للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِسُقُوطِ شَيْءٍ) مِنْ يَدِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (عَلَيْهَا) فَتَتْلَفُ وَلَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فِي الْأَمْوَالِ (لَا) يُضَمَّنُ (إنْ انْكَسَرَتْ) الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمُودَعِ بِلَا تَفْرِيطٍ (فِي نَقْلِ مِثْلِهَا) الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ وَنَقْلُ مِثْلِهَا هُوَ الَّذِي يَرَى النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ، أَوْ احْتَاجَ وَلَكِنْ نَقَلَهَا نَقْلَ غَيْرِ مِثْلِهَا ضَمِنَ.

(وَ) ضَمِنَ (بِخَلْطِهَا) بِغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، أَوْ تَعَسَّرَ (إلَّا كَقَمْحٍ) خَلَطَهُ (بِمِثْلِهِ) جِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يُضْمَنُ فَإِنْ خَلَطَ سَمْرَاءَ بِمَحْمُولَةٍ ضَمِنَ (أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ) لِتَيَسُّرِ التَّمْيِيزِ وَفِي نُسْخَةٍ، أَوْ دَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا (لِلْإِحْرَازِ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ أَيْ لَا ضَمَانَ فِي خَلْطِهِ الْقَمْحَ بِمِثْلِهِ، أَوْ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِحْرَازِ أَيْ الْحِفْظِ، أَوْ الرِّفْقِ، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إذَا بَقِيَ كُلٌّ عَلَى حِدَتِهِ أَنْ يَضِيعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ) بَعْدَ الْخَلْطِ لِلْإِحْرَازِ (فَبَيْنَكُمَا) عَلَى حَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ فَإِذَا تَلِفَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمَا وَاحِدٌ وَلِصَاحِبِهِ اثْنَانِ فَعَلَى صَاحِبِ الْوَاحِدِ ثُلُثُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ (إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ) ` التَّالِفُ كَمَا فِي الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ خَاصَّةً.

(وَ) تُضْمَنُ (بِانْتِفَاعِهِ بِهَا) بِلَا إذْنِ رَبِّهَا فَتَلِفَتْ، أَوْ تَعَيَّنَتْ كَرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ إنْ كَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ عَالِمٌ بِذَلِكَ الْمَالِ

(قَوْلُهُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْإِيدَاعِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَطَأً أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السُّقُوطُ عَمْدًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ خَطَأً كَمَنْ أُذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ شَيْءٍ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَكَسَرَ غَيْرَهُ فَلَا يَضْمَنُ السَّاقِطَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ وَيَضْمَنُ الْأَسْفَلَ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ خَطَأً، وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَفِي ح لَا يَجُوزُ لِلْمُودَعِ إتْلَافُ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِي إتْلَافِهَا فَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فِي نَقْلِ مِثْلِهَا) نَقْلُ الْمِثْلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْيَاءِ فَبَعْضُ الْأَشْيَاءِ شَأْنُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى جَمَلٍ وَبَعْضُهَا شَأْنُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حِمَارٍ وَبَعْضُهَا يُحْمَلُ عَلَى الرِّجَالِ وَبَعْضُهَا يُنَاسِبُهُ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ وَبَعْضُهَا عَلَى مَهَلٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ) أَيْ لِنَقْلِهَا أَصْلًا وَنُقِلَتْ نَقْلَ أَمْثَالِهَا، أَوْ غَيْرَ نَقْلِ أَمْثَالِهَا وَقَوْلُهُ ضَمِنَ أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنْ انْكَسَرَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ لَا ضَمَانَ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ مَا إذَا احْتَاجَتْ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا نَقْلَ أَمْثَالِهَا فَانْكَسَرَتْ، وَالضَّمَانُ فِيمَا عَدَاهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مَا إذَا لَمْ تَحْتَجْ لِنَقْلٍ وَنُقِلَتْ نَقْلَ أَمْثَالِهَا، أَوْ نَقْلَ غَيْرِ أَمْثَالِهَا، أَوْ احْتَاجَتْ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا غَيْرَ نَقْلِ أَمْثَالِهَا فَانْكَسَرَتْ.

(قَوْلُهُ وَضَمِنَ بِخَلْطِهَا بِغَيْرِهَا) أَيْ وَتَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، أَوْ تَعَسَّرَ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَقَبِلَهُ الْمَوَّاقُ وَح خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ حَيْثُ قَيَّدَ الضَّمَانَ بِالْخَلْطِ إذَا حَصَلَ فِيهَا تَلَفٌ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَمْنًا وَخَلَطَهَا بِدُهْنٍ، أَوْ زَيْتٍ، أَوْ عَسَلٍ (وَقَوْلُهُ، أَوْ تَعَسَّرَ) كَمَا لَوْ كَانَتْ فُولًا فَخَلَطَهَا بِشَعِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا كَقَمْحٍ) لَوْ قَالَ إلَّا مِثْلِيًّا بِمِثْلِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ، أَوْ دَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَكَذَا خَلْطُ دَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا كِلْتَاهُمَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ فَنُسْخَةُ، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، أَوْلَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ فِي إرْجَاعِهِ هَذَا الْقَيْدَ لِلْأُولَى خَاصَّةً قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْإِحْرَازِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ، وَأَبَا الْحَسَنِ قَيَّدَا الثَّانِيَةَ أَيْضًا بِذَلِكَ كَذَا فِي عبق وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تَقْيِيدَهُمَا إنَّمَا وَقَعَ لِمَسْأَلَةِ خَلْطِ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا، وَالدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا، وَهُوَ مِمَّا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا خَلْطُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَقَعْ مِنْ أَحَدٍ تَقْيِيدُهَا بِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا مُطْلَقًا فَعَلَهُ لِلْإِحْرَازِ، أَوْ لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ مَا تَلِفَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ الدَّعَاوَى فَصَاحِبُ الْوَاحِدِ يَقُولُ سَلِّمْ وَاحِدِي، وَذَلِكَ يَقُولُ هُوَ الْهَالِكُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الْهَالِكُ عَلَيْهِمَا مُنَاصَفَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ فَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ قَطْعًا مِنْ الْبَاقِيَيْنِ وَتَنَازَعَا فِي وَاحِدٍ يَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا فَلِصَاحِبِ الْوَاحِدِ مِمَّا بَقِيَ نِصْفُهُ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ مِمَّا بَقِيَ ثُلُثَا إرْدَبٍّ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ إرْدَبٌّ وَثُلُثُ إرْدَبٍّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ التَّالِفُ) أَيْ بِأَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا فَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ خَاصَّةً قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرْكَبَ إذَا وُسِقَتْ بِطَعَامٍ لِجَمَاعَةٍ غَيْرِ شُرَكَاءَ، وَأَخَذَ ظَالِمٌ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَخْلُوطًا بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَمَا أَخَذَ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْجَمِيعِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُخْتَلِطٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، بَلْ كَانَ طَعَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا عَلَى حِدَةٍ فَمَا أَخَذَ مُصِيبَتَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا مَا جُعِلَ ظُلْمًا عَلَى الْمَرْكَبِ بِتَمَامِهَا فَيُوَزَّعُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا كَانَ هُنَاكَ اخْتِلَاطًا أَمْ لَا كَالْمَجْعُولِ عَلَى الْقَافِلَةِ.

(قَوْلُهُ وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ، وَأَتْلَفَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ وَيَتْبَعُ رَبُّهَا مَنْ أَتْلَفَهَا (قَوْلُهُ كَرُكُوبِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَكْلِهِ لِلْحِنْطَةِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ وَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ شَأْنُ الدَّوَابِّ أَنْ تَعْطَبَ بِمِثْلِهَا سَوَاءً كَانَ عَطَبُهَا مِنْ رُكُوبِهَا، أَوْ مِنْ سَمَاوِيٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَسَافَةُ الشَّأْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>