للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا رَدَّ (إلَّا الْقُرَشِيَّةَ) كَغَيْرِهَا مَعَ الشَّرْطِ (تَتَزَوَّجُهُ عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ) فَتَجِدُهُ عَرَبِيًّا غَيْرَ قُرَشِيٍّ فَلَهَا الرَّدُّ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ كَالْعَرَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوَالِي.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى السَّبَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِلْخِيَارِ وَهُمَا الْعَيْبُ وَالْغُرُورُ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْعِتْقُ فَقَالَ.

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ) وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ (وَ) جَازَ (لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا) وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ (فِرَاقُ) زَوْجِهَا (الْعَبْدِ) ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ رِقٍّ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَخْتَارَ وَقَوْلُهُ: (فَقَطْ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا لَا إنْ لَمْ يَكْمُلْ فِرَاقُ الْعَبْدِ لَا الْحُرِّ (بِطَلْقَةٍ) لَا أَكْثَرَ سَوَاءٌ بَيَّنَتْهَا أَوْ أَبْهَمَتْهَا بِأَنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي (بَائِنَةٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ بَائِنَةٌ لَا بِالْجَرِّ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ نُطْقِهَا، إذْ لَوْ قُلْنَا: إنَّهَا رَجْعِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهَا الْوَاحِدَةِ فَائِدَةً فَإِنْ أَوْقَعَتْ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ رَدُّ الثَّانِيَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَوْلُهُ: (أَوْ اثْنَتَيْنِ) إشَارَةٌ لِقَوْلِ الْأَقَلِّ فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ (وَسَقَطَ صَدَاقُهَا) أَيْ نِصْفُهُ بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا.

(قَبْلَ الْبِنَاءِ وَ) سَقَطَ (الْفِرَاقُ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا خِيَارٌ بَلْ تَثْبُتُ زَوْجَةً تَحْتَ الْعَبْدِ (إنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ) أَيْ قَبَضَ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ قَبْلَ عِتْقِهَا وَأَعْتَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَحِينَئِذٍ فَلَا يَشْمَلُ الْفَارِسِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ صَرِيحُ الِاشْتِرَاطِ وَإِلَّا كَانَ لَهَا الرَّدُّ مُطْلَقًا عَرَبِيَّةً أَمْ لَا كَمَا فِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ

[فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ]

(فَصْلٌ وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ) .

(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا) أَيْ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ بِأَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ جَمِيعَهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةَ الرِّقِّ أَوْ بَاقِيَهَا إنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ عَتَقَتْ بِأَدَاءِ كِتَابَتِهَا أَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً وَعَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَمُلَ عِتْقُهَا عَمَّا إذَا حَصَلَ لَهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَتَدْبِيرٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ أَوْ عِتْقِ بَعْضٍ أَوْ إيلَادٍ مِنْ سَيِّدٍ كَمَا لَوْ غَابَ الزَّوْجُ وَاسْتَبْرَأَهَا السَّيِّدُ مِنْ مَاءِ الزَّوْجِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ وَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ فَلَا يَحْصُلُ لَهَا الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ: فِرَاقُ الْعَبْدِ ابْنُ رُشْدٍ عِلَّةُ تَخْيِيرِهَا نَقْصُ زَوْجِهَا لَا جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلِذَا قُلْنَا: لَا خِيَارَ لَهَا إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ الْحُرِّ عَلِيٌّ وَقَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَنَّ عِلَّتَهُ جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ لَهَا الْخِيَارُ إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ الْحُرِّ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشَائِبَةِ رِقٍّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَالْأَحْسَنُ شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَائِلًا عَدَمُ ذِكْرِ أَكْثَرِهِمْ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا مُخِلٌّ بِفَائِدَةٍ مُعْتَبَرَةٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْتَارَ) هَذَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلصَّغِيرَةِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَكَذَا لِلسَّفِيهَةِ مَا لَمْ تُبَادِرْ لِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا، وَلَوْ رَضِيَتْ الصَّغِيرَةُ أَوْ السَّفِيهَةُ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ يَلْزَمُهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ حُسْنَ نَظَرٍ وَلَزِمَهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِإِبْهَامِهَا، وَأَمَّا تَبْيِينُهَا فَبِأَنْ تَقُولَ طَلَّقْت نَفْسِي طَلْقَةً وَاحِدَةً.

(قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَطْعُ النَّعْتِ هُنَا عَلَى التَّبَعِيَّةِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ نَعْتَ النَّكِرَةِ لَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا وَصَفْت قَبْلَهُ بِنَعْتٍ آخَرَ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَمَا زَعَمَهُ فِي الْجَرِّ مِنْ الْإِيهَامِ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ تَأَمَّلْ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: إذْ لَوْ قُلْنَا إلَخْ) عِلَّةُ الْمَحْذُوفِ أَيْ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهَا بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهَا الْوَاحِدَةَ فَائِدَةٌ) أَيْ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فَلَا مَعْنَى لِاخْتِيَارِهَا.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ لَهَا الْفِرَاقُ بِطَلْقَةٍ لَا أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ: فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ) هَذَا نَحْوُ قَوْلِ تت هَذِهِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ رَجَعَ لَهَا مَالِكٌ فَلَيْسَتْ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَلَوْ قَالَ وَهَلْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ رِوَايَتَانِ لَكَانَ أَبْيَنَ اهـ وَظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ اخْتِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَعْنَى أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي لُزُومِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِإِيقَاعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ هَذَا، وَقَدْ اسْتَبْعَدَ طفى كَوْنَ أَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ قَائِلًا: إنَّهُ إخْرَاجٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِلَا دَاعٍ إذْ لَمْ يُعْهَدْ فِيهِ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلِلْأَمَةِ إذَا عَتَقَتْ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا بِالْبَتَاتِ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا تَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً. وَقَالَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَبَتَاتُهَا اثْنَانِ، إذْ هُمَا بَتَاتُ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ نِصْفُهُ) الْأَوْلَى جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ سُقُوطُ النِّصْفِ الَّذِي كَانَتْ تَسْتَحِقُّهُ بِالْفِرَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَلْزَمُ سُقُوطُ الْجَمِيعِ لِاخْتِيَارِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ اخْتَارَتْ قَبْلُ فَلَا صَدَاقَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا نِصْفُهُ اهـ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا مَهْرَ لَهَا اهـ؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَمُلَ عِتْقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهَا يَتْبَعُهَا إذَا عَتَقَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَيِّدُهَا أَخَذَهُ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَوْ اشْتَرَطَ أَخْذَهُ مِنْ الزَّوْجِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا رَضِيَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْفِرَاقُ) عَطْفٌ عَلَى صَدَاقِهَا أَيْ وَسَقَطَ اخْتِيَارُ الْفِرَاقِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ وَقَعَ الْعِتْقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَذْفَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَيْدٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَيْدًا فِي الْمَعْطُوفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَا كَانَ قَيْدًا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>