كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَفَاته الْوَسِيطَانِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ فِي الرَّابِعَةِ قَضَى الْوُسْطَيَيْنِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَالرَّابِعَةَ قَضَى الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَلَا يَجْلِسُ وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ قَدَّمَ الْبِنَاءَ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ وَيَجْلِسُ.
هَذَا (فَصْلٌ) فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَافْتَتَحَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى لِسَانِ سَائِلٍ سَأَلَهُ وَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ خِلَافٌ فَقَالَ (هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي الْمُكَلَّفِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا (بِكَثِيفٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ بِأَنْ لَا يَشِفَّ أَصْلًا أَوْ يَشِفَّ بَعْدَ إمْعَانِ النَّظَرِ وَخَرَجَ بِهِ مَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ النَّظَرِ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ وَأَمَّا مَا يَشِفُّ بَعْدَ إمْعَانِ نَظَرٍ فَيُعِيدُ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ كَالْوَاصِفِ (وَإِنْ) كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا (بِإِعَارَةٍ) بِلَا طَلَبٍ (أَوْ طَلَبٍ) بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِعَارَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ بُخْلُهُمْ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
غَيْرِ تَكْبِيرٍ لِأَنَّ جُلُوسَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ وَإِنَّمَا جَلَسَ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ ذَكَرَهُ بْن نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا) أَيْ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ جَلَسَ فِيهَا فِي ثَانِيَتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: قَضَى الْوُسْطَيَيْنِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَعْلَهُمَا قَضَاءً مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهُمَا وَقَدْ جَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْأُولَى الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهُمَا وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا قَوْلُ عج وَأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ عَدَمِ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ أُولَاهُمَا وَإِنْ كَانَتْ ثَانِيَةً لِإِمَامِهِ لَكِنَّهَا ثَالِثَةٌ لَهُ فِي الْفِعْلِ وَالْمَأْمُومُ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي رَابِعَةِ إمَامِهِ كَانَتْ ثَانِيَةً لَهُ أَوْ لَا أَوْ فِي ثَانِيَتِهِ هُوَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةً لِإِمَامِهِ وَلَا أَخِيرَةً لَهُ وَأَمَّا ثَانِيَةُ إمَامِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةً لَهُ فَلَا يَجْلِسُ فِيهَا (قَوْلُهُ: قَضَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَلَا يَجْلِسُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَعْلَهُمَا قَضَاءً مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَذْهَبُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الْأُولَى قَضَاءٌ وَالثَّالِثَةَ بِنَاءٌ فَالْأُولَى لَا إشْكَالَ فِي كَوْنِهَا قَضَاءً وَالْخِلَافُ فِي الثَّالِثَةِ فَجَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا وَالْمُدَوَّنَةُ جَعَلَتْهَا قَضَاءً نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّابِعَةَ بِنَاءٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ فَجَعَلَهَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا وَجَعَلَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَضَاءً نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا فَاجْتِمَاعُ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ.
[فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]
(فَصْلٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ) (قَوْلُهُ: هَلْ سَتْرُ) هُوَ هُنَا بِفَتْحِ السِّينِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَأَمَّا السِّتْرُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهَا) أَيْ إنْ عَجَزَ عَنْ سَتْرِ كُلِّهَا وَلَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى سَتْرِ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا وَقَالَ أَصْبَغُ يُعِيدُ بِالْقُرْبِ لَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ) أَيْ مَا لَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ مَا يَشِفُّ) أَيْ مَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ فِي بَادِي النَّظَرِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِيهِ أَبَدًا (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ إنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ صَحِيحَةٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ كَالْوَاصِفِ لِلْعَوْرَةِ الْمُحَدِّدِ لَهَا هَذَا هُوَ الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ عج وَارْتَضَاهُ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ لَا مَا فِي طفى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيمِ وَالْإِعَادَةَ أَبَدِيَّةٌ وَلَا مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ ابْنِ عبق مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيمَا يَشِفُّ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَظْهَرُ مِنْهُ لِلتَّأَمُّلِ أَوْ لِغَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَاعْتَمَدَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ بِالثَّوْبِ الشَّفَّافِ فِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ فَقِيلَ إنَّهُ كَالْعَدَمِ وَيُعِيدُ أَبَدًا كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَظْهَرُ مِنْهُ لِلْمُتَأَمِّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَمَا تَظْهَرُ مِنْهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ فَتَصِحُّ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِإِعَارَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا مِنْ غَيْرِ إعَارَةٍ لِوُجُودِهِ عِنْدَهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَا طَلَبٍ) أَيْ فَإِذَا أَعَارَهُ لَهُ صَاحِبُهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْمِنَّةُ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ سَبَبِ الْمَانِّيَّةِ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْإِعَارَةَ بِعَدَمِ الطَّلَبِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ فِيهِ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ. وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبٍ) أَيْ أَوْ كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا بِطَلَبٍ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِعَارَةٍ فَيَلْزَمُ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَطْلُبَ السَّاتِرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِإِعَارَةٍ أَوْ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُعْتَادٍ كَالْمَاءِ لَا يَحْتَاجُ لَهُ لَا بِهِبَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute