للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبِصَدَاقِهَا) كُلِّهِ أَوْ بَاقِيهِ وَلَوْ فَلِسَ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِالْفَلَسِ (كَالْمَوْتِ) أَيْ كَمَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا وَصَدَاقِهَا فِي الْمَوْتِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ (لَا) تُحَاصِصُ (بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ) فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، لَكِنْ لَهَا الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ إنْ أَنْفَقَتْ حَالَ يُسْرِهِ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَكَذَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا عَلَى أَبَوَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَتَسَلَّفَتْ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مَلِيٌّ فَتُحَاصِصُ.

(وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ) لِغَرِيمٍ بَعْدَ الْقَسْمِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ) مِنْ مَالِ مُفَلَّسٍ أَوْ مَيِّتٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فُلِّسَ بِسَبَبِهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَبِصَدَاقِهَا كُلِّهِ) فَلَوْ حَاصَّتْ بِصَدَاقِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَدَّتْ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَا تُحَاصِصُ فِيمَا رَدَّتْهُ عَلَى الصَّوَابِ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى زَوْجٍ مِائَتَانِ وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ مَعَهُمَا بِمِائَةِ الصَّدَاقِ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ نِسْبَتُهُ مِنْ الدُّيُونِ النِّصْفُ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ دَيْنِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ، فَإِذَا قُدِّرَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ مُحَاصَّةٌ بِخَمْسِينَ نِصْفِ الصَّدَاقِ كَانَ لَهَا فِي الْحِصَاصِ ثَلَاثُونَ لِتَبَيُّنِ أَنَّ مَجْمُوعَ الدُّيُونِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَقَطْ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَتَرُدُّ عِشْرِينَ لِلْغَرِيمَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِيَكْمُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ هِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَلَا دُخُولَ لَهَا مَعَهُمَا فِيمَا رَدَّتْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا فِي عبق وخش فَهُوَ غَلَطٌ فِي صِنَاعَةِ الْعَمَلِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَنْفَقَتْ عَلَى وَلَدِ الْمُفَلَّسِ فِي حَالِ يُسْرِهِ فَإِنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ، وَهَذَا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَاكِمٌ وَإِلَّا حَاصَّتْ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ تَسَلَّفَتْهَا أَوْ أَنْفَقَتْهَا مِنْ عِنْدِهَا فَالْمُحَاصَّةُ بِهَا مَشْرُوطَةٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ إنْفَاقُهَا عَلَى الْوَلَدِ فِي حَالِ يُسْرِ الْأَبِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَاكِمٌ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ لَهَا الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ (قَوْلُهُ إنْ أَنْفَقَتْ حَالَ يُسْرِهِ) وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا تُحَاصَصْ) أَيْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى أَبَوَيْ زَوْجِهَا الْمُفَلَّسِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ حُكِمَ بِتِلْكَ النَّفَقَةِ، وَأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ تَسَلَّفَتْ تِلْكَ النَّفَقَةَ، وَأَنْ يَكُونَ إنْفَاقُهَا عَلَيْهِمَا حَالَ يُسْرِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ حَالَ الْيُسْرِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُحَاصَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِ الْمُفَلَّسِ وَمَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى أَبَوَيْهِ وَكَذَا الْحُكْمُ بِهَا وَيَخْتَلِفَانِ فِي اشْتِرَاطِ التَّسَلُّفِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا تُحَاصِصُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى أَبَوَيْ زَوْجِهَا الْمُفَلَّسِ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَالْمُعْتَمَدُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي المج.

(قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ أَوْ الْمَيِّتَ إذَا قَسَّمَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ بَعْدَ الْقَسْمِ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَارِثُ وَلَا الْوَصِيُّ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عَشَرَةً وَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ أَحَدُهُمْ غَائِبٌ اقْتَسَمَ الْحَاضِرَانِ مَالَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْنِ اهـ وَقَوْلُنَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا اقْتَسَمُوا عَالِمِينَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِحِصَّتِهِ وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُنَا وَالْحَالُ إلَخْ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ عَالِمًا بِالْغَرِيمِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَرِيمَ الطَّارِئَ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ وَهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعَا لَهُ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ظَهَرَ عَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ حَاضِرًا لِلْقَسْمِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ لَهُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِبَقَاءِ مَا يَنُوبُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ، وَأَمَّا لَوْ حَضَرَ إنْسَانٌ قِسْمَةَ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ حَصَلَ الْقَسْمُ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْقَسْمِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا تَرَكَ حَقَّهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ:

وَحَاضِرٌ لِقَسْمِ مَتْرُوكٍ لَهُ ... عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ أَهْمَلَهُ

لَا يَمْنَعُ الْقِيَامَ بَعْدَ أَنْ بَقِيَ ... لِلْقَسْمِ قَدْرُ دَيْنِهِ الْمُحَقَّقِ

وَيَقْبِضُ مِنْ ذَلِكَ حَقًّا مَلَكَهُ ... بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا تَرَكَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>