للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهِ (وَكُرِهَ) لِمَنْ قِيلَ لَهُ سَلِّفْنِي ثَمَانِينَ وَأَرُدُّ ذَلِكَ عَنْهَا مِائَةً أَنْ يَقُولَ (خُذْ) مِنِّي (بِمِائَةٍ مَا) أَيْ سِلْعَةً (بِثَمَانِينَ) قِيمَةً لِيَكُونَ حَلَالًا وَمَا سَأَلْتَنِيهِ حَرَامٌ (أَوْ اشْتَرِهَا) أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِينَةِ إذَا مَرَّتْ عَلَيْك السِّلْعَةُ الْفُلَانِيَّةُ فَاشْتَرِهَا (وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الَّذِي فِي تَوْضِيحِهِ، وَأَنَا أُرْبِحُكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ الْكَرَاهَةُ مَعَ الْإِيمَاءِ وَأَيْضًا فَإِنَّ كَلَامَهُ هُنَا يُوهِمُ حُرْمَةَ التَّصْرِيحِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْإِيمَاءِ ذِكْرُ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ قَدْرِهِ فَسَمَّاهُ إيمَاءً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الرِّبْحِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِقَدْرِهِ حَرُمَ، وَإِنْ، أَوْمَأَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِلَفْظِهِ، نَحْوُ وَلَا يَكُونُ إلَّا خَيْرًا جَازَ (وَلَمْ يَفْسَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ وَلِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْفَسْخِ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ مُخْرِجًا لَهُ مِنْ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ (اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَ) أَنَا (آخُذُهَا) مِنْك (بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ) كَشَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا، ثُمَّ تَارَةً يَقُولُ الْآمِرُ لِي وَتَارَةً لَا يَقُولُ لِي وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَتْ) السِّلْعَةُ (الْآمِرَ) بِالْعَشَرَةِ (إنْ قَالَ) فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ اشْتَرِهَا (لِي) وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَهَلْ لِلْمَأْمُورِ جَعْلُ مِثْلِهِ، أَوْ الْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ الرِّبْحِ خِلَافٌ (وَفِي الْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ الثَّانِي، وَهُوَ أَخْذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ (إنْ لَمْ يَقُلْ لِي) فَيَرُدَّ عَيْنَهَا (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) بِيَدِ الْآمِرِ (فَالْقِيمَةُ) لِلْمَأْمُورِ حَالَّةٌ يَوْمَ قَبَضَهَا الْآمِرُ (أَوْ إمْضَائِهَا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةٌ وَكَلَام الْعُتْبِيَّةِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنْ التُّجَّارِ وَيُبْقِيهَا عِنْدَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٌ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْعِينَةِ وَظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ الْكَرَاهَةُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا دَخَلَا أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِاحْتِيَاجِهِ يَبِيعُ مِنْ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِقَدْرِ مَا يَنْقُدُهُ لِلْبَائِعِ وَيُبْقِي بَقِيَّتَهَا عِنْدَهُ لِلْأَجَلِ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ سِلْعَةٌ فَيَشْتَرِيهَا مِنْ مَالِكِهَا، ثُمَّ يَبِيعُهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ بِثَمَنٍ كُلِّهِ مُعَجَّلٍ، أَوْ كُلِّهِ مُؤَجَّلٍ، أَوْ بَعْضِهِ مُعَجَّلٍ وَبَعْضِهِ مُؤَجَّلٍ، فَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمْ أَنَّ عَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرْكُ مِنْ وَجْهَيْنِ: إتْيَانُهُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مَحَلًّا لَهَا الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَالشِّرَاءُ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ فَمَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اشْتَرَى لِيَبِيعَ لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَكَرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ ذِكْرُهُ هُنَا، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ الْإِطْلَاقُ كَمَا قَالَ عبق، وَأَمَّا إنْ أَعْطَى رَبُّ مَالٍ لِمُرِيدِ سَلَفٍ مِنْهُ بِالرِّبَا ثَمَانِينَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا سِلْعَةً عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ يَبِيعُهَا لَهُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي آخَرِ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ السِّلْعَةُ كَانَ الْمَقْصُودُ بِشِرَائِهَا، وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ صُورَةً إنَّمَا هُوَ دَفْعُ قَلِيلٍ لِيَأْخُذَ عَنْهُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيمَاءِ لِتَرْبِيحِهِ عَدَمَ التَّصْرِيحِ بِقَدْرِ الرِّبْحِ سَوَاءٌ، أَوْمَأَ لِلتَّرْبِيحِ، أَوْ صَرَّحَ بِهِ إجْمَالًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ فَنَاظِرٌ فِيهِ لِتَطْبِيقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ صَرَّحَ بِقَدْرِهِ حَرُمَ) أَيْ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِأَجَلٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ نَقْدًا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا وَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: اشْتَرِهَا بِعَشْرَةٍ نَقْدًا وَأَنَا آخُذُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ كَمَا هُوَ مُفَادُ التَّوْضِيحِ، وَهُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِنْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَلِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إلَخْ) فِي ح إنَّهُ أَتَى بِهِ لِيَرُدَّ قَوْلَ فَضْلٍ يَجِبُ أَنْ يُفْسَخُ لِحَمْلِهِ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحَيُّلِ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافٍ اشْتَرِهَا) حَاصِلُ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ مَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَنٍ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ آخَرَ أَنَّ الثَّمَنَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَا نَقْدًا، أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ، أَوْ الْأَوَّلُ نَقْدًا، وَالثَّانِي لِأَجَلٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَقُولَ: لِي أَمْ لَا فَهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>