للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (وَإِلَّا) تُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ مَعَ نِسْيَانِ الْبَيِّنَةِ اسْمَهَا (لَمْ يَعْتِقْ) مِنْهُنَّ (شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ إذْ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَنْسَ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلَهَا الْمِيرَاثُ أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ، أَوْ اعْتَرَفَتْ.

(وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) رَجُلٌ (وَلَدًا) وَلَحِقَ بِهِ شَرْعًا (ثُمَّ أَنْكَرَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ) بَعْدَ الْإِنْكَارِ (فَلَا يَرِثُهُ) أَبُوهُ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ (وَوُقِفَ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ) الْأَبُ (فَلِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لَا يَقْطَعُ حَقَّهُمْ (وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ) أَيْ دَيْنُ الْأَبِ إنْ كَانَ (وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْأَبِ (وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ) فِي دَيْنِهِمْ وَوُقِفَ الْبَاقِي إنْ كَانَ فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ أَوَّلًا وَرِثَهُ الْوَلَدُ وَلَا يَضُرُّهُ الْإِنْكَارُ

(دَرْسٌ) (بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

(الْإِيدَاعُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ) أَيْ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى دَاخِلَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، فَخَرَجَتْ الْمُوَاضَعَةُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَيْضِهَا لَا الْحِفْظِ، وَالْإِيصَاءِ، وَالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى الْحِفْظِ، وَالتَّصَرُّفِ، وَإِيدَاعِ الْأَبِ وَلَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْإِيدَاعَ مَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالٌ وُكِّلَ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَمَنْ وَضَعَ مَالًا عَنْدَ شَخْصٍ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ احْفَظْهُ، أَوْ نَحْوَهُ فَفَرَّطَ فِيهِ كَأَنْ تَرَكَهُ، وَذَهَبَ فَضَاعَ الْمَالُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ حِينَ وَضْعِهِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ حِفْظِهِ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَمَانَةً، وَالْأَمِينُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُفَرِّطْ أَشَارَ إلَى أَنْوَاعِ التَّفْرِيطِ الَّذِي بِهِ الضَّمَانُ بِقَوْلِهِ (تُضْمَنُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا نَسَبَ مَعَ أَنَّ الْوَلَدِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِشَخْصٍ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْإِبْهَامَ فِي مَسْأَلَتِنَا هُنَا عَارِضٌ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَذَا قِيلَ وَقَالَ بْن التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةٌ هُنَا وَهُنَاكَ وَمَا قِيلَ فِي كُلٍّ يَجْرِي فِي الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِ الْمَيِّتِ وَلِأَخِيهِ نِكَاحُ أَيِّ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ إذْ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ إلَخْ) فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى أَنَّ إحْدَى الثَّلَاثِ بِنْتُهُ، وَأَنَّهَا فُلَانَةُ وَقَدْ حَصَلَ النِّسْيَانُ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمَشْهُودِ بِهِمَا وَنِسْيَانُ بَعْضِ الْمَشْهُودِ بِهِ مُبْطِلٌ لِلشَّهَادَةِ بِكُلِّهَا.

(قَوْلُهُ وَوُقِفَ مَالُهُ) أَيْ مَالُ ذَلِكَ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ فَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ فَيُدْفَعُ مَالُ الْوَلَدِ الْمَوْقُوفِ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ وَوُقِفَ الْبَاقِي) أَيْ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ فَتَأْخُذَهُ وَرَثَتُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ أَوَّلًا وَرِثَهُ الْوَلَدُ) فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرِثَهُ عَصَبَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ الْمُسْتَلْحِقِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَرِثَهُ الْوَلَدُ) أَيْ بِالِاسْتِلْحَاقِ الْحَاصِلِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهُ الْإِنْكَارُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ بِإِنْكَارٍ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يُلْغَزُ بِهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ، أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ ابْنٌ يَرِثُ أَبَاهُ وَلَا عَكْسَ وَلَيْسَ بِالْأَبِ مَانِعٌ، الثَّانِي مَالٌ يَرِثُهُ الْوَارِثُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ مُورَثُهُ، الثَّالِثُ مَالٌ يُوقَفُ لِوَارِثِ الْوَارِثِ دُونَ الْوَارِثِ، الرَّابِعُ مَالٌ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ الشَّخْصِ وَلَا يَأْخُذُهُ هُوَ.

[بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ]

بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِيدَاعَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى خُصُوصِ حِفْظِ الْمَالِ فَالتَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ، أَوْ الِاقْتِضَاءِ، أَوْ الطَّلَاقِ، أَوْ النِّكَاحِ، أَوْ الْخُصُومَةِ لَا يُسَمَّى إيدَاعًا، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ خَاصٌّ تَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الرَّشِيدُ جَازَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْوَدِيعَةَ،، وَاَلَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ هُوَ الْمُمَيِّزُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَخَالَفَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا وَوَافَقَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ بَلَدِنَا (قَوْلُهُ دَاخِلَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ، وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ أَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ يَقْتَضِي الْحَصْرَ (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ الْمُوَاضَعَةُ) أَيْ فَخَرَجَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْأَمَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَخَرَجَ أَيْضًا التَّوْكِيلُ عَلَى النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ وَاقْتَضَاهُ الدَّيْنُ، وَالْمُخَاصَمَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَوْكِيلًا عَلَى حِفْظِ مَالٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّوْكِيلِ عَلَيْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَيْضِهَا وَلَيْسَ الْقَصْدُ مِنْهُ حِفْظُ الْجَارِيَةِ إلَى أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ (قَوْلُهُ، وَالْوَكَالَةُ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى الْحِفْظِ) أَيْ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَوْكِيلٌ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى مُجَرَّدِ الْحِفْظِ، بَلْ عَلَيْهِ مَعَ النَّظَرِ، وَالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ مَالٌ وُكِّلَ إلَخْ) دَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ ذِكْرُ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّ الْوَثِيقَةَ مُتَمَوَّلٌ يُرَادُ حِفْظُهُ لِأَجْلِ مَا فِيهِ وَشَمِلَ أَيْضًا الْعَقَارَ إذَا وُكِّلَ عَلَى حِفْظِهِ فَيُسَمَّى وَدِيعَةً، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْوَانُّوغِيُّ وَح قَائِلًا لَمْ أَرَ أَحَدًا أَخْرَجَ الْعَقَارَ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً لَكِنْ ابْنُ عَرَفَةَ شَرَطَ فِي الْوَدِيعَةِ أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَخْرُجُ الْعَقَارُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك أَنَّ التَّوْكِيلَ يَفْتَقِرُ إلَى صِيغَةٍ فَكَذَلِكَ الْإِيدَاعُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ وَصُورَةُ السُّكُوتِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَا نُسَلِّمُ خُلُوَّهَا عَنْ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ قَائِمٌ مَقَامَهَا كَالْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ اهـ.

بْن، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ الرِّضَا بِالسُّكُوتِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُهَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ إلَّا لِتَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ كَمَا يَقَعُ فِي أَيَّامِ النَّهْبِ مِنْ إيدَاعِ النَّاسِ عِنْدَ ذَوِي الْبُيُوتِ الْمُحْتَرَمَةِ وَيَحْرُمُ قَبُولُهَا مِنْ مُسْتَغْرَقِ الذِّمَمِ وَمَنْ رَدَّهَا لَهُ ضَمِنَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ فَمَنْ وَضَعَ مَالًا عِنْدَ شَخْصٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>