للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ، أَوْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي يَمِينَ الْقَضَاءِ وَحَكَمَ (نُقِضَ) حُكْمُهُ وَاسْتُؤْنِفَ.

وَأَشَارَ لِلثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَالْعَشَرَةُ) مِنْ الْأَيَّامِ مَعَ الْأَمْنِ (أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا) أَيْ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ (فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ) أَيْ عَقَارِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَقَارَهُ لِكَثْرَةِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ فَتُؤَخَّرُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَقْدَمَ، وَإِنَّمَا سُمِعَتْ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ لِضَرُورَةِ مَشَقَّةِ الصَّبْرِ وَاحْتَرَزَ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ عَنْ بَيْعِهِ فِي دَيْنٍ، أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ، ثُمَّ مَا قَارَبَ كُلًّا مِنْ مَسَافَةِ الْغَيْبَةِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ لَهُ حُكْمُهُ.

وَلَمَّا ذَكَرَ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ ذَكَرَ الْحُكْمَ بِالْغَائِبِ فَقَالَ (وَحَكَمَ) الْقَاضِي (بِمَا يَتَمَيَّزُ) حَالَ كَوْنِهِ (غَائِبًا) عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (بِالصِّفَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَتَمَيَّزُ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ وَدَارٍ مِنْ سَائِرِ الْمُقَوَّمَاتِ وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ (كَدَيْنٍ) أَيْ كَمَا يَحْكُمُ بِالدَّيْنِ فَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَالْحَدِيدِ وَالْحَرِيرِ فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ مُقَوَّمًا كَانَ، أَوْ مِثْلِيًّا حَكَمَ بِهِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ لِجَهْلِ صِفَتِهِ وَاحْتَرَزَ بِالْغَائِبِ عَنْ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ تَمَيَّزَ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا.

(وَجَلَبَ) الْقَاضِي (الْخَصْمَ) أَيْ دَعَاهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ) ، أَوْ وَرَقَةٍ، أَوْ أَمَارَةٍ (إنْ كَانَ) الْخَصْمُ (عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ لَا الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا وَيَرْجِعُ لِمَنْزِلِهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ كَمَا قِيلَ (لَا أَكْثَرَ) مِنْهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَسَمَّى الشُّهُودَ بَعْدَ الْمُتَوَسِّطَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُقِضَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُنْقَضُ بِعَدَمِ تَسْمِيَتِهِمْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَزِيرِيِّ فِي وَثَائِقِهِ وَابْنِ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِفَ) أَيْ الْحُكْمُ ثَانِيًا.

(قَوْلُهُ: يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا) أَيْ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا وَإِذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَمَّى لَهُ الشُّهُودَ وَمَنْ عَدَّلَهُمْ وَأَعْذَرَ لَهُ فِيهِمْ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ) أَيْ لِكَثْرَةِ تَشَاحُحِ النُّفُوسِ بِسَبَبِهِ وَحُصُولِ الضِّغْنِ وَالْحِقْدِ وَالنِّزَاعِ عِنْدَ أَخْذِهِ وَقَوْلُهُ: فَيُؤَخَّرُ الْمُدَّعِي إلَخْ أَيْ لِيَكُونَ حُضُورُهُ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سُمِعَتْ) أَيْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ) بَلْ وَيَحْكُمُ بِهِ أَيْضًا عَلَى حَاضِرٍ مُلِدٍّ بِدَفْعِ الْحَقِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّهْنِ وَبَاعَ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا قَارَبَ كُلًّا) أَيْ فَالْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ تَلْحَقُ بِالثَّلَاثَةِ وَالثَّمَانِيَةُ وَالتِّسْعَةُ تَلْحَقُ بِالْعَشَرَةِ وَأَمَّا الْوَسَطُ كَالْخَمْسَةِ وَالسِّتَّةِ فَيَلْحَقُ بِالْأَحْوَطِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ) أَيْ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالشَّيْءِ الَّذِي يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ حَالَةَ كَوْنِهِ غَائِبًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَهُوَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ فِي غَيْبَتِهِ كَالْعَقَارِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بَلْ تُمَيِّزُهُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو وَهُمَا بِرَشِيدٍ أَنَّ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي كَانَ مَعَهُ بِالْأَزْهَرِ يُحَضِّرُ فِيهِ مِلْكٌ لَهُ وَالْكِتَابُ حِينَئِذٍ بِالْأَزْهَرِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا مِلْكٌ لِزَيْدِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا يَحْكُمُ بِالدَّيْنِ) أَيْ الْمُتَمَيِّزِ بِالصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ تَمَيُّزُهُ نَوْعِيًّا لَا شَخْصِيًّا لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَحَابِيبِ أَوْ الرِّيَالَاتِ عَشَرَةً أَوْ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ أَرَادِبَ قَمْحٍ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: حَكَمَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا بِالْمُقَوَّمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَالَ حَكَمَ بِهَا أَيْضًا كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِمَّا قَالَهُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ الْغَائِبَ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ كَانَ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ حَكَمَ الْقَاضِي بِهِ وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ حَكَمَ بِهَا وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ وَإِلَّا فَلَا يَحْكُمُ حَتَّى يَحْضُرَ.

(قَوْلُهُ: وَجَلَبَ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الشَّخْصِ الْغَائِبِ مِنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَطِّنٍ بِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَمُتَوَطِّنٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) أَيْ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: وَجَلَبَ الْقَاضِي الْخَصْمَ إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَيْ جَبْرًا عَلَيْهِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ إلَيْهِ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ أَوْ تُوَكِّلَ أَوْ تُرْضِيَ خَصْمَك وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى يَجْلُبُهُ الْقَاضِي سَوَاءٌ أَتَى الْمُدَّعِي بِشُبْهَةٍ أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَجَزَمَ ابْنُ عَاصِمٍ تَبَعًا لِسَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجْلُبُهُ إلَّا مَعَ إتْيَانِ الْمُدَّعِي بِشُبْهَةٍ كَأَثَرِ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ لِئَلَّا تَكُونَ دَعْوَاهُ بَاطِلَةً وَيُرِيدُ إعْنَاتَ الْمَطْلُوبِ قَالَ شَيْخُنَا أَقُولُ كَلَامَ سَحْنُونٍ خُصُوصًا وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَاصِمٍ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَحْكَامِ هُوَ الظَّاهِرُ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَجْلُبُهُ اتِّفَاقًا إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي شَاهِدٌ. (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ فَلَا يَجْلُبُهُ وَلَا يَدْعُوهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَإِنْ جَلَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>