وَكَذَا فِي دَارِي أَوْ حَمَّامِي أَوْ سَفِينَتِي وَنَحْوِهَا فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَعْمَلْ فَإِنْ عَمِلَ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ مَا حَصَلَ مِنْ عَمَلِهِ (لِلْعَامِلِ) وَحْدَهُ (وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِرَبِّهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا عَلَى الْأَرْجَحِ أَوْ قَالَ لَهُ أَكْرِهَا، وَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَعَمِلَ عَلَيْهَا (عَكْسُ) خُذْهَا (لِتُكْرِيَهَا) ، وَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَأَكْرَاهَا فَمَا حَصَلَ فَلِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ نَفْسَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا الْأَجْرُ فِيهَا لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا وَالرَّابِعَةُ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَةَ فِيهَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا.
(وَكَبَيْعِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ (نِصْفًا) لِكَثَوْبٍ بِدِينَارٍ يَدْفَعُهُ الْأَجِيرُ لِرَبِّهِ (بِأَنْ) أَيْ عَلَى أَنْ (يَبِيعَ) لَهُ (نِصْفًا) ثَانِيًا أَيْ بَاعَهُ نِصْفَ السِّلْعَةِ بِدِينَارٍ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَصَارَ ثَمَنُ النِّصْفِ الْمَبِيعِ لِلسِّمْسَارِ مَجْمُوعَ الدِّينَارِ وَالسَّمْسَرَةِ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الثَّانِي إنْ أَبْهَمَ فِي مَحَلِّ الْبَيْعِ أَوْ عَيَّنَ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (إلَّا بِالْبَلَدِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْبَيْعِ بِالْبَلَدِ الَّذِي هُمَا بِهِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الْآنَ وَيُلْحَقُ بِهِ بَلَدٌ قَرِيبٌ يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ لَهُ وَلِلْجَوَازِ شَرْطَانِ زِيَادَةً عَلَى اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ الْبَلَدِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَجَّلَا) أَيْ ضَرَبَا لِبَيْعِ النِّصْفِ الثَّانِي أَجَلًا لِيَكُونَ إجَارَةً مَحْضَةً، وَهِيَ تُجَامِعُ الْبَيْعِ فَيَخْرُجَانِ عَنْ بَيْعٍ وَجُعْلٍ (وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ) أَيْ ثَمَنُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّمْسَرَةُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ، وَهُوَ النِّصْفُ الْمَدْفُوعُ لِلسِّمْسَارِ (مِثْلِيًّا) وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثَمَّنِ أَوْ الْمَبِيعِ نَعَمْ التَّعْبِيرُ بِمَا ذَكَرَ أَوْضَحُ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ تَارَةً إجَارَةً وَسَلَفًا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ إجَارَتَهُ، وَهِيَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَصِيرُ سَلَفًا إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَحْمُولِ كَآدَمِيٍّ يَرْكَبُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي دَارِي أَوْ حَمَّامِي أَوْ سَفِينَتِي) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ بْن، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ السَّفِينَةَ وَالدَّارَ وَالْحَمَّامَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ أَعْنِي لِتُكْرِيَهَا كَمَا فِي ح قَالَ عِيَاضٌ مَا لَا يَذْهَبُ بِهِ، وَلَا عَمَلَ لَهُ كَالرَّبَّاعِ فَهُوَ فِيهَا أَجِيرٌ وَالْكَسْبُ لِرَبِّهَا وَيَسْتَوِي فِيهَا اعْمَلْ، وَأَجِّرْ وَأَكْرِ وَنَقَلَ ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ، وَأَقَرَّهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ كَأَنَّهُ اكْتَرَى ذَلِكَ كِرَاءً فَاسِدًا ابْنُ يُونُسَ، وَلَوْ عَمِلَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا كَانَ مُطَالَبًا بِالْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَقَالَ إنْ عَاقَهُ عَنْ الْعَمَلِ عَائِقٌ وَعَرَفَ ذَلِكَ الْعَائِقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ إمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي، وَمَا عَمِلْت بِهِ فَلَكَ نِصْفُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ دَابَّتِي أَكْرِهَا، وَلَك نِصْفُ كِرَائِهَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يُكْرِيَهَا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَكُلُّهَا فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعَةُ بِالْعَكْسِ) أَيْ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ الْأَجْرِ فَهُوَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَوْلِيَةِ الْعَقْدِ فَلَوْ أَعْطَاهَا لَهُ لِيُكْرِيَهَا، وَلَهُ نِصْفُ الْكِرَاءِ فَأَكْرَاهَا لِمَنْ يُسَافِرُ عَلَيْهَا وَسَافَرَ مَعَهَا لِيَسُوقَهَا كَانَ لَهُ أُجْرَةُ سَوْقِهِ وَتَوَلِّيهِ لِعَقْدِ الْكِرَاءِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الْكِرَاءِ لِرَبِّهَا كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَا قَدَّمْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا) أَيْ، وَهُوَ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّهَا أُجْرَتُهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْعَامِلِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: ٧٥] وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْجَوَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَهُ نِصْفًا بِسَبَبِ بَيْعِهِ النِّصْفَ الثَّانِيَ أَيْ أَنَّهُ جَعَلَ ثَمَنَ النِّصْفِ سَمْسَرَتَهُ عَلَى النِّصْفِ الثَّانِي، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بَيْعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ إجَارَةٌ إنْ أَجَّلَ وَجُعْلٌ إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ، وَهِيَ عَلَى كُلِّ حَالٍ جَائِزَةٌ فَكَيْفَ يَجْعَلُهَا الْمُصَنِّفُ مَمْنُوعَةً وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ الْجَوَازَ بِقَوْلِهِ إنْ أَجَّلَا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالتَّأْجِيلِ يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْعَقْدِ جَعَالَةً؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُفْسِدُهَا، وَلَوْ كَانَ إجَارَةً مَحْضَةً لَاكْتَفَى فِيهَا بِالتَّعْيِينِ بِالْعَمَلِ فَشَرْطُهُ التَّأْجِيلُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةُ اجْتِمَاعِ بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ لَا إجَارَةٍ فَقَطْ، وَلَا جَعَالَةٍ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَيَّنَ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ) أَيْ أَوْ عَيَّنَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ، وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِ الْعَقْدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ إلَخْ) هَذَا عِلَّةُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الْآنَ) أَيْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى بَيْعِ نَصِيبِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَجَّلَا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ بَعِيدًا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ فَإِنْ بَاعَ النِّصْفَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ بَعْضُ نِصْفِ السِّلْعَةِ الَّتِي فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ، وَهُوَ بَيْعٌ، وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ، وَهُوَ إجَارَةٌ، وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَبِعْ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ مَجْعُولٌ عَلَى السَّمْسَرَةِ لَا عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ ثَمَنَ الْعَمَلِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثَمَّنِ وَبِالْمَبِيعِ أَيْ؛ لِأَنَّ نِصْفَ السِّلْعَةِ مُثَمَّنٌ وَثَمَنُهُ الْعَمَلُ وَالدِّينَارُ، وَمَبِيعٌ بِالْعَمَلِ وَالدِّينَارِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute