للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ) أَيْ بِأَصْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ عِنْدَهُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ لَمْ تُعَيِّنْ رَبَّهُ وَقُبِلَ مِنْهُ تَعْيِينُهُ وَلَوْ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ وَتَحَاصَصَهُ الْغُرَمَاءُ، وَلَا يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ فِي مَرَضِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ إذَا أَقَرَّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (وَالْمُخْتَارُ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ) الْمُفَلَّسُ فِي تَعْيِينِ مَا بِيَدِهِ لِأَرْبَابِهِ كَهَذِهِ السِّلْعَةِ لِفُلَانٍ مَعَ يَمِينِ الْمُقِرِّ لَهُ وَلَوْ مُتَّهَمًا عَلَيْهِ (بِلَا بَيِّنَةٍ) بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ مَا بِيَدِهِ أَمْتِعَةُ النَّاسِ وَلَيْسَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِغَيْرِ رَبِّهِ (وَحُجِرَ أَيْضًا) عَلَى الْمُفَلَّسِ الْأَخَصِّ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (إنْ تَجَدَّدَ) لَهُ (مَالٌ) بَعْدَ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ أَصْلٍ كَرِبْحِ مَالٍ تَرَكَهُ بِيَدِهِ بَعْضُ مَنْ فَلَّسَهُ أَوْ عَنْ مُعَامَلَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْ غَيْرِ أَصْلٍ كَمِيرَاثٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَدِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ كَانَ فِي مَالٍ مَخْصُوصٍ فَيَتَصَرَّفُ فِي الْمُتَجَدِّدِ إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَبِهِ الْعَمَلُ وَقِيلَ يُجَدَّدُ عَلَيْهِ بَعْدَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَانْفَكَّ) الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ وَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا أَوْ وَافَقَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بَقِيَّةٌ (وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ رَدَّ هَذَا التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ حَيْثُ قَالَ يُقْبَلُ تَعْيِينُ الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِمَا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ تَعْيِينُهُ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ سَوَاءٌ كَانَ مَا عَيَّنَهُ مُتَّهَمًا عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ خِلَافًا لِأَصْبَغَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ فِيهَا إقْرَارٌ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ وَهُنَا إقْرَارٌ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَقَدْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَلَمْ تَبْقَ فِي ذِمَّتِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ) أَيْ غَيْرُ مُفَلَّسٍ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي خش وعبق مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ وَقُبِلَ إلَخْ عَلَى الْمُفَلَّسِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ قَالَا وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ الْمُفَلَّسُ الْمَرِيضُ، وَهَذَا تَحْرِيفٌ فِي النَّقْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ أَضْعَفُ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَحْتَاجُهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ كَذَا فَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَرِيضٌ غَيْرُ مُفَلَّسٍ لَا مَرِيضٌ مُفَلَّسٌ كَمَا تَوَهَّمَهُ خش وعبق (قَوْلُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ) ، فَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قُبِلَ إقْرَارُهُ إنْ كَانَ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ إلَخْ) أَيْ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ فِي تَعْيِينِ مَا بِيَدِهِ لِأَرْبَابِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا كَانَ صَانِعًا وَعَيَّنَ الْمَصْنُوعَ أَوْ كَانَ غَيْرَ صَانِعٍ وَعَيَّنَ الْقِرَاضَ أَوْ الْوَدِيعَةَ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ:

الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ قَبُولِ تَعْيِينِهِ مُطْلَقًا خَشْيَةَ أَنْ يَخُصَّ صَدِيقَهُ.

وَالثَّانِي يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ إنْ قَامَتْ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ وَيُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْمَصْنُوعَ مُطْلَقًا وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ.

وَالثَّالِثُ يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْمَصْنُوعَ مُطْلَقًا وَهُوَ لِأَصْبَغَ.

وَالرَّابِعُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ يُقْبَلُ تَعْيِينُ الْمُفَلَّسِ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْمَصْنُوعَ إذَا كَانَ عَلَى أَصْلِ الدَّفْعِ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بَيِّنَةٌ. قَالَ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّانِعِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ مَا بِيَدِهِ أَمْتِعَةُ النَّاسِ وَلَيْسَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَهُ وَكَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ فَاللَّخْمِيُّ اخْتَارَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَعْيِينِ الصَّانِعِ وَقَوْلَ أَصْبَغَ فِي تَعْيِينِ الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ وَلَمَّا كَانَ اخْتِيَارُهُ فِي الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ ضَعِيفًا أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمَّا كَانَ اخْتِيَارُهُ فِي تَعْيِينِ الصَّانِعِ قَوِيًّا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ إلَخْ) مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِطُولٍ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ عبق (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَتَى بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ وَاسْتَمَرَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ إنْ تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ مَعَ أَنَّهُ مَتَى حُكِمَ بِخَلْعِ مَالِهِ وَأَخَذِ الْمَالِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوهُ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَيْضًا أَنَّهُ حَجْرٌ ثَانٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ وَأَخْذِ مَالِهِ مِنْهُ فَقَدْ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَإِذَا تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ الَّذِينَ حَجَرُوا عَلَيْهِ أَوَّلًا أَوْ غَيْرُهُمْ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(قَوْلُهُ إنْ تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَسْمٌ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ لِلْمَالِ الَّذِي أَخَذُوهُ مِنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ) أَيْ وَهُوَ إذَا فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ أَيْ زَمَانُ عَدَمِ تَجَدُّدِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُجَدَّدُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يُكْشَفُ عَنْ حَالِهِ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَغَيُّرُ الْأَحْوَالِ فِيهَا وَحُصُولُ الْكَسْبِ، فَإِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ مَالٌ حُجِرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَانْفَكَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ) الْأَوْلَى بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ فَالْقَسْمُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مَتَى أُخِذَ الْمَالُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ زَالَ الْحَجْرُ عَنْهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَالْحَجْرُ عَلَى الْمُفَلَّسِ لَيْسَ كَالْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِ فَكِّ حَجْرِ الْمُفَلَّسِ لِحَاكِمٍ بِخِلَافِ حَجْرِ السَّفِيهِ فَإِنَّ فَكَّهُ يَحْتَاجُ لَهُ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>