للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ أَمْ لَا وَلَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إذَا لَمْ يُدْخِلَا مُقَوِّمًا فِيهَا وَقَدْ يُتَسَامَحُ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ

وَأَشَارَ لِلْقَسَمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ بِقَوْلِهِ (وَقُرْعَةٌ) ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَنَافِعِ كَالْإِجَارَةِ وَقِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ فِي الرِّقَابِ كَالْبَيْعِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بَابٌ يَخُصُّهُ (وَهِيَ) أَيْ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ (تَمْيِيزُ حَقٍّ) فِي مُشَاعٍ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لَا بَيْعٍ فَلِذَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ (وَكَفَى) فِيهَا (قَاسِمٌ) وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْخَبَرُ كَالْقَائِفِ وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ وَلَوْ كَافِرًا وَعَبْدًا إلَّا أَنْ يُقِيمَهُ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَالَةِ (لَا مُقَوِّمٌ) فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ أَوْ الْأَمَاكِنِ الْمَقْسُومَةِ بِالْقُرْعَةِ وَالْتَزَمَهُ بَعْضُهُمْ قَائِلًا أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّقْلِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ مُقَوِّمِ الْمُتْلَفَاتِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غُرْمٌ أَوْ قَطْعٌ فَيَكُونُ الْمُقَوِّمُ هُنَا غَيْرَ الْقَاسِمِ فَالْقَاسِمُ مُقَدَّمٌ فِعْلُهُ عَلَى الْمُقَوِّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَاسِمُ هُوَ الْمُقَوِّمُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ

(وَأَجْرُهُ) أَيْ الْقَاسِمِ (بِالْعَدَدِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ مِمَّنْ طَلَبَ الْقَسْمَ أَوْ أَبَاهُ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ تَعَبَ الْقَسَّامِ فِي تَمْيِيزِ النَّصِيبِ الْيَسِيرِ كَتَعَبِهِ فِي الْكَبِيرِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَالْمُقَوِّمِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَكُرِهَ) أَخْذُهُ الْأُجْرَةَ مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَوْ غَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْآخَرُ بَقَرَةً مِثْلَهَا أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ دَارًا مِثْلَهُ أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا حَيَوَانًا وَالْآخَرُ عَقَارًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَمْحًا (قَوْلُهُ وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ) ذَكَرَ ح أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْمُرَاضَاةِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَصْنَافٍ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَفُولٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَاحِدَةً بِالتَّرَاضِي، وَأَمَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَجْهُولَةُ الْكَيْلِ يَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالتَّرَاضِي فَلَا يَجُوزُ قَالَ عبق وَمَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ جُزَافًا بِلَا تَحَرٍّ أَوْ بِتَحَرٍّ فِي الْمَكِيلِ لِلْغُرُورِ وَالْمُخَاطَرَةِ، وَأَمَّا بِتَحَرٍّ فِي الْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى مَعَ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُدْخِلَا مُقَوِّمًا) أَيْ فَإِنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا رُدَّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْقُرْعَةِ مَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُتَسَامَحُ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ وَفِي قَفِيزٍ) أَيْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ) أَيْ وَالْآخَرُ ثُلُثَهُ فَقَسْمُ الْقَفِيزِ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَاضَاةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ تَمَيَّزَ حَقُّهُ وَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْ نَصِيبِهِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَاضَاةَ بَيْعٌ فَقَسْمُ الْقَفِيزِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا

(قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بَابٌ يَخُصُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالْبَيْعِ وَلَا كَالْإِجَارَةِ فَلِذَا كَانَ هَذَا بَابُهَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَقِيلَ إنَّهَا بَيْعٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ (قَوْلُهُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ فَلِذَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلَخْ) أَيْ فَلِأَجْلِ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بَيْعًا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ؛ لِأَنَّ الْغَبَنَ لَا يُرَدُّ بِهِ الْبَيْعُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ) أَيْ أَنَّهَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ كَبَقَرٍ وَجَامُوسٍ وَقَمْحٍ وَفُولٍ أَوْ الْمُتَّحِدِ مِنْهُمَا كَعَبْدَيْنِ أَوْ دَارَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ لَا فِي مُخْتَلِفٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُرَاضَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَفَى فِيهَا) أَيْ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ أَيْ كَفَى فِي تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ بِقِسْمَةِ الْقُرْعَةِ قَاسِمٌ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ كَفَى فِي الْإِجْزَاءِ وَأَشْعَرَ هَذَا أَنَّ الِاثْنَيْنِ أَوْلَى وبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَهُ) أَيْ الْقَاسِمَ وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَالَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقِيمُ مَقَامَهُ إلَّا الْعُدُولَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَسْمُ أَقَامَهُ الشُّرَكَاءُ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَلَهُمَا أَنْ يُقِيمَا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ) أَيْ الْمُتْلَفَةِ (قَوْلُهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ أَوْ الْأَمَاكِنِ) أَيْ الْمُعَدِّلُ لِأَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ كَذِرَاعٍ مِنْ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ الْغَرْبِيِّ وَكَقَفِيزٍ مِنْ بُرٍّ يَعْدِلُ قَفِيزَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ (قَوْلُهُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تَقْوِيمِهَا (قَوْلُهُ أَوْ قَطَعَ) أَيْ كَتَقْوِيمِ مَسْرُوقٍ لِيَتَرَتَّبَ عَلَى سَارِقِهِ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ فَالْقَاسِمُ مُقَدَّمٌ فِعْلُهُ عَلَى الْمُقَوِّمِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى فَالْقَاسِمُ فِعْلُهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ فِعْلِ الْمُقَوِّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَيْ تَمْيِيزَ الْأَنْصِبَاءِ بِضَرْبِ السِّهَامِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَأَجْرُهُ) أَيْ أُجْرَتُهُ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ) أَيْ مَفْضُوضَةٌ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَالْمُقَوِّمِ) أَيْ مَفْضُوضَةٌ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إلَخْ) فِي بْن تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَنْ كَانَ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي لِلْقِسْمَةِ أَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ عَلَى الْقَسْمِ لَهُمْ فَلَا كَرَاهَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>