مَا عَلِمْت وَالْحُكْمَ فِيمَا بَيْنَهُمَا مُتَّحِدٌ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ لِلذَّهَابِ لِنَحْوِ الْبَيْتِ؛ وَالضِّيقَ وَالْوُسْعَ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ.
{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ وَهُوَ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَزِيَادَةُ رِبْحٍ مَعْلُومٍ لَهُمَا (وَجَازَ) الْبَيْعُ حَالَ كَوْنِهِ (مُرَابَحَةً) (وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمُرَادُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بَيْعَ الْمُسَاوَمَةِ فَقَطْ لَا مَا يَشْمَلُ الْمُزَايَدَةَ وَالِاسْتِئْمَانَ إذْ الْأَوْلَى تَرْكُهُمَا أَيْضًا لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْحَيْثِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ، وَأَمَّا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَّا بِقَدْرِ نَقْلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مَا عَلِمْت) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَضُرُّ فِي الصَّرْفِ الْمُفَارَقَةُ وَطُولُ الْمَجْلِسِ وَيُغْتَفَرُ فِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ التَّأْخِيرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَضُرُّ التَّأْخِيرُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ) أَيْ اغْتِفَارُ التَّأْخِيرِ لِلذَّهَابِ إلَخْ، وَأَمَّا التَّأْخِيرُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُغْتَفَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَالْخِلَافُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَقْوَى مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهُ وَهَكَذَا، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ
[فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ]
{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ} (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ رِبْحٍ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْوَضِيعَةِ وَالْمُسَاوَاةِ لَا يُقَالُ لَهُ مُرَابَحَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِمَا حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلنَّوْعِ الْغَالِبِ فِي الْمُرَابَحَةِ الْكَثِيرِ الْوُقُوعِ لَا أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَةِ الْمُرَابَحَةِ الشَّامِلَةِ لِلْوَضِيعَةِ وَالْمُسَاوَاةِ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُرَابَحَةَ بِأَنَّهَا بَيْعٌ مُرَتَّبٌ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ بَيْعٍ تَقَدَّمَهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فَقَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ صَادِقٌ بِكَوْنِ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ قَالَ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ الْمُسَاوَمَةُ وَالْمُزَايَدَةُ وَالِاسْتِئْمَانُ وَخَرَجَ بِالثَّانِي الْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشُّفْعَةُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْوَضِيعَةِ وَالْمُسَاوَاةِ إمَّا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ فِي التَّسْمِيَةِ أَيْ اصْطِلَاحٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْمُنَاسَبَةِ أَوْ أَنَّ الْوَضِيعَةَ رِبْحٌ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ رِبْحٌ لِلْبَائِعِ، وَإِطْلَاقُ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ بِاعْتِبَارِ رِبْحِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ إذْ قَدْ يَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً أُخْرَى يَرْبَحُ فِيهَا وَانْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ إذْ قَدْ يَبِيعُهَا فَيَرْبَحُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَجَازَ) الْأَوْلَى جَعْلُ الْوَاوِ لِلِاسْتِئْنَافِ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ أَنَّ الْأَنْسَبَ بِالْوَاوِ الْوَاقِعَةِ فِي أَوَّلِ التَّرَاجِمِ الِاسْتِئْنَافُ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً لِلْجُمْلَةِ بَعْدَهَا عَلَى جُمْلَةِ جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةً وَالضَّمِيرُ فِي جَازَ لِلْبَيْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ حَالَ كَوْنِهِ مُرَابَحَةً أَيْ ذَا رِبْحٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ وَلَوْ افْتَقَرَ لِفِكْرَةٍ حِسَابِيَّةٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ بَعْدُ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ الْمَازِرِيِّ الْجَوَازَ بِمَا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ إدْرَاكُ أَجْزَاءِ جُمْلَةِ الرِّبْحِ لِفِكْرَةٍ حِسَابِيَّةٍ تَشُقُّ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَغْلِبَ الْغَلَطُ وَإِلَّا مُنِعَ.
(قَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) أَيْ وَأَمَّا هُوَ فَهُوَ غَيْرُ مَحْبُوبٍ لِكَثْرَةِ احْتِيَاجِ الْبَائِعِ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ لَا الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَإِلَّا نَاقَضَهُ مَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ خِلَافُ اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ الْمُسَاوَمَةُ فَقَطْ) أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ أَوْ الْإِضَافَةُ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ) كَأَنْ تَأْتِيَ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَتَقُولَ لَهُ بِعْنِي هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا فَيَقُولُ لَك يَفْتَحُ اللَّهُ فَتَزِيدَ لَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَرْضَى فَتَأْخُذَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَك الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَزِيدُ عَلَيْك وَلِذَا عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ بَيْعٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ ثَمَنُ مَبِيعِهِ الْمَعْلُومِ قَدْرُهُ عَلَى اعْتِبَارِ ثَمَنٍ فِي بَيْعٍ قَبْلَهُ إنْ الْتَزَمَ مُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ لَا عَلَى قَبُولِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَةَ الْمُرَابَحَةِ وَقَوْلُهُ إنْ الْتَزَمَ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ (قَوْلُهُ لَا مَا يَشْمَلُ الْمُزَايَدَةَ) أَيْ وَهِيَ أَنْ تُعْطِيَ السِّلْعَةَ لِلدَّلَّالِ يُنَادِي عَلَيْهَا فِي السُّوقِ فَيُعْطِي زَيْدٌ فِيهَا عَشَرَةً فَيَزِيدُ عَلَيْهِ عَمْرٌو وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَقِفَ عَلَى حَدٍّ فَيَأْخُذُهَا بِهِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَالِاسْتِئْمَانَ) كَأَنْ تَأْتِيَ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَتَقُولَ لَهُ أَنَا أَجْهَلُ ثَمَنَهَا بِعْنِي كَمَا تَبِيعُ النَّاسَ فَيَقُولُ لَهُ أَنَا أَبِيعُ لَهُمْ بِكَذَا فَتَأْخُذُ مِنْهُ بِمَا قَالَ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا بَيْعٌ يَتَوَقَّفُ صَرْفُ قَدْرِ ثَمَنِهِ عَلَى عِلْمِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ لِمَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ أَيْ قَبْلَ الرُّكُونِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلشَّحْنَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا قَبْلَ الرُّكُونِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ حَرَامٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute