للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَخْتَلِفُ الْفَوَاتُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ (خِلَافٌ) .

(وَصِحَّتُهُمَا) مَشْرُوطَةٌ (بِالْإِسْلَامِ) فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ صَبِيًّا ارْتَدَّ (فَيُحْرِمُ) نَدْبًا (وَلِيٌّ) أَبٌ، أَوْ غَيْرُهُ (عَنْ رَضِيعٍ) بِأَنْ يَنْوِيَ إدْخَالَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ (وَجُرِّدَ) وُجُوبًا مِنْ الْمَخِيطِ إنْ كَانَ ذَكَرًا، وَوَجْهُ الْأُنْثَى وَكَفَّاهَا كَالْكَبِيرَةِ (قُرْبَ الْحَرَمِ) أَيْ مَكَّةَ لَا مِنْ الْمِيقَاتِ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا يُقَدِّمُ الْإِحْرَامَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ وَيُؤَخِّرُ التَّجَرُّدَ لِقُرْبِ الْحَرَمِ كَمَا قِيلَ (وَ) يُحْرِمُ وَلِيٌّ أَيْضًا عَنْ مَجْنُونٍ (مُطْبَقٍ) وَهُوَ مَنْ لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَلَا يُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ، وَإِنْ مَيَّزَ بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْإِنْسَانِ مَثَلًا، وَجُرِّدَ قُرْبَ الْحَرَمِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا اُنْتُظِرَ وَلَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ إحْرَامُ غَيْرِهِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمَجْنُونِ خَاصَّةً الْفَوَاتُ فَكَالْمُطْبَقِ (لَا مُغْمًى) عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَنْهُ وَلَوْ خِيفَ فَوَاتُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الطَّوْلِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ شَبِيهٌ بِالصِّبَا لِطُولِ مُدَّتِهِ، ثُمَّ إنْ أَفَاقَ فِي زَمَنٍ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ فِيهِ أَحْرَمَ وَأَدْرَكَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ إحْرَامِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ.

(وَ) يُحْرِمُ الصَّبِيُّ (الْمُمَيِّزُ) وَهُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ مِنْ الْمِيقَاتِ إنْ نَاهَزَ الْبُلُوغَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ إلَى مَبْدَأِ وَقْتٍ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) أَيْ مِنْ ضَعْفٍ وَقُوَّةٍ فَبَعْضُهُمْ يَكُونُ كَبِيرًا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ لَا يَمْكُثُ قَوِيًّا إلَّا خَمْسَ سِنِينَ، أَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَرْبَعَةً وَبَعْدَهَا يَضْعُفُ فَيُغْتَفَرُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْعَامِ الَّذِي يَظُنُّ فِيهِ حُصُولَ الضَّعْفِ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ لِمَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُفَادُ ابْنِ الْجَلَّابِ وَابْنِ شَاسٍ فَتَنْظِيرُ ح فِي ذَلِكَ قُصُورٌ اُنْظُرْ بْن، وَلَا خِلَافَ فِي الْفَوْرِيَّةِ إذَا أَفْسَدَ حَجَّهُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ الْمُفْسَدُ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَشَهَّرَهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَابْنُ بَزِيزَةَ وَالثَّانِي شَهَّرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ وَالتِّلْمِسَانِيّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمَغَارِبَةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ قَالَ ح سِوَى الْمُصَنِّفِ هُنَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ: الظَّاهِرُ قَوْلُ مَنْ شَهَّرَ الْفَوْرِيَّةَ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ مَيْلٌ إلَيْهِ وَكَأَنَّهُ ضَعَّفَ حُجَّةَ الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَوْرِيَّةِ نَقَلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَالْقَوْلَ بِالتَّرَاخِي إنَّمَا أُخِذَ مِنْ مَسَائِلَ وَلَيْسَ الْأَخْذُ مِنْهَا بِقَوِيٍّ، وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَوْرِيَّةِ أَرْجَحُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ اهـ كَلَامُهُ.

[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

(قَوْلُهُ: وَصِحَّتُهُمَا بِالْإِسْلَامِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ النِّيَّةِ وَكُلُّ عِبَادَةٍ كَذَلِكَ فَشَرْطُ صِحَّتِهَا الْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ صِحَّتِهَا الْإِسْلَامُ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ نَدْبًا إلَخْ) أَيْ لَا وُجُوبًا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ يَجُوزُ دُخُولُهُ الْحَرَمَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَلَوْ أَرَادَ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: أَبٌ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ كَوَصِيٍّ وَمُقَدَّمِ قَاضٍ وَأُمٍّ وَغَاصِبٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَظَرٌ فِي الْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَقَرَّهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا الْوَلِيُّ الَّذِي يُحْرِمُ عَنْ الصَّبِيِّ إنَّمَا هُوَ الْوَلِيُّ الَّذِي لَهُ النَّظَرُ فِي الْمَالِ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ وَلَا يَصِحُّ إحْرَامُ الْأُمِّ عَنْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ مُقَدَّمَةً مِنْ الْقَاضِي اُنْظُرْ الزَّرْقَانِيَّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ (قَوْلُهُ: عَنْ رَضِيعٍ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّغِيرُ الْغَيْرُ الْمُمَيِّزِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَضِيعٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّضِيعَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِي الْإِحْرَامِ عَنْهُ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ لَا يُحَجُّ عَنْ رَضِيعٍ فَلَمَّا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْوِيَ إدْخَالَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ) أَيْ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْتُ إدْخَالَ هَذَا الْوَلَدِ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مُلْتَبِسًا بِالْإِحْرَامِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ أَصْلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُحْرِمُ فِي نَفْسِهِ وَيَقْصِدُ النِّيَابَةَ عَنْ الرَّضِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ.

(قَوْلُهُ: قُرْبَ الْحَرَمِ) تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ: فَيُحْرِمُ وَقَوْلُهُ وَجُرِّدَ وَمَحَلُّ تَجْرِيدِهِ قُرْبَ الْحَرَمِ إنْ لَمْ يَخَفْ الضَّرَرَ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِلَّا أَحْرَمَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيدِهِ وَيَفْتَدِي. (قَوْلُهُ: أَيْ مَكَّةَ) بَيَانٌ لِلْحَرَمِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدِّمُ الْإِحْرَامَ) أَيْ نِيَّةَ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ) قَائِلُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ قَرَّرْتُ تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قُرْبَ الْحَرَمِ مَعْمُولٌ لِجُرِّدَ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن. (قَوْلُهُ: وَيُحْرِمُ وَلِيٌّ أَيْضًا عَنْ مَجْنُونٍ مُطْبَقٍ) أَيْ وَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبِيِّ مِنْ تَأْخِيرِ إحْرَامِهِ وَتَجْرِيدِهِ إلَى قُرْبِ مَكَّةَ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ بِتَجْرِيدِهِ - قُرْبَهَا - حُصُولَ الضَّرَرِ أَحْرَمَ عَنْهُ بِغَيْرِ تَجْرِيدٍ وَيَفْتَدِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمَجْنُونِ) أَيْ الَّذِي يُفِيقُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَنْهُ) أَيْ لَا بِفَرْضٍ وَلَا بِنَفْلٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الطَّوْلِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ أَفَاقَ) أَيْ الْمُغْمَى، وَقَوْلُهُ: فِي زَمَنٍ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ فِيهِ أَحْرَمَ إلَخْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفِقْ مِنْ إغْمَائِهِ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِحْرَامِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَوُقُوفِهِمْ بِهِ فِي عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُمَيِّزُ) عَطْفٌ عَلَى " وَلِيٌّ " كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ:.

<<  <  ج: ص:  >  >>