للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا رُجُوعَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ فِي الرُّخْصِ، وَلَا لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْغَلَاءِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ فِيهِمَا بِمَا بَقِيَ لَهُ، فَإِنْ زَادَ مَا اشْتَرَى لَهُ عَلَى دَيْنِهِ رَدَّ الزَّائِدَ عَلَى الْغُرَمَاءِ (وَهَلْ يَشْتَرِي) لِمَنْ دَيْنُهُ يُخَالِفُ النَّقْدَ كَأَنْ أَسْلَمَ لِلْمُفَلَّسِ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ أَرَادِبَ (فِي شَرْطِ جَيِّدٍ) شَرَطَهُ الْمُسْلَمُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ (أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمُفْلِسِ (أَوْ) يَشْتَرِي لَهُ (وَسَطَهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا (قَوْلَانِ) وَلَوْ اشْتَرَطَ دَنِيءٌ هَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِمَا يَنُوبُهُ أَدْنَى الدَّنِيءِ أَوْ وَسَطُهُ قَوْلَانِ أَيْضًا (وَجَازَ) لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مُخَالِفٌ (الثَّمَنُ) أَيْ أَخْذُ الثَّمَنِ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ (إلَّا لِمَانِعٍ) شَرْعِيٍّ (كَالِاقْتِضَاءِ) أَيْ كَالْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الِاقْتِضَاءِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسَلِّمَ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا كَعَبْدٍ أَسْلَمَهُ فِي عَرْضٍ كَثَوْبَيْنِ فَحَصَلَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ قِيمَةُ ثَوْبٍ جَازَ لَهُ أَخْذُ تِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ عَبْدًا فِي عَيْنٍ وَثَوْبٍ، وَلَا مَانِعَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ فِضَّةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَصَرْفٍ مُتَأَخِّرٍ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا.

(وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ) عَلَى نَفْسِهَا حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا لَا حَالَ عُسْرِهِ لِقَوْلِهِ فِي النَّفَقَةِ وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَتَحَاصُّونَ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا فَالثَّوْبُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كَمَالٍ طَرَأَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَ الشِّرَاءَ حَتَّى حَصَلَ غُلُوٌّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ خُمُسَ دَيْنِهِ كَإِرْدَبَّيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ فَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ أَنْ يَقُولَ ارْجِعْ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثِ دَيْنِي الَّذِي نَابَنِي فِي الْحِصَاصِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَبَيْنَ الْمُفَلَّسِ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَيَتْبَعُهُ فِي الْغَلَاءِ بِمَا نَقَصَ مِنْ دَيْنِهِ فَيَصِيرُ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ فِي الرُّخْصِ فِي الْمِثَالِ نِصْفُ الْأَرَادِبِ أَوْ الثِّيَابِ وَيَبْقَى لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ فِي الْغَلَاءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَ أَوْ أَثْوَابٍ.

(قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْعَرْضِ الَّذِي حَصَلَ الرَّخَاءُ أَوْ الْغُلُوُّ عِنْدَ الشِّرَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ الْغَرِيمُ صَاحِبُ الْعَرْضِ عَلَى الْمَدِينِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فَيَسْقُطُ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَفِي الْغَلَاءِ يَتْبَعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَجْلِ الْغَلَاءِ مِنْ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ) أَيْ بَعْدَ الَّذِي أَخَذَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَيْ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ (قَوْلُهُ فِي شَرْطِ جَيِّدٍ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْمُفَلَّسِ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ جَيِّدًا بِأَنْ أَسْلَمَهُ فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ أَسْلَمَهُ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَحَلَّاوِيٍّ جَيِّدَةٍ (قَوْلُهُ أَدْنَى الْجَيِّدِ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَسَطَهُ) أَيْ وَسَطَ الْجَيِّدِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى ظُلْمٌ عَلَى الْمُفَلَّسِ وَالْأَدْنَى ظُلْمٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْمُفَلَّسِ أَدْنَى أَيْ مِنْ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) إنْ قُلْت هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّلَمِ وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ قُلْت مَا مَرَّ إذَا لَمْ يُفَلَّسْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا فُلِّسَ فَلِلْمُفَلَّسِ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ عِنْدَ التَّرَاضِي، وَأَمَّا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ صِفَةَ طَعَامِهِ أَوْ مِثْلَ عَرْضِهِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ (قَوْلُهُ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ) أَيْ بَدَلًا عَمَّا يَنُوبُهُ مِنْ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ) الْمَوَّاقُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَرْفَعُ التُّهْمَةَ، وَقِيلَ إنَّ التَّفْلِيسَ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ فَيَجُوزُ فِي التَّفْلِيسِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الِاقْتِضَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُمَا رِوَايَتَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ وَجَازَ وَفَاءُ الْمُسْلِمِ فِيهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَقَوْلُهُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُهُ) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ الْمَأْخُوذِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ آلَ أَمْرُهُ، وَقَوْلُهُ إلَى أَنَّهُ أَيْ الْمُسْلِمُ دَفَعَ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ) بَلْ يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ لَهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَصَرْفٍ مُتَأَخِّرٍ) أَيْ وَإِلَى اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ إلَخْ) أَيْ وَالْبَيْعُ وَالسَّلَفُ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ الْعَيْنُ عَرْضًا كَثَوْبَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ ذَهَبًا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ إنْ كَانَ فِضَّةً لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ أَوْ كَانَ ذَهَبًا وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا كَثَوْبَيْنِ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي إرْدَبَّيْنِ قَمْحًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ عَشَرَةٌ مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ عَنْ مِثْلِهَا مِنْ الْعِشْرِينَ سَلَفٌ وَالْإِرْدَبُّ الْبَاقِي بِذِمَّتِهِ عَنْ الْعَشَرَةِ الْأُخْرَى بَيْعٌ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا) سَوَاءٌ كَانَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا أَوْ تَسَلَّفَتْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا أَنْفَقَتْهُ حَالَ يُسْرِهِ عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ لَا حَالَ عُسْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ تَسَلَّفَتْ أَوْ كَانَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ النَّفَقَةُ حَكَمَ بِهَا أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>