للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى رِضَا الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ذِمِّيًّا (أَوْ) كَانَ الشَّفِيعُ (مُحْبِسًا) لِحِصَّتِهِ قَبْلَ بَيْعِ شَرِيكِهِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (لِيَحْبِسَ) الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ أَيْضًا قَالَ فِيهَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَبَسَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فِي الدَّارِ نَصِيبَهُ فَلَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَ وَلَا لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمُحْبَسَ فَيَجْعَلَهُ فِي مِثْلِ مَا جَعَلَ نَصِيبَهُ الْأَوَّلَ انْتَهَى.

وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُهَا لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لَمْ يَحْبِسْ كَأَنْ يُوقِفَ عَلَى عَشَرَةٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ، أَوْ يُوقِفَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا (كَسُلْطَانٍ) لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمُرْتَدِّ بِقَتْلٍ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ أَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ شَاءَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ وَرِثَتْ بِنْتٌ مَثَلًا مِنْ أَبِيهَا نِصْفَ دَارٍ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي وَرِثَهُ السُّلْطَانُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَبَاعَتْ الْبِنْتُ نَصِيبَهَا فَلِلسُّلْطَانِ الْأَخْذُ لِبَيْتِ الْمَالِ (لَا مُحْبِسٍ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ (وَلَوْ لِيَحْبِسَ) مِثْلَ مَا حَبَسَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُ الْمُحْبِسِ لَهُ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ إلَّا فُلَانٌ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ (وَجَارٍ) لَا شُفْعَةَ لَهُ (وَإِنْ مَلَكَ تَطَرَّقَا) أَيْ انْتِفَاعًا بِطَرِيقِ الدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ كَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى دَارِهِ فَبِيعَتْ تِلْكَ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَا لَوْ مَلَكَ الطَّرِيقَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَمَرُّ قِسْمِ مَتْبُوعِهِ (وَنَاظِرِ وَقْفٍ) لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ (وَكِرَاءٍ) أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي كِرَاءٍ لَهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى أَنْ يَكْتَرِيَ شَخْصَانِ دَارًا، ثُمَّ يُكْرِيَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَيُكْرِي أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ) أَيْ بِالشُّفْعَةِ عَلَى رِضَا الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي أَيْ بِحُكْمِنَا بَيْنَهُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُمْ بِحُكْمِنَا إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ذِمِّيًّا فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ ذِمِّيًّا تَوَقَّفَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ بِالشُّفْعَةِ عَلَى رِضَاهُمْ بِحُكْمِنَا، وَإِنْ كَانَ التَّحَاكُمُ مِنْ خُصُوصِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَعْنِي الْمُشْتَرِيَ، وَالشَّفِيعَ (قَوْلُهُ، أَوْ كَانَ الشَّفِيعُ) أَيْ الشَّرِيكُ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ لِيَحْبِسَ الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَفِي بَهْرَامَ لِيَحْبِسَ فِي مِثْلِ مَا حُبِسَ فِيهِ الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الْآتِي وَقَوْلُهُ لِيَحْبِسَ الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ أَيْ.

وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ لِلتَّمَلُّكِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُ مَا حَبَسَهُ أَوَّلًا لَهُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَيَجْعَلُهُ) أَيْ فَيَجْعَلُهُ حَبْسًا فِي مِثْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُهَا لَهُ إلَخْ) .

قَالَ عبق، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَرْجِعُ لِلْغَيْرِ مِلْكًا كَانَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا حُكْمًا بِالْمَرْجِعِ الْمَجْعُولِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ إلَخْ) وَلِذَا قَالَ ح مَنْ أَعْمَرَ شَخْصًا جُزْءًا شَائِعًا فِي دَارٍ وَلَهُ فِيهَا شَرِيكٌ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فَلِلْمُعَمِّرِ بِالْكَسْرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْحِصَّةَ تَرْجِعُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ حَيَاتِهِمْ تَرْجِعُ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ) أَيْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْبَائِعِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ إنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ أَيْ وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأَخْذَ لَا يُقَالُ الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكِ الْمُرْتَدِّ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ عَلَى مِلْكِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ تَجَدَّدَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّ، وَالسُّلْطَانُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَخْذِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ إلَخْ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ وَبَاعَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حِصَّتَهُ قَبْلَ رِدَّةِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِيَحْبِسَ) أَيْ وَلَوْ أَرَادَ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ مِثْلَ مَا حُبِسَ عَلَيْهِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشِّقْصِ الْمُحْبَسِ أَوَّلًا وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ كَالْمُحْبِسِ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إذَا أَخَذَ لِيَحْبِسَ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ مَا نَصُّهُ سَوَّى ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْبِسِ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ إلْحَاقَ الْحِصَّةِ الَّتِي يُرِيدُ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْحَبْسِ فَلَهُ ذَلِكَ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ خَلِيلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا حُكْمًا بِالْمَرْجِعِ الْمَجْعُولِ لَهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ حَبَسَ) أَيْ حِصَّةً فِي دَارٍ عَلَى جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ) أَيْ فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ كَانَ لِفُلَانٍ هَذَا الَّذِي مَرْجِعُ الْحَبْسِ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَجَارٍ) إنَّمَا أَتَى بِهِ مَعَ خُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ شَرِيكٌ وَصْفٌ، وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ أَيْ انْتِفَاعًا بِطَرِيقِ الدَّارِ) أَيْ بِطَرِيقٍ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا وَجَعَلَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَصَارَ أَحَدُهُمَا لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ لِدَارِهِ إلَّا مِنْ دَارِ الْآخَرِ وَاسْتَأْجَرَ طَرِيقًا يَمُرُّ مِنْهَا، أَوْ أَرْفَقَهُ جَارُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ) أَيْ وَتِلْكَ الطَّرِيقُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا بِإِجَارَةٍ، أَوْ إرْفَاقٍ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مِلْكٌ فِي ذَاتِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ فَبِيعَتْ تِلْكَ الدَّارُ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ أَيْ لِلْجَارِ الْمَالِكِ لِلطَّرِيقِ.

(قَوْلُهُ وَنَاظِرِ وَقْفٍ) كَدَارٍ مُوقَفٍ نِصْفُهَا عَلَى جِهَةٍ وَلَهُ نَاظِرٌ فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ لِيَحْبِسَ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ كَمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ) أَيْ، وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْمَالِكِ فَلَيْسَ النَّاظِرُ كَالْمُحْبِسِ وَاعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ غَازِيٍّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِمَا ابْنِ رُشْدٍ لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِلْحَبْسِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ الْمُحْبِسِ، وَالْمُحْبَسِ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَا ذَلِكَ لِإِلْحَاقِهِمَا بِالْحَبْسِ فَالنَّاظِرُ، أَوْلَى سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>