للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُؤْخَذُ) أَيْ يُزَالُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ نَدْبًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ (عَفْوُهَا) أَيْ مَا يُعْفَى عَنْهُ مِمَّا سَالَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ لِلنَّظَافَةِ

(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ) إنْ فُعِلَتْ اسْتِنَانًا (كَتَجْمِيرِ الدَّارِ) أَيْ تَبْخِيرِهَا إلَّا أَنْ يُقْصَدَ زَوَالُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ (وَ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَعَلَى قَبْرِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ لَكِنْ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَجَعْلِ ثَوَابِهِ لِلْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ

(وَ) كُرِهَ (صِيَاحٌ خَلْفَهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْجَزَعِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَهَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَبُكًى عِنْدَ مَوْتِهِ إلَخْ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى آخَرَ وَالْأَظْهَرُ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَقَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا) لِمُخَالَفَةِ السَّلَفِ (وَانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ) عَلَيْهَا وَلَوْ طَوَّلُوا أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهَا (أَوْ) بَعْدَ الصَّلَاةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ أَهْلِهَا (إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا)

(وَ) كُرِهَ (حَمْلُهَا بِلَا وُضُوءٍ) لِتَأَدِّيهِ إلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنْ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ (وَإِدْخَالُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِمَسْجِدٍ) وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ (وَ) كُرِهَ (الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَيِّتُ خَارِجَهُ لِئَلَّا يَكُونَ وَسِيلَةً لِإِدْخَالِهِ فِيهِ فَفِي إدْخَالِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ مَكْرُوهَانِ (وَتَكْرَارُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ إنْ وَقَعَتْ أَوَّلًا جَمَاعَةً بِإِمَامٍ وَإِلَّا نُدِبَ إعَادَتُهَا

(وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (كَسَقْطٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَحْرُمُ حَلْقُهُ حَالَ الْحَيَاةِ كَحَلْقِ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا سَالَ مِنْهَا شَيْءٌ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ إزَالَتُهُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَجْلِ النَّظَافَةِ وَإِنْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَالَ بِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ إنْ فُعِلَتْ اسْتِنَانًا) ظَاهِرُ السَّمَاعِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى الِاسْتِحْبَابِ وَتَأَوَّلَ مَا فِي السَّمَاعِ مِنْ الْكَرَاهَةِ قَائِلًا إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ إذَا فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَهُ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ، وَاقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَى السَّمَاعِ وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ لَمْ يَسْتَحِبَّ إلَّا قِرَاءَةَ يس، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهَا أَنَّهُ اسْتَحَبَّ الْقِرَاءَةَ مُطْلَقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ تَبْخِيرِهَا) أَيْ لِأَجْلِ زَوَالِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ فِي زَعْمِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ) أَيْ فَقَدْ كَانَ عَمَلُهُمْ التَّصَدُّقَ وَالدُّعَاءَ لَا الْقِرَاءَةَ، وَنَصَّ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْحَجِّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقُبُورِ وَنَقَلَهُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الْبُخَارِيِّ قَالَ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَ قِيلَ لَهُمْ وَمَاذَا لَقُوا وَمُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ اهـ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْحَجِّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ لِلْمَيِّتِ حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَالشَّيْخُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ اهـ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: تَصِلُ مُطْلَقًا، لَا تَصِلُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَتْ عِنْدَ الْقَبْرِ وَصَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي آخِرِ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي السُّؤَالِ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] قَالَ وَإِنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَأَهْدَى ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ اهـ وَقَالَ ابْنُ هِلَالٍ فِي نَوَازِلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٌ وَذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الْمَيِّتَ يَنْتَفِعُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَيَصِلُ إلَيْهِ نَفْعُهُ، وَيَحْصُلُ لَهُ أَجْرُهُ إذَا وَهَبَ الْقَارِئُ ثَوَابَهُ لَهُ، وَبِهِ جَرَى عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا وَوَقَفُوا عَلَى ذَلِكَ أَوْقَافًا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ سَالِفَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ اللَّطَائِفِ أَنَّ عِزَّ الدِّينِ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيَّ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِيمَا كُنْتَ تُنْكِرُ مِنْ وُصُولِ مَا يُهْدَى مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْمَوْتَى فَقَالَ هَيْهَاتَ وَجَدْتُ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا كُنْت أَظُنُّ اهـ بْن

(قَوْلُهُ خَلْفَهَا) لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ بَلْ الصِّيَاحُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا بْن (قَوْلُهُ وَهَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصِّيَاحَ أَيْ الْبُكَاءَ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا) وَذَلِكَ كَمَا يَقَعُ بِمِصْرَ يَمْشِي رَجُلٌ قُدَّامَ الْجِنَازَةِ وَيَقُولُ هَذِهِ جِنَازَةُ فُلَانٍ اسْتَغْفِرُوا لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَوَّلُوا) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ فِي تَجْهِيزِهَا (قَوْلُهُ أَوْ لِحَاجَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الِانْصِرَافُ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ كَانَ الِانْصِرَافُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ

وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الِانْصِرَافَ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَلَ طُولٌ فِي تَجْهِيزِهَا أَوْ لَا، كَانَ الِانْصِرَافُ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، كَانَ الِانْصِرَافُ بِإِذْنٍ مِنْ أَهْلِهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الِانْصِرَافُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ فَيُكْرَهُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ أَهْلِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يُطَوِّلُوا فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ أَهْلِهَا فَلَا كَرَاهَةَ طَوَّلُوا أَوْ لَا، وَإِنْ طَوَّلُوا فَلَا كَرَاهَةَ كَانَ بِإِذْنِ أَهْلِهَا أَمْ لَا

(قَوْلُهُ بِلَا وُضُوءٍ) أَيْ لِلْحَامِلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِ قَذَرٍ مِنْهُ وَمُرَاعَاةٍ لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ) فَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِيهِ كُرِهَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَأُثِيبَ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ فَلَا يَأْثَمُ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يُؤْجَرُ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ فِي إيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يُؤْجَرُ فِي إيقَاعِهَا فِيهِ فَنَفْيُ الْإِثْمِ وَالْأَجْرِ مَصْرُوفٌ إلَى الْإِيقَاعِ فِي الْمَسْجِدِ لَا إلَى الصَّلَاةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا نُدِبَ إعَادَتُهَا) أَيْ وَإِلَّا تَقَعُ أَوَّلًا جَمَاعَةً بِإِمَامٍ بِأَنْ وَقَعَتْ أَوَّلًا مِنْ فَذٍّ نُدِبَ إعَادَتُهَا أَيْ جَمَاعَةً وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفَذُّ

(قَوْلُهُ كَسَقْطٍ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ أَيْضًا تَغْسِيلُ سَقْطٍ نَعَمْ يُنْدَبُ غَسْلُ دَمِهِ وَوَجَبَ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>