وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ فِي السَّمَاوِيِّ وَكَذَا لُبْسُهُ الثَّوْبَ فَضَاعَ، (أَوْ أَبْلَاهُ، أَوْ سَفَرُهُ) بِهَا أَيْ الْوَدِيعَةِ (إنْ قَدَرَ عَلَى) إيدَاعِهَا عِنْدَ (أَمِينٍ) ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ (إلَّا أَنْ تُرَدَّ) مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، أَوْ مِنْ السَّفَرِ بِهَا (سَالِمَةً) لِمَوْضِعِ إيدَاعِهَا، ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدُ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ.
(وَحَرُمَ) عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (سَلَفٌ) أَيْ تَسَلُّفُ (مُقَوَّمٍ) بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ (وَ) حَرُمَ تَسَلُّفُ (مُعْدَمٍ) أَيْ فَقِيرٍ وَلَوْ لِمِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْوَفَاءِ (وَكُرِهَ النَّقْدُ، وَالْمِثْلِيُّ) لِلْمَلِيءِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَلَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ الْمَلِيءَ الْغَيْرَ الْمُمَاطِلِ مَظِنَّةُ الْوَفَاءِ مَعَ كَوْنِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ كَعَيْنِهِ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ كَلَا تَصَرُّفٍ، وَهَذَا فِي مِثْلِيٍّ يَكْثُرُ وُجُودُهُ وَلَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ، وَإِمَّا نَادِرُ الْوُجُودِ، أَوْ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ كَاللُّؤْلُؤِ، وَالْمَرْجَانِ فَلَا يَجُوزُ تَسَلُّفُهُ (كَالتِّجَارَةِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ عَلَى الْأَظْهَرِ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوَّمِ وَعَلَى الْمَعْدُومِ وَتُكْرَهُ فِي الْمِثْلِيِّ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقِيلَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ (وَالرِّبْحُ) الْحَاصِلُ مِنْ التِّجَارَةِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ نَقْدًا، أَوْ مِثْلِيًّا فَلِرَبِّهَا الْمِثْلُ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا وَفَاتَ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ سِلْعَتِهِ وَرَدِّ الْبَيْعِ وَبَيْنَ إمْضَائِهِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنْ لَا تَعْطَبَ الدَّوَابُّ بِمِثْلِهَا وَعَطِبَتْ فَإِنْ كَانَ عَطَبُهَا بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رُكُوبِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَاَلَّذِي فِي عبق وشب أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِالدَّابَّةِ انْتِفَاعًا لَا تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً وَتَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ الْعَطَبُ وَعَدَمُهُ فَالْأَظْهَرُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِيٍّ الضَّمَانُ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ وَكَذَا إنْ جُهِلَ الْحَالُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ فَإِذَا رَكِبَهَا لِمَحِلٍّ تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا، أَوْ جُهِلَ الْحَالُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِتَعَدِّيهِ، وَإِنْ رَكِبَهَا بِمَحِلٍّ لَا تَعْطَبُ فِيهِ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ إذَا عَطِبَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِالضَّمَانِ وَلَوْ كَانَ الْعَطَبُ بِسَمَاوِيٍّ وَعَزَا شب مَا قَالَهُ شَارِحُنَا لِبَعْضِ التَّقَارِيرِ.
(قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ) أَيْ، وَإِلَّا يَقْدِرْ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ وَخَافَ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا صَحِبَهَا مَعَهُ فَتَلِفَتْ وَلَا فَرْقَ فِي السَّفَرِ الَّذِي فِيهِ الضَّمَانُ، وَاَلَّذِي لَا ضَمَانَ فِيهِ بَيْنَ السَّفَرِ النَّقْلَةِ بِالْأَهْلِ وَسَفَرِ التِّجَارَةِ، وَالزِّيَارَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً إلَخْ) ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ أَنَّهَا رُدَّتْ سَالِمَةً عِنْدَ تَنَازُعِهِ مَعَ الْوَدِيعِ، وَإِذَا رُدَّتْ سَالِمَةً بَعْدَ انْتِفَاعِهِ بِهَا فَلِرَبِّهَا أُجْرَتُهَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ح فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ مِنْ إطْلَاقِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ اهـ.
عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ سَلَفُ مُقَوَّمٍ إلَخْ) أَيْ وَحَرُمَ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ سَوَاءً كَانَ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا تَسَلُّفُ الشَّيْءِ الْمُودَعُ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إمَّا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، أَوْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُودَعُ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ حَرُمَ تَسْلِيفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا مُطْلَقًا كَانَ الْمُودَعُ الْمُتَسَلِّفُ لَهَا مَلِيئًا، أَوْ مُعْدِمًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ حَرُمَ عَلَيْهِ تَسَلُّفُهَا إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَكُرِهَ إنْ كَانَ مَلِيئًا، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ تَسَلُّفِ الْمُودَعِ الْمَلِيءِ لِلْمِثْلِيِّ حَيْثُ لَمْ يُبِحْ لَهُ رَبُّهُ ذَلِكَ، أَوْ يَمْنَعْهُ بِأَنْ جُهِلَ الْحَالُ، وَإِلَّا أُبِيحَ فِي الْأَوَّلِ وَمُنِعَ فِي الثَّانِي وَمَنْعُهُ لَهُ إمَّا بِالْمَقَالِ، أَوْ بِقِيَامِ الْقَرَائِنِ عَلَى كَرَاهَةِ الْمُودِعِ تَسَلُّفَ الْمُودَعِ لَهَا قَالَ عبق وَمِنْ تَقْرِيرِ عج أَنَّ مِثْلَ الْمُودَعِ فِي تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَجَابِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسَلُّفُ مَالِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَيُكْرَهُ لَهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا، وَإِذَا تَسَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَالَ الْوَقْفِ وَاتَّجَرَ فِيهِ سَوَاءً كَانَ السَّلَفُ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا وَحَصَلَ رِبْحٌ فَالرِّبْحُ لَهُ دُونَ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمِثْلِيِّ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ (قَوْلُهُ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوَّمِ) أَيْ فَيَحْرُمُ النَّحْرُ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا إذَا كَانَتْ مُقَوَّمًا كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا، أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِثْلِيًّا، وَالْمُودَعُ مُعْدَمًا وَقَوْلُهُ وَتُكْرَهُ فِي الْمِثْلِيّ أَيْ إذَا كَانَ الْمُودَعُ مَلِيئًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ) هَذَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ) أَيْ، وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ التِّجَارَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ لَهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ الْمُتَّجَرُ فِيهَا دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّ لِصَاحِبِهَا مِثْلَهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ) أَيْ الْمُتَّجَرُ فِيهَا (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا الْمِثْلُ) أَيْ وَلِلْمُودَعِ مَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءً بَاعَهَا بِعَرَضٍ، أَوْ بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ عَرَضًا وَبَاعَهَا الْمُودَعُ لِيَتَّجِرَ فِيهَا سَوَاءً بَاعَهَا بِنَقْدٍ، أَوْ بِعَرَضٍ فَإِنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهَا وَرَدِّ الْبَيْعِ وَبَيْنَ إمْضَائِهِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ، وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهَا مِنْ الْمُودَعِ وَبَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ فُضُولِيٍّ فَإِنْ رَدَّ صَاحِبُهَا الْبَيْعَ، وَأَخَذَهَا فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ رِبْحٌ لِلْمُودَعِ، وَإِنْ أَجَازَهُ، وَأَخَذَ مَا بِيعَتْ بِهِ، أَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ رِبْحٌ إذَا اتَّجَرَ ثَمَنَهَا قَبْلَ قِيَامِ رَبِّهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش إذَا كَانَتْ عَرَضًا وَبِيعَتْ بِعَرَضٍ، وَهَلُمَّ جَرًّا فَلَا رِبْحَ لَهُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنْ فَاتَتْ فَلِرَبِّهَا قِيمَتُهَا إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ فَقَدْ رَدَّهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ وَلَا نَقْلَ يُسَاعِدُهُ.
(قَوْلُهُ وَفَاتَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَرَضُ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ) أَيْ وَلَهُ إجَازَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute