةِ) (قَوْلُهُ وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ) أَيْ بَيْعُ الْعِينَةِ وَقَوْلُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ، وَهُوَ بُيُوعُ الْآجَالِ وَقَوْلُهُ التَّحَيُّلُ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فَيَاءٌ تَحْتِيَّةٌ) أَيْ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا الْعَوْنُ (قَوْلُهُ لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي إلَخْ) أَرَادَ بِالْبَائِعِ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ السِّلْعَةُ وَبِالْمُشْتَرِي الطَّالِبَ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَتُهُ بَائِعًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ طُلِبَتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ لَمْ يَكُنْ بَائِعًا بَلْ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَقَطْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا سُمِّيَتْ عِينَةً لِإِعَانَةِ أَهْلِهَا لِلْمُضْطَرِّ عَلَى تَحْصِيلِ مَطْلُوبِهِ عَلَى وَجْهِ التَّحَيُّلِ بِدَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْفَصْلِ) أَيْ وَعَلَى نُسْخَةٍ بِثَمَنٍ يُقَالُ: لَا ثَمَرَةَ لِذِكْرِ ذَلِكَ إلَّا التَّوَصُّلَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَاعَ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِهَا) أَيْ لَا بِقَوْلِهِ يَشْتَرِيهَا؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ سَوَاءٌ عَجَّلَ كُلَّ الثَّمَنِ، أَوْ أَجَّلَ الْكُلَّ، أَوْ عَجَّلَ الْبَعْضَ وَأَجَّلَ الْبَعْضَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ لِلطَّالِبِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٌ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ أَيْ الَّذِينَ يَتَحَيَّلُونَ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِلَوْ وَمَوْضُوعُ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ بَعْدُ.

(قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ لِلطَّالِبِ حِينَ بَاعَهَا لَهُ: خُذْهَا إلَخْ وَلَا يَتَأَتَّى هَذَا إلَّا إذَا كَانَ الطَّالِبُ مِنْ أَهْلِ الْبِيَاعَاتِ، وَكَانَتْ السِّلْعَةُ يُمْكِنُ بَيْعُ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ مِنْهَا لِحَاجَتِكَ) أَيْ وَهُوَ مَا يَدْفَعُهُ مُعَجَّلًا لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَا يَفِي إلَخْ) الْأَوْلَى لَا يَفِي بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ أَيْ وَالشِّرَاءُ بِغُلُوٍّ وَالْبَيْعُ بِرُخْصٍ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ) أَيْ فِي رَدِّ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعُتْبِيَّةِ بِلَوْ فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>