للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ (إنْ صَلَّى الظُّهْرَ) فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ (مُدْرِكًا) أَيْ ظَانًّا إدْرَاكَهُ (لِرَكْعَةٍ) عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ سَعَى لَهَا (لَمْ يُجْزِهِ) ظُهْرُهُ وَيُعِيدُهُ إنْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ أَبَدًا (وَلَا يَجْمَعُ الظُّهْرَ) مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ أَيْ لَا يُصَلِّيهِ جَمَاعَةً بَلْ أَفْذَاذًا أَيْ يُكْرَهُ جَمْعُهُ (إلَّا ذُو عُذْرٍ) كَثِيرِ الْوُقُوعِ كَمَرَضٍ وَسِجْنٍ وَسَفَرٍ فَالْأَوْلَى لَهُمْ الْجَمْعُ وَيُنْدَبُ صَبْرُهُمْ إلَى فَرَاغِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِخْفَاءُ جَمَاعَتِهِمْ لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ الْجُمُعَةِ

(وَاسْتُؤْذِنَ إمَامٌ) أَيْ سُلْطَانٌ نَدْبًا فِي ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا فَإِنْ أَجَابَ فَظَاهِرٌ (وَوَجَبَتْ) إقَامَةُ الْجُمُعَةِ (إنْ مَنَعَ) مِنْ إقَامَتِهَا (وَأَمِنُوا) عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا إنْ مَنَعَ (لَمْ تُجْزِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ مِنْ الْإِجْزَاءِ أَيْ لَمْ تَصِحَّ وَيُعِيدُونَهَا لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ لَا تَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ لَا يُجْزِئُ فِعْلُهُ عَنْ الْوَاجِبِ كَذَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الْإِجْزَاءَ وَضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ شَرَعَ فِي السُّنَنِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهَا فَقَالَ (وَسُنَّ) لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (غُسْلٌ) صِفَتُهُ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَرْبَعًا لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْأَصْلِ وَهُوَ الظُّهْرُ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الْمَازِرِيَّ بَنَى هَذَا الْفَرْعَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجُمُعَةِ هَلْ هِيَ فَرْضُ يَوْمِهَا أَوْ بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ) أَيْ كَالْمُسَافِرِ الَّذِي أَقَامَ بِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَأَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعْذُورِينَ أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَتُجْزِئُهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَلَوْ كَانَ يُدْرِكُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ كَثِيرِ الْوُقُوعِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ التَّنْوِينَ فِي عُذْرٍ لِلنَّوْعِيَّةِ أَيْ إلَّا مَنْ فَاتَتْهُ لِنَوْعٍ مِنْ الْعُذْرِ وَهُوَ الْعُذْرُ الْكَثِيرُ الْوُقُوعِ وَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ الْحُضُورُ مَعَهُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّنْ فَاتَتْهُ لِعُذْرٍ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَيُمْكِنُ مَعَهُ حُضُورُهَا كَخَوْفِ بَيْعَةِ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ وَعَمَّنْ فَاتَتْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَنْ فَاتَتْهُ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْجَمْعُ وَإِذَا جَمَعُوا لَمْ يُعِيدُوا عَلَى الْأَظْهَرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِإِعَادَتِهِمْ إذَا جَمَعُوا كَمَا فِي بَهْرَامَ ابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَمْ يَرْجِعْ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِوَصْفِهَا وَهُوَ الْجَمْعُ فَهِيَ مُجْزِئَةٌ بِأَصْلِهَا مَكْرُوهَةٌ بِوَصْفِهَا (قَوْلُهُ كَمَرَضٍ وَسِجْنٍ وَسَفَرٍ) قَصْرُ الْعُذْرِ الْكَثِيرِ الْوُقُوعِ عَلَى الثَّلَاثَةِ هُوَ الْوَاقِعُ فِي الرِّوَايَةِ وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَطَرَ الْغَالِبَ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ اهـ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى لَهُمْ الْجَمْعُ) أَيْ وَلَا يُحْرَمُونَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ وَإِخْفَاءُ جَمَاعَتِهِمْ) أَيْ فَإِذَا جَمَعُوا فَلَا يُؤَذِّنُونَ وَيَجْمَعُونَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ لَا رَاتِبَ لَهُ وَأَمَّا جَمْعُهُمْ فِي مَسْجِدٍ بَعْدَ رَاتِبَةٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ

(قَوْلُهُ فِي ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا) أَيْ فِي بَلَدٍ تَوَفَّرَتْ فِيهَا شُرُوطُ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَجَابَ فَظَاهِرٌ) أَيْ فَظَاهِرٌ وُجُوبُ إقَامَتِهَا عَلَيْهِمْ وَمِثْلُ مَا إذَا أَجَابَ مَا إذَا أَهْمَلَ وَلَمْ يُجِبْ بِإِجَازَةٍ وَلَا بِمَنْعٍ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ تَصِحَّ) مُقْتَضَاهُ دُخُولُ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْعِبَادَاتِ قَصْدًا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ غَازِيٍّ قَائِلًا إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ الْمُخَالَفَةَ مَعَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَمِنُوا وَالنَّصُّ وُجُوبُ إقَامَتِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.

(قَوْلُهُ وَضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَتُهَا فَلَوْ وَقَعَ وَخَالَفُوا وَأَقَامُوهَا صَحَّتْ لَهُمْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ.

وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ وَاخْتَارَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ إقَامَتِهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا مِنْهُ بِأَنْ رَأَى أَنَّ شُرُوطَ وُجُوبِهَا غَيْرُ مُتَوَفِّرَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَوْرًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَلَا تَحِلُّ مُخَالَفَتُهُ وَلَوْ أَمِنُوا فَإِنْ خَالَفُوا وَصَلَّوْا لَمْ تُجْزِئْهُمْ وَيُعِيدُونَهَا أَبَدًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ لَهُمْ مُخَالَفَتُهُ وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ أَجْزَأَتْهُمْ وَعَلَى مَا إذَا كَانَ مَنَعَهُمْ جَوْرًا مِنْهُ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ قَوْلُهُ تَجُزْ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ مِنْ الْجَوَازِ أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ أَجْزَأَتْهُمْ وَهَذَا الْحَمْلُ مُوَافِقٌ لِمَا فِيهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَإِنْ كَانَ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عَنْ اللُّبَابِ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ لِتَأْوِيلِ مَا يُخَالِفُهُ مِنْ النَّصِّ اهـ بْن

وَحَاصِلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ إقَامَتُهَا إنْ أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ سَوَاءٌ مَنَعَهُمْ جَوْرًا أَوْ اجْتِهَادًا فَإِنْ مَنَعَهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا وَلَمْ يَأْمَنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ لَمْ تُجْزِئْهُمْ سَوَاءٌ مَنَعَهُمْ جَوْرًا أَوْ اجْتِهَادًا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَقَدْ رَجَّحَ بْن أَوَّلَهُمَا

[سُنَن الْجُمُعَةَ]

(قَوْلُهُ وَسُنَّ لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ غُسْلٌ) أَيْ لَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ سُنِّيَّةِ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ لَا يُذْهِبُهَا إلَّا الْغُسْلُ وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِآتِيهَا وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ وَالْمَشْهُورُ شَرْطُ وَصْلِهِ بِالرَّوَاحِ إلَيْهَا وَكَوْنُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>