للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبِيعَ) الْحِمَارُ (بِنَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَالٍّ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ هِيَ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ (لَمْ يُقْبَضْ) أَيْ الثَّمَنُ النَّقْدُ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ، وَكَذَا إنْ بِيعَ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ يَتَقَايَلَا إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ وَالْمَزِيدُ فِي هَذِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ.

(جَازَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ) مَعَ الْحِمَارِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الْمَزِيدُ فِضَّةً وَالثَّمَنُ ذَهَبًا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ، فَإِنْ تَأَخَّرَ الْمَزِيدُ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ سَلَفٌ مُقَارِنٌ لِلْمَبِيعِ وَهُوَ الْحِمَارُ الْمُشْتَرَى بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنٌ فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَهُوَ فَسْخٌ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَمَفْهُومُ لَمْ يُقْبَضْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا عُجِّلَ الْمَزِيدُ أَمْ لَا وَاحْتُرِزَ بِالنَّقْدِ عَنْ بَيْعِهِ بِعَرَضٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَغَيْرِهِ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ وَإِلَّا مُنِعَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا

(وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ) وَلَزِمَ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَفَسَخَ الثَّانِيَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) مَبِيعُ الْبَيْعِ (الثَّانِي) بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ (فَيُفْسَخَانِ) مَعًا لِسَرَيَانِ الْفَسَادِ لِلْأَوَّلِ بِالْفَوَاتِ وَحِينَئِذٍ لَا مُطَالَبَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدٌ قَدْ رَجَعَ لِبَائِعِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِرُجُوعِ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ وَسَقَطَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ

(وَهَلْ) فَسْخُ الْبَيْعَتَيْنِ فِي الْفَوَاتِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي (مُطْلَقًا) كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ فَسَخَ دِينَارًا مَثَلًا فِي الْعَرَضِ الْمُؤَخَّرِ وَبِيعَ الْحِمَارُ بِتِسْعَةٍ حِينَ رَدِّهِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْحِمَارِ بِنَقْدٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْحِمَارُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَمْ يُقْبَضْ ذَلِكَ الثَّمَنُ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ مَعَ الْحِمَارِ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ فِيهَا غَيْرُ عَيْنٍ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ) أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَزِيدَ) أَيْ مَعَ الْحِمَارِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَبِيعَ بِنَقْدٍ وَقَوْلُهُ: تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ أَيْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَذَلِكَ سَلَفٌ أَيْ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَّرَ مَا هُوَ مُعَجَّلٌ، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَلَمْ تُقْبَضْ حَتَّى تَقَايَلَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي دِينَارًا مُؤَجَّلًا لَكَانَ الْبَائِعُ قَدْ أَخَذَ الْحِمَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِتِسْعَةٍ وَقَدْ أَسْلَفَهُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ الْحَالَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بَدَلُهُ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحِمَارُ الْمُشْتَرَى) أَيْ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي حِينَ الْإِقَالَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَزِيدُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنٌ، هَذَا أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَدْ صَرَفَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَتَوْضِيحُهُ، أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَعَ عَرَضٍ لِأَجَلٍ كَانَ الْحِمَارُ مَأْخُوذًا عَنْ تِسْعَةٍ وَالْعَاشِرُ قَدْ فُسِخَ فِي الْعَرَضِ، وَكَذَا إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَتَقَايَلَا قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى زِيَادَةِ شَيْءٍ مَعَ الْحِمَارِ مُؤَجَّلٌ فَالْحِمَارُ مَأْخُوذٌ فِي مُقَابَلَةِ تِسْعَةٍ، وَالْعَاشِرُ فُسِخَ فِي الشَّيْءِ الْمُؤَجَّلِ الْمَزِيدِ مَعَ الْحِمَارِ.

(قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ لَمْ يَقْبِضْ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ لَا عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَوْ أَجَّلَ؛ لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأُولَى.

(قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالنَّقْدِ) أَيْ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَهُوَ حَالٌّ وَقَوْلُهُ: عَنْ بَيْعِهِ بِعَرَضٍ أَيْ حَالٍّ وَتَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِهِ.

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَوْ أَجَّلَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِطْلَاقِ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) أَيْ عَرَضًا مُعَيَّنًا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إنْ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَفُسِخَ الدَّيْنُ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ حَالَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْحِمَارِ ثَوْبًا لِأَجَلٍ فَالْحِمَارُ مَأْخُوذٌ فِي مُقَابَلَةِ تِسْعَةٍ وَهَذَا بَيْعٌ وَالثَّوْبُ الْعَاشِرُ سَلَفٌ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَإِنْ رَدَّ مَعَ الْحِمَارِ شَاةً فَقَدْ فُسِخَ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ فِي الشَّاةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ بِحَالٍ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ مُؤَجَّلًا وَهُوَ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ فَيَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَوَّلُ) هُوَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَسْبَقَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ أَوَّلِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ الْأَوَّلِ فَقَطْ هُوَ الْأَصَحُّ وَخَالَفَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ يُفْسَخَانِ مَعًا وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ.

(قَوْلُهُ: بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُهُ أَيُّ مُفَوِّتٍ كَانَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ أَنَّهُ لَا يُفَوَّتُ هُنَا إلَّا الْعُيُوبُ الْمُفْسِدَةُ وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَاخْتَلَفُوا بِمَ تَفُوتُ بِهِ السِّلْعَةُ فَقِيلَ: إنَّهَا تَفُوتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَأَعْلَى وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ إذْ هُوَ لَيْسَ بَيْعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>