صَعْبٍ لَا يَنْقَادُ بِسُهُولَةٍ (أَوْ أَعْشَى) لَا يُبْصِرُ لَيْلًا (أَوْ) مَا كَانَ (دُبُرُهُ فَاحِشًا) يَضُرُّ بِسَيْرِهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ بِرَائِحَتِهِ رَاكِبَهُ (كَأَنْ) يَكْتَرِيَ ثَوْرًا عَلَى أَنْ (يَطْحَنَ) مَثَلًا (لَك كُلَّ يَوْمٍ) مَثَلًا (إرْدَبَّيْنِ) مَثَلًا (بِدِرْهَمٍ) مَثَلًا (فَوُجِدَ لَا يَطْحَنُ) فِي الْيَوْمِ (إلَّا إرْدَبًّا) مَثَلًا فَالْمُرَادُ أَقَلُّ مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَلَكَ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءُ ثُمَّ انْفَسَخَ فَلَهُ فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ بَقِيَ فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ خِبْرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ اُسْتُظْهِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُمَّ إنَّ هَذَا الْفَرْعَ مِمَّا جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِمَّا يُفْسِدُ الْكِرَاءَ حَيْثُ تَسَاوَيَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ زَادَ الْعَمَلُ عَلَى الزَّمَنِ اتِّفَاقًا فَإِنْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَهَلْ تَفْسُدُ، وَهُوَ مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلًا، وَهُوَ مَا يُفِيدُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِمَادَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُمَا حِينَ عَقَدَا الْكِرَاءَ اعْتَقَدَا أَنَّ الزَّمَنَ يَزِيدُ عَلَى الْعَمَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَوَجَدَ إلَخْ (وَإِنْ زَادَ) الْمُكْتَرِي فِي حَمْلِ الدَّابَّةِ أَوْ فِي الطَّحْنِ (أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ) الْمُتَعَارَفَ أَيْ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُزَادَ فِي كَيْلِهِ أَوْ يَنْقُصَ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَكَايِيلِ (فَلَا لَك) يَا مُكْرِي فِي الزِّيَادَةِ (وَلَا عَلَيْك) فِي النَّقْصِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا فَتَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الثَّوْرِ وَغَيْرَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[دَرْسٌ] (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافَ الْمُتَكَارِيَيْنِ فَقَالَ (جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهُوَ بَيْتُ الْمَاءِ الْمُعَدُّ لِلْحُمُومِ فِيهِ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ لِتَنْظِيفِ الْبَدَنِ وَالتَّدَاوِي، وَإِنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهُ لِجَوَازِ دُخُولِهِ بِمَرْجُوحِيَّةٍ إذَا كَانَ لِمُجَرَّدِ التَّنْظِيفِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ كَشْفِ الْعَوْرَةِ أَوْ عَدَمُ رُؤْيَتِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي الْعُمُرِ مَثَلًا لَيْسَ عَيْبًا هَذَا وَيَصِحُّ بَقَاءُ الْمُبَالَغَةِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ السَّاعَاتِ حَتَّى صَارَ شَأْنًا لَهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْشَى) أَيْ إذَا كَانَ اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا فَقَطْ كَمَا قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَتَى اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ فِيهِمَا فَوَجَدَهُ أَعْشَى ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَتَمَاسَكَ بِهِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ الْمُسَمَّى كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ إذَا اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا أَوْ لَمْ يَسِرْ بِهِ إلَّا نَهَارًا، وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ وَتَمَاسَكَ يُحَطُّ عَنْهُ أَرْشُ الْعَيْبِ بِأَنْ يُقَالَ مَا آجَرْته عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ، وَمَا آجَرْته عَلَى أَنَّهُ أَعْشَى وَيُحَطُّ عَنْهُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ كَمَا فِي بْن نَعَمْ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُكْتَرِي عَلَى أَنَّهُ أَعْشَى إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمَسَافَةِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ دُبُرُهُ فَاحِشًا) أَيْ كَانَ دُبُرُهُ الْمَوْجُودُ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ فَاحِشًا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ كَانَ إلَى أَنَّ دُبُرَهُ اسْمُ كَانَ مَحْذُوفَةً، وَفَاحِشًا خَبَرُهَا وَالدَّاعِي لِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْمَعْنَى إذْ التَّقْدِيرُ لَك فَسْخُ مَا كَانَ عَضُوضًا أَوْ جُمُوحًا أَوْ أَعْشَى أَوْ كَانَ دُبُرُهُ فَاحِشًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِرَائِحَتِهِ رَاكِبَهُ) أَيْ أَوْ يَضُرُّ بِرَائِحَتِهِ رَاكِبَهُ فَإِنْ كَانَ الرَّاكِبُ لَا يَتَضَرَّرُ بِرَائِحَتِهِ لِكَوْنِهِ لَا يَشُمُّ فَلَا خِيَارَ لَهُ (قَوْلُهُ: اُسْتُظْهِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا) الْأَوَّلُ اسْتَظْهَرَهُ تت وَصَوَّبَهُ طفى وَالثَّانِي اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَوَجَدَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ، وَإِنَّمَا دَخَلَا عَلَى طَحْنِ إرْدَبَّيْنِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَمْلِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الزَّمَنَ أَزْيَدُ مِنْ الْعَمَلِ فِي الْوَاقِعِ لَكِنْ وَجَدَ الثَّوْرَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا لِعَجْزِهِ لَا لِضِيقِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ) أَيْ زَادَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً فِي الْكَيْلِ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ نَقْصًا فِي الْكَيْلِ كَأَنْ يَسْتَأْجِرَهُ عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ فَيَطْحَنُ مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً فِي كَيْلِهِ كَأَنْ يَطْحَنَ بِهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رُبُعًا أَوْ يَطْحَنَ عَلَيْهِ مَا يَنْقُصُ عَنْ الْإِرْدَبِّ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَنْقُصَ فِي كَيْلِهِ كَأَنْ يَطْحَنَ بِهِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ رُبُعًا (قَوْلُهُ: فَلَا لَك) أَيْ فَلَيْسَ لَك يَا مُكْرِي أُجْرَةٌ فِي الزِّيَادَةِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْك يَا مُكْرِي بِأُجْرَةِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا) أَيْ فَهِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: فَتَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الثَّوْرِ) أَيْ السَّابِقَةَ لِذَلِكَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ كُلَّ يَوْمٍ فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ ثُمَّ زَادَ الْمُكْتَرِي عَلَى ذَلِكَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فِي الْكَيْلِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرَهَا) أَيْ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ إرْدَبِّ قَمْحٍ فَزَادَ الْمُكْتَرِي عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فِي الْكَيْلِ.
[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض]
فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ (قَوْلُهُ: جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْكِرَاءِ الِاكْتِرَاءُ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِكْرَاءُ أَيْ جَازَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكْتَرِيَ الْحَمَّامَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ جَازَ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ لِغَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِكْرَاءَ وَالِاكْتِرَاءَ مُتَلَازِمَانِ فَمَتَى جَازَ أَحَدُهُمَا جَازَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَكُونُ جَائِزًا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا وَجْهَ لِأَوْلَوِيَّةِ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْكِرَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاكْتِرَاءَ دُونَ الْإِكْرَاءِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ دُخُولِهِ بِمَرْجُوحِيَّةٍ) الْمَرْجُوحِيَّةُ إنَّمَا هِيَ إذَا دَخَلَهُ مَعَ قَوْمٍ مُسْتَتِرِينَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ كَشْفِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ دُخُولَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَكْرُوهٌ إذْ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَنْكَشِفَ عَوْرَةُ بَعْضِهِمْ فَيَقَعُ بَصَرُهُ أَوْ بَصَرُ غَيْرِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ وَقِيلَ إنَّ دُخُولَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَائِزٌ أَمَّا لَوْ دَخَلَهُ لِلتَّنْظِيفِ مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute