مِنْ الْأَمْوَالِ (عَنْ الْجَمِيعِ) لِأَنَّهُمْ كَالْحُمَلَاءِ فَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أُخِذَ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ بَاقِيًا أَمْ لَا جَاءَ الْمُحَارِبُ تَائِبًا أَمْ لَا نَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا نَهَبُوهُ أَمْ لَا لِتَقَوِّي بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَكَانُوا كَالْحُمَلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُهُمْ الْبُغَاةُ وَالْغُصَّابُ وَاللُّصُوصُ (وَاتُّبِعَ) الْمُحَارِبُ (كَالسَّارِقِ) ، فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِمَجِيئِهِ تَائِبًا أُغْرِمَ مُطْلَقًا أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ، وَإِنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ أُغْرِمَ إنْ أَيْسَرَ مِنْ الْأَخْذِ إلَى الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَّصِلَ كَقِيَامِ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ، وَالنَّفْيُ كَالْقَطْعِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ كَسُقُوطِ الْحَدِّ فَيَغْرَمُ فِيهِ مُطْلَقًا (وَدُفِعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ) أَيْ ادَّعَاهُ إنْ وَصَفَهُ كَمَا تُوصَفُ اللُّقَطَةُ (بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَ) بَعْدَ (الْيَمِينِ) مِنْ الطَّالِبِ خَوْفَ أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ لَهُ الْإِمَامُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ نَزَعَهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ (أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ (مِنْ الرُّفْقَةِ) وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ بِلَا اسْتِينَاءٍ وَلِذَا أَخَّرَ الْبَيِّنَةَ عَنْ الِاسْتِينَاءِ فَتَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مَا لَمْ يَشْهَدْ الْعَدْلُ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَأَوْلَى لِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّ مَا يَصْدُرُ مِنْ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ لَا يُسَمَّى شَهَادَةً، وَإِنَّمَا هُوَ دَعْوَى فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ (لَا لِأَنْفُسِهِمَا) وَبَقِيَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَدْلَيْنِ لِثُبُوتِ الْأَمْوَالِ بِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ احْتَرَسَ بِالرَّجُلَيْنِ عَنْ الرَّجُلِ بِلَا يَمِينٍ مَعَهُ مِنْ الطَّالِبِ.
(وَلَوْ) (شَهِدَ اثْنَانِ) عَدْلَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى رَجُلٍ اُشْتُهِرَ بِالْحِرَابَةِ (أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الشَّخْصُ هُوَ (الْمُشْتَهَرُ بِهَا) أَيْ بِالْحِرَابَةِ عِنْدَ النَّاسِ (ثَبَتَتْ) الْحِرَابَةُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا) مِنْهُ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَسَقَطَ حَدُّهَا) أَيْ الْحِرَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالْقَتْلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَنْ عَدَاهُ الْغُرْمُ إمَّا لِعَدَمِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِأَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِمَجِيئِهِ تَائِبًا أَوْ هَرَبَ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ أَوْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَانَ يَسَارُهُ مُتَّصِلًا مِنْ حِينِ أَخْذِ الْمَالِ لِوَقْتِ الْحَدِّ، فَإِنْ كَانَ مَنْ عَدَاهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا بَعْدَ الْحِرَابَةِ وَقَبْلَ الْحَدِّ فَلَا يَغْرَمُ عَنْهُ هَذَا الْمَأْخُوذُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ إنَّمَا يَغْرَمُ عَنْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَالضَّمَانُ يَقْتَضِي لُزُومَ الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَمْوَالِ) أَيْ الْمُحْتَرَمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُعَاهِدٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمْ الْبُغَاةُ) أَيْ مِثْلُ الْمُحَارِبِينَ فِي أَنَّهُ إذَا ظَفِرَ بِوَاحِدٍ يَغْرَمُ عَنْ الْجَمِيعِ الْبُغَاةِ وَالْغُصَّابِ وَاللُّصُوصِ كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَقَلَهُ ح وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حُكْمُ الْمُحَارِبِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ السَّارِقِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ السُّرَّاقِ لَا يَضْمَنُ مَا سَرَقَهُ مَنْ مَعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ) أَيْ اُتُّبِعَ بِغُرْمِ مِثْلِ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْجُودًا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: أُغْرِمَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ الْمَالُ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَ الْأَخْذِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ لِأَنَّ النَّفْيَ حَدٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْحُدُودِ كَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ: فَيَغْرَمُ فِيهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ إنْ وَصَفَهُ. . . إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مُدَّعِيَ الْمَالِ الَّذِي بِأَيْدِي الْمُحَارِبِينَ إذَا أُخِذَ مِنْهُمْ لَا يُدْفَعُ لَهُ إذَا لَمْ يُثْبِتْهُ بِالْبَيِّنَةِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَبَعْدَ الْيَمِينِ وَبَعْدَ وَصْفِهِ كَاللُّقَطَةِ، وَالشَّرْطُ الْأَخِيرُ أَهْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَاللَّخْمِيِّ وَمَحَلُّ أَخْذِ الْمُدَّعِي لَهُ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ نَقْلًا عَنْ أَشْهَبَ إذَا أَقَرَّ اللُّصُوصُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَتَاعَ مِمَّا قَطَعُوا فِيهِ الطَّرِيقَ، فَإِنْ قَالُوا: هُوَ مِنْ أَمْوَالِنَا كَانَ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَمْلِكُونَ مِثْلَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: خَوْفَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاسْتِينَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ بِحَمِيلٍ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَبِحَمِيلٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَبِلَا حَمِيلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ حَمِيلًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ دَفْعِهِ لَهُ بِأَنَّهُ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَوْزِ لَا الْمِلْكِ (قَوْلُهُ نَزَعَهُ مِنْهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ إنْ تَلِفَ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَدَالَتَهُمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ التُّحْفَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ وَسْمُ خَيْرٍ قَدْ ظَهَرَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِتَوَسُّمِ الْخَيْرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: مِنْ الرُّفْقَةِ) أَيْ الْمُقَاتِلِينَ لِلْمُحَارِبِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِمَا) أَيْ كَعَبْدِهِ مُكَاتَبًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا لِأَنْفُسِهِمَا) فِي ح إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لِأَنْفُسِهِمَا يَسِيرًا فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ الْقَلِيلِ وَلِغَيْرِهِمْ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ وَلَعَلَّهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: عَلَى رَجُلٍ اُشْتُهِرَ بِالْحِرَابَةِ) أَيْ ثُمَّ رَفَعَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ لِمَعْرِفَتِهِمَا لَهُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ) أَيْ كَمَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ بِهَا وَبِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ صُدُورِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ حَدُّهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَتَلَ أَحَدًا؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ إذَا جَاءَ تَائِبًا إنَّمَا هُوَ لِلْقِصَاصِ لَا أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute