للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْعَبْدِ فَكَيْفَ تَرِثُهُ الْأُخْتُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بِمَوْتِ أَخِيهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ مَا تَرَكَهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَرَكَهُ نِصْفُ الْوَلَاءِ وَهِيَ تَرِثُ مِنْ أَخِيهَا نِصْفَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا تَرِثُهُ أُنْثَى كَمَا تَقَدَّمَ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ إرْثَهَا الرُّبُعَ بِفَرْضِ حَيَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى إرْثِهَا مِنْ الْعَبْدِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى إرْثِهَا مِنْ أَبِيهَا حَيْثُ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ فَقَالَ (وَإِنْ) (مَاتَ الِابْنُ) وَوَرِثَهُ الْأَبُ (ثُمَّ) مَاتَ (الْأَبُ) (فَلِلْبِنْتِ) مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا (النِّصْفُ بِالرَّحِمِ) أَيْ النَّسَبِ فَرْضًا (وَالرُّبُعُ بِالْوَلَاءِ) الَّذِي لَهَا فِي أَبِيهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفًا (وَ) لَهَا (الثَّمَنُ بِجَرِّهِ) أَيْ بِسَبَبِ جَرِّ الْوَلَاءِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الرُّبُعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا الَّذِي مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ تَرِثُ مِنْهُ نِصْفَهُ وَنِصْفُ الرُّبُعِ ثُمُنٌ وَفِيهِ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ

(دَرْسٌ) (بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ مُوصٍ وَمُوصَى لَهُ وَمُوصَى بِهِ وَصِيغَةٌ وَذَكَرَ أَوَّلَهَا مَعَ شُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (صَحَّ) (إيصَاءُ حُرٍّ) لَا رَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ (مُمَيِّزٍ) لَا مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ وَسَكْرَانَ غَيْرِ مُمَيَّزَيْنِ حَالَ الْإِيصَاءِ (مَالِكٍ) لِلْمُوصَى بِهِ مِلْكًا تَامًّا فَمُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمَا (وَإِنْ) كَانَ الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ (سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ أَنْفُسِهِمَا فَلَوْ مُنِعَا مِنْ الْوَصِيَّةِ لَكَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ غَيْرِهِمَا وَهُوَ الْوَارِثُ (وَهَلْ) مَحِلُّ صِحَّةِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ (إنْ لَمْ يَتَنَاقَصْ قَوْلُهُ) بِأَنْ لَا يَخْلِطَ فِي الْكَلَامِ فَإِنْ خَلَطَ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ أَوَّلَهُ مِنْ آخِرِهِ لَمْ تَصِحَّ (أَوْصَى بِقُرْبَةٍ) فَإِنْ أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

النِّصْفِ الْآخَرِ وَهُوَ الرُّبُعُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ أَخُوهَا وَلَا وَارِثَ لَهُ بِالنَّسَبِ انْتَقَلَ إرْثُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ وَأُخْتِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَوَالِي أَبِيهِ إذْ لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ وَهِيَ تَرِثُ مِنْ أَخِيهَا نِصْفَ مَا تَرَكَ.

(قَوْلُهُ وَأُجِيبَ أَيْضًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ الْبِنْتَ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ النِّصْفِ الْبَاقِي لَكِنَّهُ قُدِّرَ حَيَاةُ أَخِيهَا بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَإِرْثِهِ لِلنِّصْفِ الْبَاقِي فَلِذَا وَرِثَتْ نِصْفَ ذَلِكَ النِّصْفِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ) أَيْ وَقَدْ كَانَتْ اشْتَرَتْهُ هِيَ وَأَخُوهَا وَعَتَقَ عَلَيْهِمَا بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا فِي هَذِهِ وَأَعْتَقَهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ عَبْدًا كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ اشْتَرَى فَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ الْأَبُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْبِنْتُ.

(قَوْلُهُ سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا) أَيْ وَالثُّمُنُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً وَلِبَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَهُ) أَيْ فَلَمَّا أَعْتَقَتْ نِصْفَهُ أَخَذَتْ مَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ وَنِصْفُ الْبَاقِي لِلْعَاصِبِ رُبُعٌ وَالرُّبُعُ الثَّانِي لِأَخِيهَا الْمُشَارِكِ لَهَا فِي عِتْقِ الْأَبِ يَنْجَرُّ لَهَا نِصْفُهُ بِعِتْقِهَا لِنِصْفِ أَبِيهِ.

(قَوْلُهُ تَرِثُ مِنْهُ نِصْفَهُ) أَيْ يَنْجَرُّ لَهَا نِصْفُهُ بِعِتْقِهَا لِنِصْفِ أَبِيهِ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ) أَيْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِابْنَ هُنَا مَاتَ قَبْلَ الْأَبِ فَكَيْفَ تَرِثُ مِنْهُ الْبِنْتُ مَا لَمْ يَرِثُهُ وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ

[بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْوَصَايَا)

هِيَ جَمْعُ وَصِيَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ وَصَّيْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا وَصَّلْته بِهِ كَأَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا أَوْصَى بِهَا وَصَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا قَبْلَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ يُقَالُ أَوْصَيْت لَهُ أَيْ بِمَالٍ وَأَوْصَيْت إلَيْهِ أَيْ جَعَلْته وَصِيًّا فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ ابْنُ عَرَفَةَ الْوَصِيَّةُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا الْفُرَّاضِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ اهـ وَقَوْلُهُ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى حَقًّا وَقَوْلُهُ لَا الْفُرَّاضُ أَيْ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ خَاصَّةٌ بِالْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ مَعَ شُرُوطِهِ) أَيْ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ مُمَيِّزٌ) فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ عَلَى عبق إنَّ الْمُوصِيَ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَقَعَتْ فِي حَالَةِ التَّمْيِيزِ.

(قَوْلُهُ مَالِكٌ لِلْمُوصَى بِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ لِئَلَّا يُنَاقِضَهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا.

(قَوْلُهُ فَمُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ إلَخْ) تَعَقَّبَ شَيْخُنَا بِأَنَّ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ مِنْ أَفْرَادِ غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَيْسَ خَارِجًا بِقَيْدِ التَّمَامِ وَإِنَّمَا خَرَجَ بِهِ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَهُوَ قَدْ خَرَجَ بِالْحُرِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ التَّمَامِ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ مَالِكٌ لِمَا بِيَدِهِ وَإِلَّا لِمَا وُفِّيَتْ مِنْهُ دُيُونُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ عِتْقَهُ مَاضٍ حَيْثُ أَرْبَابُ التَّبِعَاتِ نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَوْ رُزِقَ بِمَا يَفِي لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفِيهًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ كَمَا فِي ح قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِذَا تَدَايَنَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ فَيَجُوزُ مِنْ ثُلُثِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا بَاعَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ بَيْعَهُ حَتَّى مَاتَ يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ ابْنُ زَرْقُونٍ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَنَحْوَهُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّتْ وَصِيَّتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ قَوْلُهُ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وَصِيَّةِ الْبَالِغِ أَيْضًا وَكَأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّصَ الصَّبِيَّ بِذَلِكَ نَظَرًا لِشَأْنِهِ مِنْ حُصُولِ التَّنَاقُضِ مِنْهُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِخَمْسَةٍ أَوْصَيْت لَهُ بِعَشْرَةٍ. (قَوْلُهُ أَوْ مَحِلُّ الصِّحَّةِ إنْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَنَاقَضَ فِي وَصِيَّتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ أَحَدٌ إذْ مَعَ التَّنَاقُضِ لَا يُلْتَفَتُ لِلْوَصِيَّةِ وَلَوْ مِنْ بَالِغٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمُبَاحَ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ بِالْمُحَرَّمِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>