وَكُرِهَتْ لِلْفَاضِلِ (وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) بَلْ يُسْنَمُ كَغَيْرِهِ مِنْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لَا فَائِتَةَ) امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا فَلَا يُقْتَلُ بِهَا حَيْثُ لَمْ يُطْلَبْ بِهَا فِي سَعَةِ وَقْتِهَا بَلْ بَعْدَ خُرُوجِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) الْأَوْلَى عَلَى الْمَقُولِ
(وَ) التَّارِكُ (الْجَاحِدُ) لِوُجُوبِهَا أَوْ رُكُوعِهَا أَوْ سُجُودِهَا (كَافِرٌ) مُرْتَدٌّ اتِّفَاقًا يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كُفْرًا وَمَالُهُ فَيْءٌ؛ كَجَاحِدٍ كُلَّ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.
(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ إعْلَامٍ بِشَيْءٍ. وَشَرْعًا الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَشْرُوعَةٍ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْأَلْفَاظِ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (سُنَّ الْأَذَانُ) وَيَصِحُّ إرَادَةُ الثَّانِي عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ فِعْلُهُ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا) لِلصَّلَاةِ بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ تَلَاصَقَتْ أَوْ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَبِكُلِّ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالِاجْتِمَاعِ لَا لِمُنْفَرِدٍ وَلَا لِجَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا بَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ إنْ كَانُوا بِحَضَرٍ وَيُنْدَبُ إنْ كَانُوا بِسَفَرٍ كَمَا سَيَأْتِي (فِي فَرْضٍ) لَا سُنَّةٍ فَيُكْرَهُ (وَقْتِيٍّ) نِسْبَةً إلَى الْوَقْتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ الْمَحْدُودُ الْمُعَيَّنُ فَخَرَجَ الْفَائِتَةُ إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ مَحْدُودٌ بَلْ وَقْتُهَا حَالُ تَذَكُّرِهَا فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لَهَا وَخَرَجَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَكُرِهَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلْفَاضِلِ رَدْعًا لِغَيْرِهِ وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِ الْفَاضِلِ عَلَيْهِ فَهِيَ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) أَيْ لَا يُخْفَى أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَا فَائِتَةَ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِفَرْضًا أَيْ حَاضِرًا لَا فَائِتَةَ أَوْ عَلَى فَرْضًا بِتَأْوِيلِهِ بِحَاضِرًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُطْلَبُ بِهَا فِي سِعَةِ وَقْتِهَا) أَيْ وَإِلَّا أَدَّى إلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ لِأَنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ رَكْعَةٍ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ فَيَفُوتُ الْوَقْتُ فَنَقُولُ لَا يُقْتَلُ بِالْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَتْلِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ فِعْلِ الْفَائِتَةِ الْمَازِرِيُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَبِالْقَوْلِ لِلْمَازِرِيِّ أَنِّي مَتَى صَرَّحْت بِالْقَوْلِ كَانَ لِلْمَازِرِيِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ الْتَزَمَ كُلَّ مَا كَانَ لِلْمَازِرِيِّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ كَذَا أُجِيبَ وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتِمُّ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ وَأُشِيرُ يَصِحُّ أَوْ اُسْتُحْسِنَ إلَى أَنَّ شَيْخَنَا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ فَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إنَّ عَدَمَ الْقَتْلِ بِالْفَائِتَةِ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ فَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ لِاعْتِمَادِ غَيْرِ الْمَازِرِيِّ فَقَطْ.
(تَنْبِيهٌ) حُكْمُ مَنْ قَالَ لَا أُصَلِّي مَنْ قَالَ لَا أَتَوَضَّأُ أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَيُؤَخَّرُ إذَا طُلِبَ بِالْفِعْلِ طَلَبًا مُتَكَرِّرًا فِي سِعَةِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ مَعَ الرَّكْعَةِ وَيُقْتَلُ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لَا أَغْسِلُ النَّجَاسَةَ أَوْ لَا أَسْتُرُ عَوْرَتِي خِلَافًا لعبق فِي شَرْحِ الْعِزِّيَّةِ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ كَسَلًا وَجَحْدًا كَالصَّلَاةِ أَيْ فَتَارِكُهُ جَحْدًا كَافِرٌ وَتَارِكُهُ كَسَلًا يُؤَخَّرُ لِقُبَيْلِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ مَا يُوقِعُ فِيهِ النِّيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُتِلَ وَتَارِكُ الْحَجِّ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَرُبَّ عُذْرٍ فِي الْبَاطِنِ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَدِينُ وَتَارِكُ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ كُرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ كَانَ هَدَرًا وَلَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ وَتَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: الْجَاحِدُ لِوُجُوبِهَا) أَيْ جُمْلَةً بِأَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ رُكُوعُهَا أَوْ سُجُودُهَا عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ وُجُوبِهَا أَيْ أَوْ جَحَدَ وُجُوبَ رُكُوعِهَا أَوْ وُجُوبَ سُجُودِهَا مَعَ إقْرَارِهِ بِوُجُوبِهَا بِأَنْ قَالَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ لَكِنَّ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ أَوْ الْقِيَامَ لَهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَافِرٌ) قَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ) أَيْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَجَاحِدٍ كُلَّ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّالُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ الْإِجْمَاعُ وَذَلِكَ كَالْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَأَمَّا مَنْ جَحَدَ أَمْرًا مِنْ الدِّينِ وَكَانَ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ فَفِي كُفْرِهِ قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْكُفْرِ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا ضَرُورِيًّا وَلَيْسَ مِنْ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا كَمَا إذَا أَنْكَرَ وُجُودَ بَغْدَادَ
[فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]
(فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ) (قَوْلُهُ: الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ أَذَّنَ الْعَصْرُ وَإِنَّمَا يُقَالُ أَذَّنَ بِهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: سُنَّ) أَيْ كِفَايَةً وَقَوْلُهُ: الْأَذَانِ أَيْ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَشْرُوعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِعْلُهُ) أَيْ الْأَذَانِ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ الْمَشْرُوعَةِ وَالْمُرَادُ بِفِعْلِهَا الْإِتْيَانُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهَا) أَيْ أَوْ كَانَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَوْ قَسَمَ الْمَسْجِدَ أَهْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً لِارْتِفَاعِ مِلْكِهِمْ عَنْهُ بِالتَّحْبِيسِ (قَوْلُهُ: لَا لِمُنْفَرِدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا بِسَفَرٍ) أَيْ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا يُشْتَرَطُ سَفَرُ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا) أَيْ فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute