للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَفِي اللُّزُومِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا مُهَايَأَةً عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا أَحَدُهُمَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ وَيَسْكُنَهَا الْآخَرُ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُمَا مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَمِثْلُ الدَّارِ الْأَرْضُ الْمَأْمُونَةُ يَزْرَعُهَا أَحَدُهُمَا عَامًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً (لَا) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي غَلَّةٍ) أَيْ كِرَاءٍ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ تَحْرِيكِ الْمُشْتَرَكِ كَعَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا كِرَاءَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (وَلَوْ يَوْمًا) وَالْآخَرُ مِثْلَهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْغَلَّةِ الْمُتَجَدِّدَةِ إذْ قَدْ تَقِلُّ وَتَكْثُرُ وَمِنْ غَيْرِ الْمُنْضَبِطَةِ الْحَمَّامَاتُ وَالرَّحَا فَإِنْ انْضَبَطَتْ كَدَارٍ مَعْلُومَةِ الْكِرَاءِ وَكَرَحَا يَطْحَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَبَّهُ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَطْحَنَ لِغَيْرِهِ بِالْكِرَاءِ فِي مُدَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِمَا وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَيْهِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَدْ يَسْهُلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ

(وَ) الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَةِ (مُرَاضَاةٌ) بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ يَرْضَى بِهَا بِدُونِ قُرْعَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَكَالْبَيْعِ) إلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ شَيْءٌ مَلَكَ ذَاتَه وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِمِلْكِ الْمَنَافِعِ مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا مَعًا فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ.

(قَوْلُهُ أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ) الْأَوْلَى أَيْ فِي اللُّزُومِ عِنْدَ تَعْيِينِ الزَّمَنِ.

اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْسُومَ مُهَايَأَةً إنْ كَانَ عَقَارًا فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ فَكَمَا يَجُوزُ إجَارَةُ الدَّارِ لِتُقْبَضَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ لِكَوْنِهَا مَأْمُونَةً يَجُوزُ قِسْمَتُهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا سَنَتَيْنِ.

وَأَمَّا عَبْدٌ مُعَيَّنٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَخْذُهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا فِي الْمُهَايَأَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا شَهْرٌ فَأَكْثَرُ بِقَلِيلٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِذَا جَعَلَ الْمَوَّاقُ التَّشْبِيهَ رَاجِعًا لِلدَّارِ فَقَطْ وَأَنَّهُ تَامٌّ أَيْ فِي اللُّزُومِ وَالتَّعْيِينِ، وَفِي أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَصِحُّ فِي أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ غَيْرَ تَامٍّ بِأَنْ يَكُونَ فِي اللُّزُومِ وَتَعْيِينِ الْمُدَّةِ فَقَطْ اهـ.

اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ السَّابِقَيْنِ وَهُمَا اشْتِرَاطُ تَعْيِينِ الزَّمَانِ وَاشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مُتَعَدِّدًا وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الْأَحَدِ أَوَّلُهُمَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ تَعْيِينِ الزَّمَانِ فِي الْمُتَعَدِّدِ أَوْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ عبق وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا) أَيْ الدَّارِ (قَوْلُهُ الْأَرْضُ الْمَأْمُونَةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ مِلْكًا.

وَأَمَّا الْحَبْسُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُ رِقَابِهِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا قَسْمُهُ لِلِاغْتِلَالِ بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا كِرَاءَهُ شَهْرًا مَثَلًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ فَقِيلَ يُقْسَمُ وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى لِمَنْ طَلَبَ وَيَنْفُذُ بَيْنَهُمْ إلَى أَنْ يَحْصُلَ مَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ الْقَسْمِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ يُوجِبُ التَّغْيِيرَ وَقِيلَ لَا يُقْسَمُ بِحَالٍ، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يُقْسَمُ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ بِتَرَاضِيهِمْ فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمْ الْقَسْمَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَغَايَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَاسْتَظْهَرَ ح الْقَوْلَ الثَّالِثَ وَسَوَاءٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ قَسَمَ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ أَوْ قِسْمَةَ انْتِفَاعٍ بِأَنْ يَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالسُّكْنَى بِنَفْسِهِ أَوْ بِالزِّرَاعَةِ بِنَفْسِهِ مُدَّةً.

وَإِنْ كَانَتْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا هِيَ فِي قِسْمَةِ الِاغْتِلَالِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً) أَيْ، وَإِنَّ قَلَّتْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ لَا فِي غَلَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَهِيَ أَيْ قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ جَائِزَةٌ فِي مَنَافِعَ لَا فِي غَلَّةٍ قَالَ عبق وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي غَلَّةِ اللَّبَنِ كَمَا يَأْتِي فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا يَأْتِي فَيَجُوزُ أَنْ يَحْلُبَ هَذَا يَوْمًا، وَهَذَا يَوْمًا اهـ.

وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ فِيمَا يَأْتِي بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ فَضْلٌ بَيِّنٌ (قَوْلُهُ كِرَاءُ الْحَمَّامَاتِ وَالرَّحَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُ غَلَّتِهَا مُهَايَأَةً بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَتَهَا يَوْمًا أَوْ جُمُعَةً أَوْ شَهْرًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَدَارٍ مَعْلُومَةِ الْكِرَاءِ) أَيْ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ مَعْلُومِ الْكِرَاءِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ مُسْتَأْجَرًا لِشَخْصٍ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَةَ شَهْرٍ أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مُسْتَأْجِرٍ بِالْفِعْلِ لَكِنْ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤَاجِرُ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْكِرَاءَ تَبَعٌ لِمَا أَيْ تَبَعٌ لِلْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَيْهَا فَلَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُكْرِي مُدَّتَهُ وَلَمْ يَنْضَبِطْ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَسْمِ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) كَذَا فِي خش وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَسْهُلُ) أَيْ قَسْمُ الْغَلَّةِ مُهَايَأَةً فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ غَلَّةَ الْمُشْتَرَكِ يَوْمًا

(قَوْلُهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قِسْمَةُ رِقَابٍ وَذَوَاتٍ كَالْقُرْعَةِ الْآتِيَةِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْمُهَايَأَةِ فَإِنَّهَا قِسْمَةُ مَنَافِعَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُهَايَأَةِ وَالْمُرَاضَاةِ مِنْ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ فَلَا تُفْعَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَّا بِرِضَاهَا وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنْ أَبَاهَا بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا وَأَبَاهَا الْآخَرُ وَطَلَبَ الْمُهَايَأَةَ أَوْ الْمُرَاضَاةَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ أَبَاهَا.

(قَوْلُهُ فَكَالْبَيْعِ) أَيْ الْمُغَايِرِ لِلْمُرَاضَاةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ فَتَشْبِيهُهَا بِهِ تَشْبِيهٌ لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بَقَرَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>