للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِقِتَالٍ) بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَصَفِيِّ الْمَغْنَمِ) أَيْ مَا يَخْتَارُهُ مِنْهُ قُبَيْلَ الْقَسْمِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ.

(وَالْخُمُسِ) صَوَابُهُ خُمُسِ الْخُمُسِ (وَيُزَوِّجَ مِنْ نَفْسِهِ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْوِصَالِ أَيْ وَأَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ الزَّوْجَةُ وَوَلِيُّهَا وَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ (وَمَنْ شَاءَ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ نَفْسِهِ أَيْ وَيُزَوِّجَ مَنْ شَاءَ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ بِغَيْرِ، إذْنٍ (وَ) بِإِبَاحَةِ أَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ (بِلَفْظِ الْهِبَةِ) مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ صَدَاقٍ (وَ) بِإِبَاحَةِ (زَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسَاءِ لِنَفْسِهِ فَقَطْ (وَ) بِإِبَاحَةِ تَزْوِيجٍ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ) أَيْ بِلَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُجْتَمِعَةً (وَبِإِحْرَامٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِنَفْسِهِ (وَبِلَا) وُجُوبِ.

(قَسْمٍ) بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (وَ) بِأَنْ (يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ) بِحَقٍّ عَنْ الْغَيْرِ لِعِصْمَتِهِ (وَ) بِأَنْ (يَحْمِيَ) الْمَوَاتَ (لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (وَ) بِأَنْ (لَا يُورَثَ) ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» .

[دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ بَابٌ مُهِمٌّ يَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِنَاءِ بِهِ وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ رَغْبَةٌ أَوْ لَا فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَهُ نُدِبَ لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَبِقِتَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ فَجَأَهُ الْعَدُوُّ أَمْ لَا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهَا بِقِتَالٍ إلَّا إذَا فَجَأَهُ الْعَدُوُّ.

(قَوْلُهُ: وَالْخُمُسُ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ خَوَاصِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَالِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ بِالْخُمُسِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَكَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي مِنْهُمَا الِاسْتِبْدَادُ بِالْخُمُسِ بِتَمَامِهِ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَشْهُرُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِلَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُجْتَمِعَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُجْتَمِعَةً فِي النَّفْيِ، أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: وَبِلَا مَهْرٍ، يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَبْتُك يَا فُلَانَةُ لِنَفْسِي أَوْ لِفُلَانٍ قَاصِدًا بِذَلِكَ إنْكَاحَهُ إيَّاهَا مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ ابْتِدَاءً وَلَا انْتِهَاءً.

(قَوْلُهُ: وَبِإِحْرَامٍ) أَيْ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ نِكَاحَهَا أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِهِمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ: وَبِلَا وُجُوبِ قَسْمٍ) أَيْ أَنَّهُ خُصَّ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمَبِيتِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيْحَكُمْ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ بِحَقٍّ عَلَى الْغَيْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَدُوًّا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ الْجَوْرِ فَلَا يُخْشَى وُقُوعُ الْجَوْرِ مِنْهُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عَدُوًّا لَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ حَقٌّ عِنْدَ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلَا لِوَلَدِهِ وَحُكْمُهُ بِهِ بَاطِلٌ وَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَحْمِيَ الْمَوَاتَ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ حَمَى الْبَقِيعَ وَحَمَى ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ مِنْ الرَّبَذَةِ لِلْقَاحَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْمِيَ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَحْمِي الْقَلِيلَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ لِدَوَابِّ الْجِهَادِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُورَثَ) أَيْ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَكَانَ مَا تَرَكَهُ صَدَقَةً لِعُمُومِ فُقَرَائِهِمْ وَقِيلَ: لِئَلَّا يَتَمَنَّى وَارِثُهُ مَوْتَهُ فَيَهْلِكُ وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ حَتَّى قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: ٣١] . وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَا تَرَكَهُ الْأَنْبِيَاءُ صَدَقَةٌ كَانَ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَالِهِمْ، كَذَا فِي المج وَمُقْتَضَى اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَوْنِهِ لَا يُورَثُ أَنَّهُ يَرِثُ وَهُوَ الرَّاجِحُ حُكْمًا فِي ح، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ أُمِّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةِ وَبَعْضَ غَنَمٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: إنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَمَا أَنَّهُمْ لَا يُورَثُونَ لَا يَرِثُونَ لِئَلَّا يَسْتَشْعِرَ مُورِثُهُ أَنَّهُ يُحِبُّ مَوْتَهُ فَيَكْرَهُهُ فَيَهْلِكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَاب فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(بَابٌ فِي النِّكَاحِ.)

(قَوْلُهُ: فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا) أَيْ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ) أَيْ أَوْ أَدَّى إلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِذَلِكَ اهـ خش وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ وَكَانَ يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلَى النَّفَقَةِ أَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ وَجَبَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ، وَلَوْ أَدَّى لِضَرَرِ الزَّوْجَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، أَوْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّامِلِ وَمُنِعَ لِضَرَرٍ بِامْرَأَةٍ لِعَدَمِ وَطْءٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ تَكَسُّبٍ بِمُحَرَّمٍ وَلَمْ يَخَفْ عَنَتًا اهـ. وَلَكِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ رَحَّالٍ بِأَنَّ الْخَائِفَ مِنْ الْعَنَتِ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ فِي طَوْقِهِ كَمَا هُوَ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ الْحَرَامِ فَلَا يَحِلُّ فِعْلُ مُحَرَّمٍ لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مُحَرَّمٌ لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إذَا خَافَ الزِّنَا وَجَبَ النِّكَاحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>