(وَ) جَازَ (جَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ) وَاحِدٍ (لِضَرُورَةٍ) كَضِيقِ مَكَان أَوْ تَعَذُّرِ حَافِرٍ وَلَوْ بِأَوْقَاتٍ فَلَا يَجُوزُ فَتْحُ قَبْرٍ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ الْبَعْضُ وَلَوْ أَجَانِبَ، وَلَا يَجُوزُ لَمُّ الْعِظَامِ، وَكُرِهَ جَمْعُهُمْ فِي آنٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَوُلِّيَ) نَدْبًا (الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ) وَقُدِّمَ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ (أَوْ بِصَلَاةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِقَبْرٍ لَا بِقَيْدِ الضَّرُورَةِ بَلْ الْجَمْعُ أَفْضَلُ مِنْ إفْرَادِ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ (يَلِي) نَدْبًا (الْإِمَامَ رَجُلٌ) حُرٌّ (فَطِفْلٌ) حُرٌّ (فَعَبْدٌ) كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ (فَخَصِيٌّ كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَمَجْبُوبٌ كَذَلِكَ (فَخُنْثَى كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَالْأُنْثَى كَذَلِكَ فَالْمَرَاتِبُ عِشْرُونَ (وَ) جَازَ (فِي الصِّنْفِ) الْوَاحِدِ كَرِجَالٍ أَحْرَارٍ فَقَطْ أَوْ عَبِيدٍ فَقَطْ إلَى آخِرِ الْمَرَاتِبِ (أَيْضًا الصَّفُّ) أَيْ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ وَيَقِفُ الْإِمَامُ عِنْدَ أَفْضَلِهِمْ وَالْمَفْضُولُ عَلَى يَمِينِهِ رِجْلَاهُ عِنْدَ رَأْسِ الْفَاضِلِ فَالْأَقَلُّ مِنْهُ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى يَسَارِهِ وَهَكَذَا، وَجَازَ جَعْلُ الْمَفْضُولِ عَلَى يَمِينِهِ وَالْبَقِيَّةُ إلَى الْمَشْرِقِ بِتَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ لَكِنْ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْمُتَعَدِّدُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجِنْسِ
(وَ) جَازَ (زِيَارَةُ الْقُبُورِ) بَلْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ (بِلَا حَدٍّ) بِيَوْمٍ أَوْ وَقْتٍ أَوْ فِي مِقْدَارِ مَا يَمْكُثُ عِنْدَهَا أَوْ فِيمَا يُدْعَى بِهِ أَوْ الْجَمِيعُ وَيَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِبَارِ حَالَ الزِّيَادَةِ وَالِاشْتِغَالُ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَعَدَمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى الْقُبُورِ خُصُوصًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَلْيُحْذَرْ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْمَقَابِرِ فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ.
(وَكُرِهَ) لِحَيٍّ (حَلْقُ شَعْرِهِ) أَيْ شَعْرِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا يَحْرُمُ حَلْقُهُ حَالَ الْحَيَاةِ وَإِلَّا حَرُمَ (وَقَلْمُ ظُفْرِهِ وَهُوَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ (بِدْعَةٌ) قَبِيحَةٌ لَمْ تُعْهَدْ فِي زَمَنِ السَّلَفِ (وَضُمَّ) مَا ذَكَرَ مِنْ الشَّعْرِ وَالْقُلَامَةِ نَدْبًا عَلَى الْأَوْجَهِ (مَعَهُ) مَا ذَكَرَ (إنْ فُعِلَ) فِي كَفَنِهِ (وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ) أَيْ يُكْرَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْقَوْلُ الْقَبِيحُ كَيَا قَتَّالَ الْأَعْدَاءِ وَيَا نَهَّابَ الْأَمْوَالِ وَمَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ مِنْ التَّعْدِيدِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُكَاءَ يَجُوزُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ بِقَيْدَيْنِ عَدَمِ رَفْعِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الْقَوْلِ الْقَبِيحِ وَأَمَّا مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا فَهُوَ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ اللَّطْمُ عَلَى الصَّوَابِ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْبُكَاءِ بِالْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا لَهُ وَإِلَّا كُرِهَ
(قَوْلُهُ وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانُوا أَجَانِبَ (قَوْلُهُ كَضِيقِ مَكَان) أَيْ كَمَا فِي قَرَافَةِ مِصْرَ فَإِنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ كُلًّا مِنْ أَهْلِهَا بِقَبْرٍ لَمْ تَسَعْهُمْ الْقَرَافَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَوْقَاتٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ بِأَوْقَاتٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ فَتْحُ قَبْرٍ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ) وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مِنْ مَحَارِمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ ذُكُورًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْوَاتُ الَّذِينَ جُمِعُوا لِلضَّرُورَةِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ بَعْضُهُمْ ذُكُورًا وَالْبَعْضُ إنَاثًا هَذَا إذَا كَانُوا أَقَارِبَ بَلْ وَلَوْ أَجَانِبَ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ فَتْحُ قَبْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الذَّكَرُ) أَيْ فِي الْإِيلَاءِ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ فَمَجْبُوبٌ كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ (قَوْلُهُ فَالْأُنْثَى كَذَلِكَ) أَيْ حُرَّةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ فَأَمَةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ أَيْضًا الصَّفُّ) أَيْ وَجَازَ جَعْلُ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ صَفًّا كَمَا جَازَ جَعْلُ الْأَصْنَافِ صَفًّا وَاحِدًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ جَنَائِزُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ رِجَالًا أَحْرَارًا أَوْ عَبِيدًا أَوْ مَخَاصِيَ أَوْ مَجَانِيبَ أَوْ خَنَاثَى أَوْ إنَاثًا جُعِلُوا صَفًّا وَاحِدًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ، وَقَوْلُهُ " أَيْضًا " غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِي الصَّفِّ الْوَاحِدِ شَيْءٌ، وَأَجَابَ تت بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا أَيْ جَازَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مَا تَقَدَّمَ وَجَازَ فِيهِ أَيْضًا الصَّفُّ أَوْ أَنَّ أَلْ فِي الصِّنْفِ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِجَمِيعِهَا كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ وَهَذَا مِنْ ارْتِكَابِ الْحَذْفِ (قَوْلُهُ وَجَازَ جَعْلُ الْمَفْضُولِ عَلَى يَمِينِهِ) أَيْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ فَوْقَ رَأْسِ الْفَاضِلِ وَ (قَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ) أَيْ مِنْهُمْ فَالْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُتَعَدِّدُ) أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ كَذَلِكَ يَجُوزُ جَعْلُهُمْ صَفًّا وَاحِدًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجِنْسِ) أَيْ فَقَوْلُهُ، وَجَازَ فِي الصِّنْفِ أَيْ فِي جِنْسِ الصِّنْفِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهَذَا الْحَمْلُ هُوَ الصَّوَابُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَيْ وَجَازَ فِي الْأَصْنَافِ الْمُجْتَمَعَةِ الصَّفُّ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَيْضًا كَمَا جَازَ فِيهِمْ مَا مَرَّ مِنْ جَعْلِهِمْ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ
[زِيَارَة الْقُبُور]
(قَوْلُهُ بَلْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» وَلِأَحَادِيثَ أُخَرَ تَقْتَضِي الْحَثَّ عَلَى الزِّيَارَةِ وَذَكَرَ فِي الْمَدْخَلِ فِي زِيَارَةِ النِّسَاءِ لِلْقُبُورِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ، وَالْجَوَازُ عَلَى مَا يُعْلَمُ فِي الشَّرْعِ مِنْ السَّتْرِ وَالتَّحَفُّظِ عَكْسُ مَا يُفْعَلُ الْيَوْمَ، وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَجَالَّةِ وَالشَّابَّةِ اهـ، وَبِهَذَا الثَّالِثِ جَزَمَ الثَّعَالِبِيُّ وَنَصُّهُ: وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيُبَاحُ لِلْقَوَاعِدِ وَيَحْرُمُ عَلَى الشَّوَابِّ اللَّاتِي يُخْشَى مِنْهُمْ الْفِتْنَةُ (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِفِنَاءِ الْمَقَابِرِ فَلَا يَخْتَصُّ زِيَارَتُهَا بِوَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِفَضْلِهِ وَالْفَرَاغِ فِيهِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَقَدْ سَهَّلَ فِي الْمِعْيَارِ تَصْبِيحَ الْقُبُورِ مُحْتَجًّا بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ طَاوُسٍ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلْيُحْذَرْ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ حَمْلِ تُرَابِ الْمَقَابِرِ لِلتَّبَرُّكِ فَذَكَرَ فِي الْمِعْيَارِ أَنَّهُ جَائِزٌ قَالَ مَا زَالَتْ النَّاسُ يَحْمِلُونَهُ وَيَتَبَرَّكُونَ بِقُبُورِ الْعُلَمَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ اهـ بْن
(قَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ حَلْقُهُ) أَيْ كَشَعْرِ الرَّأْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute