للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ) اللَّاتِي اخْتَرْنَهُ (وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ) الْحُرَّةِ (وَالْأَمَةِ) الْمُسْلِمَةِ (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (مَدْخُولَتِهِ) الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا الَّتِي مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا مَفْهُومَ لِمَدْخُولَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْتِ وَمَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تِسْعَةِ نِسْوَةٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ

تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةِ ... إلَيْهِنَّ تُعْزَى الْمُكْرَمَاتُ وَتُنْسَبُ

فَعَائِشَةٌ مَيْمُونَةُ وَصَفِيَّةُ ... وَحَفْصَةُ تَتْلُوهُنَّ هِنْدٌ وَزَيْنَبُ

جُوَيْرِيَةٌ مَعَ رَمْلَةٍ، ثُمَّ سَوْدَةُ ... ثَلَاثٌ وَسِتٌّ نَظْمُهُنَّ مُهَذَّبُ

(وَ) حُرْمَةِ (نَزْعٍ لِأُمَّتِهِ) بِالْهَمْزِ وَهِيَ آلَةُ الْحَرْبِ مِنْ سَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَتَّى يُقَاتِلَ) الْعَدُوَّ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ الْقِتَالُ بِالْفِعْلِ (وَالْمَنِّ) أَيْ الْإِعْطَاءِ (لِيَسْتَكْثِرَ) أَيْ لِيَطْلُبَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى لِإِخْلَالِهِ بِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ الْمُقْتَضِي لِلزُّهْدِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا (وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ) بِأَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ.

(وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ) أَيْ خُصَّ بِأَنْ يَحْرُمَ عَلَيْنَا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَ) حُرْمَةِ (رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ) ، وَكَذَا يَحْرُمُ رَفْعُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ حَدِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ (وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَحْتَجِبُ عَنْ النَّاسِ فِيهِ بِحَائِطٍ وَنَحْوِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ (وَبِاسْمِهِ) كَيَا مُحَمَّدٍ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِمَا يُفِيدُ التَّعْظِيمَ مِنْ صَلَاةٍ عَلَيْهِ أَوْ سِيَادَةٍ.

ثُمَّ ذَكَرَ قِسْمَ الْمُبَاحِ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِبَاحَةِ الْوِصَالِ) بِأَنْ يُتَابِعَ الصَّوْمَ مِنْ غَيْرِ إفْطَارٍ وَيُكْرَهَ لِغَيْرِهِ (وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَدِّلَ أَزْوَاجَهُ اللَّاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ بِغَيْرِهِنَّ مُكَافَأَةً لَهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: ٥٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِك وَتَنْكِحَ غَيْرَهَا وَهَذَا لَمْ يُنْسَخْ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: ٥٠] أَيْ إنَّا أَحْلَلْنَا لَك كُلَّ زَوْجَةٍ دَفَعْت صَدَاقَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لَك الْمِنَّةُ عَلَيْهِنَّ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهِنَّ مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا لَك، وَعَلَى هَذَا فَحُرْمَةُ تَبَدُّلِ الْأَزْوَاجِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَوَّلًا قَبْلَ النَّسْخِ.

(قَوْلُهُ: وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ الْحُرَّةِ) وَكَذَا الْأَمَةُ فَلَا مَفْهُومَ لِلْحُرَّةِ، إذْ الْكِتَابِيَّةُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا مُطْلَقًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً لَكِنَّ حُرْمَةَ نِكَاحِ الْحُرَّةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ وَحُرْمَةَ نِكَاحِ الْأَمَةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ بَلْ وَكَذَلِكَ أَمَتُهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ) أَيْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُصَّ بِحُرْمَةِ نِكَاحِهَا عَلَى الدَّوَامِ لِانْتِفَاءِ شَرْطَيْ جَوَازِ نِكَاحِهَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَهُمَا خَشْيَةُ الْعَنَتِ وَعَدَمُ وُجُودِ طَوْلِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومُ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَمُنِعَ نِكَاحُهَا فِي حَقِّنَا فَلَيْسَ أَبَدِيًّا، إذْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ وَيُمْنَعُ مَعَ فَقْدِهِمَا، وَأَمَّا وَطْؤُهُ لَهَا بِالْمِلْكِ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا وَطْءُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِالْمِلْكِ فَفِي عبق أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ بَنَى بِهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا الَّتِي طَلَّقَهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا حَرُمَتْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ لَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَذَلِكَ كَالْعَائِذَةِ فَإِنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِالْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، هَذَا وَفِي ح الصَّحِيحُ أَنَّ مَدْخُولَتَهُ الَّتِي طَلَّقَهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لِلْقُرْطُبِيِّ وَابْنِ شَاسٍ قَالَهُ عج وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الَّتِي اخْتَلَى بِهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا، وَأَمَّا مَنْ مَسَّهَا فَلَا خِلَافَ فِي حُرْمَتِهَا عَلَى غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ) أَيْ يَصْلُحَ عَلَى شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْعَدُوِّ كُلَّ سَنَةٍ كَالْجِزْيَةِ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بِهَزْمِ الْعَدُوِّ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ الْقِتَالُ بِالْفِعْلِ أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: لِيَسْتَكْثِرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] فَقَدْ قِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً لِتَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً مُسْتَكْثِرًا لَهَا أَيْ تَعُدُّهَا كَثِيرَةً أَيْ لَا تَسْتَكْثِرْ مَا تَمُنُّ بِهِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ) أَيْ فَشُبِّهَ مَا يُضْمِرُهُ الْمُظْهِرُ لِخِلَافِهِ بِالْخِيَانَةِ لِإِخْفَائِهِ وَحُرْمَةِ إظْهَارِ خِلَافِ مَا يُبْطِنُ فِي حَقِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحُرُوبِ، وَأَمَّا فِيهَا فَقَدْ أُبِيحَ لَهُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ سَفَرًا لِغَزْوِ مَحَلٍّ يُورَى بِغَيْرِهِ بِأَنْ يَسْأَلَ عَنْ طَرِيقِ مَحَلٍّ آخَرَ وَعَنْ سُهُولَتِهَا وَعَنْ حَالِ الْمَاءِ فِيهَا لِيُوهِمَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ طَرِيقِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى السَّفَرِ لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْمُحَرَّمِ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ غَيْرِهِ عَدَاوَةٌ أَيْ خُصُومَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا بِالصُّلْحِ بِحَيْثُ يَحْكُمُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ أَوْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ شَيْءٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الَّذِي يَسْعَى بِالصُّلْحِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَكُونُ لَهُ شَأْنٌ عَلَيْهِمَا

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إفْطَارٍ) أَيْ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَيَدُلُّ لِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ لَهُ وَكَرَاهَتِهِ لِغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِين نَهَى عَنْهُ وَفَعَلَهُ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ «لَسْت كَأَحَدِكُمْ إنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» اهـ. وَهِيَ عِنْدِيَّةٌ مَكَانَةً لَا عِنْدِيَّةُ مَكَان وَهَلْ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ حَقِيقَةً أَوْ كِنَايَةً عَنْ إعْطَاءِ الْقُوَّةِ وَالْأَوَّلُ لِلسُّيُوطِيِّ فَقَالَ: إنَّهُ يُطْعَمُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَيُسْقَى مِنْ مَائِهَا وَطَعَامُهَا لَا يُفْطِرُ.

(قَوْلُهُ: وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَحَصْرِ عَدُوٍّ بِأَنْ يَدْخُلَهَا لِتِجَارَةٍ مَثَلًا، وَأَمَّا جَوَازُ دُخُولِهَا بِلَا إحْرَامٍ لِعُذْرٍ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>