وَقَدْ تَقَدَّمَ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ النِّيَّةُ وَالْمُوَالَاةُ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ دَرْسٌ (وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَمَّا وَجْهُ الشَّبَهِ فِي النِّيَّةِ فَبِاعْتِبَارِ وَصْفِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَوَّلُ مَفْعُولٍ وَأَنَّهُ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ أَيْ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ أَوْ الْفَرْضِ وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ أَوْ نِسْيَانُ حَدَثٍ بِخِلَافِ إخْرَاجِهِ أَوْ نِيَّةُ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ وَسَائِرُ مَا مَرَّ فِيهَا لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ لِوُجُوبِ النِّيَّةِ هُنَا اتِّفَاقًا بِخِلَافِهَا فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ جَرَى فِيهَا خِلَافٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا فِي الْمُوَالَاةِ فَبِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ هُنَا أَيْضًا مِنْ الْوُجُوبِ إنْ ذُكِرَ وَقُدِّرَ وَالسُّنَّةُ أَنَّهُ يَبْنِي بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ.
(وَإِنْ) (نَوَتْ) امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ بِغُسْلِهَا (الْحَيْضَ) أَوْ النِّفَاسَ (وَالْجَنَابَةَ) مَعًا (أَوْ) نَوَتْ (أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً) أَوْ ذَاكِرَةً (لِلْآخَرِ) وَلَمْ تُخْرِجُهُ حَصَلَا.
(أَوْ) (نَوَى) الْمُغْتَسِلُ (الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ) أَوْ الْعِيدَ أَيْ أَشْرَكَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (أَوْ) نَوَى الْجَنَابَةَ (نِيَابَةً)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوَّلِ صَلَاةٍ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَبِسَتْهُ بِأَنْ أَتَاهَا الدَّمُ دُفْعَةً وَانْقَطَعَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْزِعُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَمِنْ آخِرِ لُبْسَةٍ وَتُعِيدُ صَوْمَ مَا تُعِيدُ صَلَاتَهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ عَادَتَهَا وَإِلَّا اقْتَصَرَتْ عَلَيْهَا ابْنُ حَبِيبٍ لَا تُعِيدُ فِي الصَّوْمِ إلَّا يَوْمًا فَقَطْ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ تَنْزِعُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِإِعَادَةِ الصَّوْمِ مُدَّةَ عَادَتِهَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الدَّمَ أَتَاهَا لَحْظَةً وَانْقَطَعَ فَاَلَّذِي بَطَلَ صَوْمُهُ يَوْمَ نُزُولِهَا فَقَطْ إمْكَانُ تَمَادِي الدَّمِ أَيَّامًا وَلَمْ تَشْعُرْ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَبْيَنُ عِنْدِي لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا أَتَاهَا لَحْظَةً وَانْقَطَعَ إذْ لَوْ اسْتَمَرَّ نُزُولُهُ عَلَيْهَا لَشَعَرَتْ بِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي ثَوْبِهَا فَقَطْ وَاعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ بِأَنَّ الْحَيْضَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَرْفَعُ النِّيَّةَ فَقَدْ صَامَتْ بِلَا نِيَّةٍ فَوَجَبَ إعَادَةُ الْجَمِيعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا حَيْثُ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَهِيَ عَلَى النِّيَّةِ الْأُولَى لَمْ تَرْفَعْهَا فَلَا يَبْطُلُ التَّتَابُعُ
[فَرَائِض الْغُسْل]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ يَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ لِلنِّيَّةِ وَالْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا أَوَّلُ مَفْعُولٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ أَوَّلِ مَفْعُولٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَنْوِي إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَنَّهَا أَيْ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَنْوِي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْفَرْضُ) أَيْ فَرْضُ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَا الطَّوَافِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ نِسْيَانُ حَدَثٍ) كَمَا لَوْ نَوَتْ رَفْعَ الْحَدَثِ مِنْ الْحَيْضِ نَاسِيَةً لِلْجَنَابَةِ أَوْ الْعَكْسَ أَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ مِنْ الْجِمَاعِ نَاسِيًا لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ أَوْ الْعَكْسَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إخْرَاجِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت الْغُسْلَ مِنْ الْجِمَاعِ لَا مِنْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَالْحَالُ أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا أَخْرَجَهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةُ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ) أَيْ وَبِخِلَافِ نِيَّةِ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ أَوْ فِي الْمَنْدُوبَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِاعْتِبَارِ وَصْفِهَا أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَوَاجِبَةٌ نِيَّةٌ كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ يَعْنِي مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: جَرَى فِيهَا خِلَافٌ) أَيْ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَذَلِكَ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ هُنَا لِتَعَلُّقِ الْغُسْلِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ لَا بِالْفَرْجِ فَقَطْ وَالنَّظَافَةُ هُنَاكَ لِتَعَلُّقِهِ بِأَعْضَاءِ الْأَوْسَاخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يُحْسِنُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ التَّشْبِيهِ فِي الصِّفَةِ لَا فِي الْحُكْمِ فِي كَلَامِ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِيهَا فِي الْوُضُوءِ لَا فِي كَلَامِ مَنْ لَمْ يَحْكِ ذَلِكَ كَالْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ التَّشْبِيهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي الصِّفَةَ وَالْحُكْمَ قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّشْبِيهَيْنِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَفِي الثَّانِي مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَالْحُكْمُ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَتْ امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٌ) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ الْجَنَابَةُ عَلَى الْحَيْضِ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَتْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ نَوَتْ الْحَيْضَ نَاسِيَةً لِلْجَنَابَةِ أَوْ نَوَتْ الْجَنَابَةَ نَاسِيَةً لِلْحَيْضِ وَقَوْلُهُ: حَصَلَا أَيْ فِي الْأُولَى عَلَى الْمَنْصُوصِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَمُفَادُ قَوْلِهِ أَوْ نَوَتْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَنَّ الْمَانِعَيْنِ حَصَلَا لِلْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّهَا نَوَتْ الْغُسْلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَرَكَتْ الْآخَرَ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا أَحَدُهُمَا وَنَوَتْ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا أَجْزَأَ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا لِتَلَاعُبِهَا
(قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ أَوْ الْعِيدَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْنِي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ فِي النِّيَّةِ عَلَى الْجَنَابَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صِحَّةُ نِيَّةِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ لِلْفَضِيلَةِ وَالْقَضَاءِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِهَا الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِهَا الْفَرْضَ وَالرَّدَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ أَشْرَكَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي قَلْبِهِ نَوَيْت الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ أَفْرَدَ كُلًّا بِنِيَّةٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ قَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute