للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَسَّلَهَا (مَحْرَمٌ) نَسَبًا أَوْ صِهْرًا أَوْ رَضَاعًا وَيَلُفُّ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً غَلِيظَةً لِئَلَّا يُبَاشِرَ جَسَدَهَا وَيَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلًا كَثَوْبٍ يُعَلَّقُ بِالسَّقْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (فَوْقَ ثَوْبٍ) يَمْنَعُ النَّظَرَ إلَيْهَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَحْرَمٌ وَلَيْسَ إلَّا رِجَالٌ أَجَانِبُ (يُمِّمَتْ) أَيْ يَمَّمَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ (لِكُوعَيْهَا) فَقَطْ وَجَازَ مَسُّهَا لِلضَّرُورَةِ مَعَ ضَعْفِ اللَّذَّةِ بِالْمَوْتِ

(وَسُتِرَ) الْغَاسِلِ الْمَيِّتَ (مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتَيْهِ وَإِنْ) كَانَ (زَوْجًا) أَوْ سَيِّدًا وُجُوبًا فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَنَدْبًا فِيمَا بَعْدَهَا فَالْمُبَالَغَةُ فِي مُجَرَّدِ طَلَبِ السَّتْرِ

(وَرُكْنُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَرْبَعَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ وَسَيَأْتِي خَامِسٌ أَوَّلُهَا (النِّيَّةُ) بِأَنْ يَقْصِدَ الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ وَلَا اعْتِقَادَ أَنَّهَا ذَكَرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أُنْثَى وَلَا عَكْسُهُ إذْ الْمَقْصُودُ بِالدُّعَاءِ هَذَا الْمَيِّتَ وَلَا عَدَمُ مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَدَعَا حِينَئِذٍ إنْ شَاءَ بِالتَّذْكِيرِ وَإِنْ شَاءَ بِالتَّأْنِيثِ.

(وَ) ثَانِيهَا (أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ جِيءَ بِجِنَازَةٍ بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ عَلَى أُخْرَى فَلَا يُشْرِكُهَا مَعَهَا (وَإِنْ زَادَ) الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ تَأْوِيلًا وَكَذَا سَهْوًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ (لَمْ يُنْتَظَرْ) بَلْ يُسَلِّمُونَ وَصَحَّتْ لَهُمْ كَصَلَاتِهِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لَيْسَ كَالرَّكْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنْ اُنْتُظِرَ صَحَّتْ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ نَقَصَ سُبِّحَ لَهُ فَإِنْ رَجَعَ وَكَمَّلَ سَلَّمُوا مَعَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمَعْنَى وَلَا يَضْفِرُ وُجُوبًا بَلْ نَدْبًا لِأَنَّهُ حَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَفْعَلُ بِالشَّعْرِ كَيْفَ شَاءَ مِنْ لَفِّهِ وَأَمَّا الضَّفْرُ فَلَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَسَنٌ فِي الْفِعْلِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ غَسَّلَهَا مَحْرَمٌ) أَيْ رَجُلٌ مِنْ مَحَارِمِهَا (قَوْلُهُ نَسَبًا أَوْ صِهْرًا أَوْ رَضَاعًا) التَّعْمِيمُ فِي الْمَحْرَمِ هُنَا، وَفِي مَحْرَمِ الرَّجُلِ فِيمَا مَرَّ هُوَ ظَاهِرُ الْحَطَّابِ لِإِطْلَاقِهِ لَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ التَّعْمِيمَ فِيهِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَاعْتِرَاضُ بْن سَاقِطٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَوْقَ ثَوْبٍ) الْمُنَاسِبُ تَحْتَ ثَوْبٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَوْقَ خَلْفٌ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِهِ نَاظِرًا فَوْقَ ثَوْبٍ اهـ

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْغَاسِلُ غَيْرَ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَنَدْبًا فِيمَا بَعْدَهَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِلشَّاذِلِيِّ وَتَبِعَهُ عبق مِنْ وُجُوبِ السَّتْرِ حَتَّى لِلزَّوْجِ

[أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة]

(قَوْلُهُ النِّيَّةُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُعَادُ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَاثْنَيْنِ اعْتَقَدَهُمَا وَاحِدًا إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَتُعَادُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ الْوَاحِدَ مُتَعَدِّدًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَاحِدَ دُونَ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ) أَيْ كَمَا لَا يَضُرُّ عَدَمُ وَضْعِهَا عَنْ الْأَعْنَاقِ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَوْنِهِ لَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَ (قَوْلُهُ بِالتَّذْكِيرِ) أَيْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمَيِّتِ شَخْصًا وَ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ بِالتَّأْنِيثِ) أَيْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ نَسَمَةً

(قَوْلُهُ وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) أَيْ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ زَمَنَ الْفَارُوقِ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَرَى التَّكْبِيرَ ثَلَاثًا وَبَعْضُهُمْ أَرْبَعًا وَبَعْضُهُمْ خَمْسًا وَهَكَذَا إلَى تِسْعٍ وَاَلَّذِي لِابْنِ نَاجِيٍّ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ بَعْدَ زَمَنِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَرْبَعٍ مَا عَدَا ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّهَا خَمْسٌ وَمِثْلُ مَا لِابْنِ نَاجِيٍّ لِلنَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْرِكُهَا مَعَهَا) أَيْ بَلْ يَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْأُولَى حَتَّى يُتِمَّهَا ثُمَّ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَيَبْتَدِئَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] أَوْ لَا يَقْطَعَ وَيَتَمَادَى عَلَيْهِمَا إلَى أَنْ يُتِمَّ تَكْبِيرَ الْأُولَى وَيُسَلِّمَ وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يُكَبِّرَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ يَتَمَادَى إلَى أَنْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الثَّانِيَةِ فَيَكُونَ قَدْ كَبَّرَ عَلَى الْأُولَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَلِذَا قِيلَ لَا يَدْخُلُهَا مَعَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ لَمْ يَنْتَظِرْ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ انْتِظَارُهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّهُ يُنْتَظَرُ لِيُسَلِّمُوا مَعَهُ، وَنَصُّ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَمْسًا فَلْيَسْكُتُوا حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُونَ فِي الْخَامِسَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ أَيْ كَبَّرَ الْخَامِسَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ صَحَّتْ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ) أَيْ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَعَادَ

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَلَّمَ عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ فَإِنَّ مَأْمُومَهُ لَا يَتْبَعُهُ بَلْ إنْ كَانَ نَقَصَ سَاهِيًا سَبَّحَ لَهُ فَإِنْ رَجَعَ وَكَمَّلَ سَلَّمُوا مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَتَرَكَهُمْ كَبَّرُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مُطْلَقًا تَنَبَّهَ عَنْ قُرْبٍ وَكَمَّلَ صَلَاتَهُ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ عَنْ قُرْبٍ فَإِنْ صَلَاتَهُمْ تَبْطُلُ تَبَعًا لِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ نَقَصَ عَمْدًا وَهُوَ يَرَاهُ مَذْهَبًا لَمْ يَتْبَعُوهُ وَأَتَوْا بِتَمَامِ الْأَرْبَعِ وَصَحَّتْ لَهُمْ وَلَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ مَذْهَبًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أَتَوْا بِرَابِعَةٍ تَبَعًا لِبُطْلَانِهَا عَلَى الْإِمَامِ وَحِينَئِذٍ فَتُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنُ فَإِنْ دُفِنَتْ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>