وَوَقْتُ النَّدْبِ (عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ) لَا بِفَوْرِ الْوُلُوغِ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ كَغَسْلِ الْمَيِّتِ (وَلَا تَتْرِيبٍ) بِأَنْ يُجْعَلَ فِي الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةِ أَوْ إحْدَاهُنَّ تُرَابٌ (وَلَا يَتَعَدَّدُ) نَدْبُ الْغَسْلِ (بِوُلُوغِ كَلْبٍ) مَرَّاتٍ (أَوْ كِلَابٍ) لِإِنَاءٍ وَاحِدٍ قَبْلَ الْغَسْلِ لِتَدَاخُلِ الْأَسْبَابِ كَالْأَحْدَاثِ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَهِيَ مَائِيَّةٌ وَتُرَابِيَّةٌ صُغْرَى وَكُبْرَى وَبَدَأَ بِالْمَائِيَّةِ الصُّغْرَى فَقَالَ (فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ وَفَضَائِلَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى شُرُوطِهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ فَأَمَّا شُرُوطُهُ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا وَشُرُوطُ وُجُوبٍ فَقَطْ وَشُرُوطُ صِحَّةٍ فَقَطْ فَالْأَوَّلُ خَمْسَةٌ: الْعَقْلُ وَبُلُوغُ الدَّعْوَةِ وَالْخُلُوُّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالسَّهْوِ، وَوُجُودُ مَا يَكْفِي مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ. وَالثَّانِي خَمْسَةٌ: دُخُولُ الْوَقْتِ، وَالْبُلُوغُ، وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِهِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ، وَثُبُوتُ النَّاقِضِ. وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةٌ: الْإِسْلَامُ، وَعَدَمُ الْحَائِلِ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي وَهُوَ النَّاقِضُ حَالَ الْفِعْلِ وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا التَّيَمُّمُ بِجَعْلِ الصَّعِيدِ مَكَانَ الْمَاءِ الْكَافِي إلَّا أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْوُضُوءِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَوَقْتُ النَّدْبِ) أَيْ نَدْبِ غَسْلِ الْإِنَاءِ الْمَوْلُوغِ فِيهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ لِذَلِكَ الْإِنَاءِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْأَكْثَرِ وَلِرِوَايَةِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقِيلَ يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ بِفَوْرِ الْوُلُوغِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ اسْتِعْمَالَهُ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغَسْلُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ الْغَسْلُ إلَّا عِنْدَ التَّوَجُّهِ لِلِاسْتِعْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ فِي كَلَامِهِ أَيْ عِنْدَ قَصْدِ التَّوَجُّهِ لِلِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَكُونُ الْغَسْلُ بِلَا نِيَّةٍ لَا بِالْغَسْلِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الْغَسْلُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا تَتْرِيبٍ) أَيْ لِأَنَّ التَّتْرِيبَ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي بَعْضِهَا، وَذَلِكَ الْبَعْضُ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ وَقَعَ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَكَمَا لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَلَا تَتْرِيبٍ لَا يَحْتَاجُ أَيْضًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَسْلَ لَيْسَ لِإِزَالَةِ شَيْءٍ مَحْسُوسٍ كَمَا فِي ح بَلْ زَوَالُ النَّجَاسَةِ بِلَا ذَلِكَ كَافٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِتَدَاخُلِ الْأَسْبَابِ) أَيْ مُوجَبَاتِ الْأَسْبَابِ وَقَوْلُهُ كَالْأَحْدَاثِ أَيْ كَتَدَاخُلِ مُوجَبَاتِ الْأَحْدَاثِ بِفَتْحِ الْجِيمِ.
[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ]
[شُرُوط الْوُضُوء]
(قَوْلُهُ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ) أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ هُنَا التَّطْهِيرَ أَيْ رَفْعَ مَانِعِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ تُطْلَقُ عَلَى التَّطْهِيرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: صُغْرَى إلَخْ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا صُغْرَى أَيْ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَإِمَّا كُبْرَى أَيْ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: وَبَدَأَ بِالْمَائِيَّةِ الصُّغْرَى) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ (فَصْلٌ يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ) (قَوْلُهُ: شُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ) أَيْ شُرُوطٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ مَعًا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالسَّهْوِ) هُمَا شَرْطٌ وَاحِدٌ وَكَذَا الْخُلُوُّ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَّهُمْ عَدَمَ النَّوْمِ وَعَدَمَ السَّهْوِ وَعَدَمَ الْإِكْرَاهِ وَالْخُلُوَّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ شُرُوطًا مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا وُجُودِيًّا فَقَدْ تَسَمَّحَ الْفُقَهَاءُ فِي إطْلَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ شَرْطًا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَدَمُ الْمَانِعِ شَرْطًا حَقِيقَةً لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ فِيمَا إذَا شَكَكْنَا فِي طَرَيَان الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ يُوجِبُ شَكًّا فِي النَّقِيضِ الْآخَرِ فَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ زَيْدٍ فِي الدَّارِ فَقَدْ شَكَّ فِي عَدَمِ كَوْنِهِ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي وُجُودِ الْمَانِعِ شَكٌّ فِي عَدَمِهِ وَعَدَمُهُ شَرْطٌ فَنَكُونُ قَدْ شَكَكْنَا فِي الشَّرْطِ أَيْضًا فَقَدْ اجْتَمَعَ الشَّكُّ فِي الْمَانِعِ وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ، وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْمَانِعِ يَقْتَضِي عَدَمَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ وَالشَّكُّ فِي الْمَانِعِ يَقْتَضِي تَرَتُّبَهُ وَتَرَتُّبُ الْحُكْمِ وَعَدَمُ تَرَتُّبِهِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَثُبُوتُ النَّاقِضِ) أَيْ أَوْ الشَّكُّ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِثُبُوتِهِ تَحَقُّقُهُ أَوْ ظَنُّهُ وَفِي كَلَامِهِ حَذْفُ أَوْ مَعَ مَا عُطِفَتْ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: بِجَعْلِ الصَّعِيدِ مَكَانَ الْمَاءِ الْكَافِي) أَيْ بِجَعْلِ وُجُودِ الصَّعِيدِ مَكَانَ وُجُودِ مَا يَكْفِي مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ فِيهِ) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا أَيْ.
وَأَمَّا فِي الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ فَمِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ فَقَطْ فَعَلَى هَذَا شُرُوطُ الْوُجُوبِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّيَمُّمِ أَرْبَعَةٌ وَشُرُوطُ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا سِتَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ مَا تَعْمُرُ بِسَبَبِهِ الذِّمَّةُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهُ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ مَا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ وَاحِدٌ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا لِلتَّنَاقُضِ وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ لِلْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا يُفَسَّرُ بِمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ مَعًا وَتَفْسِيرُ شَرْطِ الْوُجُوبِ وَشَرْطِ الصِّحَّةِ بِمَا قُلْنَا إنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute