فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ هِيَ النِّصْفُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِلْمُقَرِّ بِهِ ثُلُثُهَا، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالسُّدُسُ الْآخَرُ ظَلَمَهُ بِهِ الْمُنْكِرُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لِلْمُقَرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ سَوَاءً كَانَ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَلَا يَمِينَ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَيَرِثُ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِمَنْ يَحْجُبُهُ كَإِقْرَارِ أَخٍ بِابْنٍ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ (وَ) لَوْ قَالَ ابْنُ الْمَيِّتِ مَثَلًا لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ (هَذَا أَخِي) ، ثُمَّ قَالَ (بَلْ) هَذَا أَخِي (فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ) أَيْ لَهُ نِصْفُ التَّرِكَةِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِذَلِكَ، وَإِضْرَابُهُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ ذَلِكَ (وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ) بِيَدِ الْمُقِرِّ، وَهُوَ رُبُعُ التَّرِكَةِ فَلَوْ قَالَ لِثَالِثٍ، بَلْ هَذَا أَخِي لَكَانَ لَهُ نِصْفُ الْبَاقِي، وَهُوَ الثُّمُنُ وَسَوَاءً أَقَرَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِتَرَاخٍ، أَوْ بِفَوْرٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ، بَلْ لِلْإِضْرَابِ لَا لِلتَّشْرِيكِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ.
(وَإِنْ تَرَكَ) مَيِّتٌ (أُمًّا، وَأَخًا فَأَقَرَّتْ) الْأُمُّ (بِأَخٍ) آخَرَ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الثَّابِتُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ (مِنْهَا السُّدُسُ) لِحَجْبِهَا بِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إلَيَّ السُّدُسِ وَلَيْسَ لِلْأَخِ الثَّابِتِ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ شَقِيقًا، وَالْمُقَرُّ بِهِ لِلْأَبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ، وَالْأَخُ الثَّابِتُ مُنْكِرٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ شَيْئًا وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ لَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَخِ لِلْأَبِ لَهُ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ بِإِقْرَارِ الشَّقِيقِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْأَخُ الثَّابِتُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ بِهِ شَيْءٌ إذْ لَا تَنْقُصُ الْأُمُّ عَنْ السُّدُسِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ) أَيْ عِنْدَ مَوْتِهِ (بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا) مِنْ غَيْرِهِ (وَنَسِيَتْهَا الْوَرَثَةُ، وَالْبَيِّنَةُ) أَيْ نَسُوا اسْمَهَا الَّذِي سَمَّاهُ لَهُمْ (فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ) أَيْ اعْتَرَفُوا بِإِقْرَارِهِ مَعَ نِسْيَانِهِمْ اسْمَهَا (فَهُنَّ) أَيْ بَنَاتُ الْجَارِيَةِ الثَّلَاثَةُ (أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
سَفِيهًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ حِصَّتِهِ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ هِيَ النِّصْفُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ أَنَّك تَقْسِمُ الْمَالَ الْمَتْرُوكَ عَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى الْإِقْرَارِ فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ اثْنَانِ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ ثَلَاثٌ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ لِلتَّبَايُنِ فَإِذَا قُسِمَتْ السِّتَّةُ عَلَى الْإِنْكَارِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ، وَالْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ فَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ بِهِ مَا نَقَصَهُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ اثْنَيْنِ وَيَأْخُذُ الْمُنْكِرُ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ ثُلُثُهَا) أَيْ وَلِلْمُقِرِّ ثُلُثَاهَا، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِ الْمُقِرِّ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ) أَيْ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ الْمُقِرُّ فَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخَوَانِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِابْنٍ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ أَخَذَ الِابْنُ الْمُقَرُّ بِهِ نِصْفَ الْمَالِ، وَأَخَذَ الْأَخُ الْمُنْكِرُ نِصْفَهُ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخٌ وَاحِدٌ، وَأَقَرَّ بِابْنٍ أَخَذَ الِابْنُ جَمِيعَ الْمَالِ، وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ أَخَذَ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ بِقَدْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا كَانَ نَصِيبُهُ نِصْفَ التَّرِكَةِ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ أَخَذَ مِنْهُ ثُلُثَ الدَّيْنِ، وَهَكَذَا وَيَكُونُ هَذَا الْوَارِثُ الْمُقِرُّ شَاهِدًا بِالدَّيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنْكِرِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُنْكِرِ مَا يَخُصُّهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْخَذُ جَمِيعُ نَصِيبِ الْمُقِرِّ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ بَعْضُهُ لَا يَفِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ، بَلْ لِلْإِضْرَابِ لَا لِلتَّشْرِيكِ) أَيْ وَمَتَى كَانَ الْعَاطِفُ لِلْإِضْرَابِ كَمَا هُنَا فَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُهْلَةِ، وَالْفَوْرِيَّةِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ، وَالْفَوْرِيَّةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْعَاطِفُ لِلتَّشْرِيكِ كَالْوَاوِ فِي مِثْلِ هَذَا أَخِي، وَهَذَا أَخِي، أَوْ لَمْ يَكُنْ عَطْفٌ أَصْلًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ، وَهُوَ عبق حَيْثُ قَالَ إذَا أَقَرَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِتَرَاخٍ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِفَوْرٍ وَاحِدٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا يَعْنِي مَعَ الْمُقِرِّ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِرْثِ فَيَكُونُ أَثْلَاثًا.
(قَوْلُهُ فَلَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ حِصَّتِهَا الَّتِي أَخَذَتْهَا، وَهِيَ الثُّلُثُ السُّدُسُ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السُّدُسِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأَخِ الثَّابِتِ ثُلُثَاهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ السُّدُسُ الْبَاقِي وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْأَخُ الثَّابِتُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ إنَّمَا يَأْخُذُ السُّدُسَ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ (قَوْلُهُ، وَالْأَخُ الثَّابِتُ مُنْكِرٌ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الْأُمَّ تَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ، وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ غَيْرَ الثُّلُثَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسِ شَيْئًا وَعَلَى هَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ أَخٌ لِأَبٍ أَخَذَ مِنْ الْمِيرَاثِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَخْذِ الْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسَ بِالْإِقْرَارِ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ الشَّقِيقِ مِثْلُهُ فِي خش وعبق (قَوْلُهُ إذْ لَا وَجْهَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ، وَالْأُمُّ لَمْ تُقِرَّ لِلْأَخِ لِلْأَبِ بِالسُّدُسِ، وَإِنَّمَا أَقَرَّتْ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، وَهَذَا الْإِقْرَارُ لَا يُوجِبُ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْإِرْثِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَرِثُ شَيْئًا مَعَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الشَّقِيقِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُهُ الْأَخُ الشَّقِيقُ.
(قَوْلُهُ أَيْ اعْتَرَفُوا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُ أَقَرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ مَعْلُومٌ كَوْنُهَا لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهَا ثَلَاثَ بَنَاتٍ، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ فُلَانَةُ هَذِهِ بِنْتِي مِنْ جَارِيَتِي، وَالْأُخْرَيَانِ وَلَدَاهَا مِنْ غَيْرِي، ثُمَّ إنَّ الْبَيِّنَةَ، وَالْوَرَثَةَ نَسُوا عَيْنَ تِلْكَ الْبِنْتِ الَّتِي سَمَّاهَا الْمَيِّتُ لَهُمْ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَرَثَةُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ فَدِّ أَقَرَّ مَعَ نِسْيَانِهِمْ لِعَيْنِهَا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَعْتَرِفُوا بِمَقَالَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ حَكَمَ فِيهَا بِثُبُوتِ بِنْتٍ لَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَقُ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ