وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهَا بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قَدْرَ دَيْنِهِ إنْ أَحْضَرَ الثَّوْبَ الرَّهْنَ وَقْتَ ارْتِهَانِ الْفَضْلَةِ أَوْ عُلِمَ بَقَاؤُهُ بِبَيِّنَةٍ حِينَئِذٍ وَإِلَّا ضَمِنَ الْجَمِيعَ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَوْلَهُ (كَتَرْكِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ) مِنْ رَهْنٍ يُغَابُ عَلَيْهِ أَيْ تَرَكَهَا الْمُسْتَحِقُّ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا بِاسْتِحْقَاقِهَا خَرَجَتْ مِنْ الرَّهِينَةِ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ أَمِينًا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا بَقِيَ (أَوْ رَهْنِ نِصْفِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى تَرْكِ أَيْ إذَا ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ مَثَلًا فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ جَمِيعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَهُوَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مُؤْتَمَنٌ (وَمُعْطًى) بِالتَّنْوِينِ اسْمُ مَفْعُولٍ (دِينَارًا) أَعْطَاهُ لَهُ مَدِينٌ أَوْ مُسَلِّفٌ (لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ) قَرْضًا أَوْ قَضَاءً (وَيَرُدَّ نِصْفَهُ) فَزَعَمَ تَلَفَهُ قَبْلَ صَرْفِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ كُلَّهُ بَلْ نِصْفَهُ إنْ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ مِنْ حِينِ الْإِعْطَاءِ وَأَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَصْرِفَهُ وَيَأْخُذَ نِصْفَهُ فَضَاعَ قَبْلَ الصَّرْفِ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ، فَإِنْ ضَاعَ بَعْدَهُ فَمِنْهُمَا كَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ حَقَّهُ ضَمِنَ جَمِيعَهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ ثُمَّ رَجَعَ لِتَتْمِيمِ مَسْأَلَةِ وَفَضْلَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ) الدَّيْنِ (الثَّانِي أَوَّلًا) قَبْلَ أَجَلِ الْأَوَّلِ (قُسِمَ) الرَّهْنُ بَيْنَهُمَا عَلَى الدَّيْنَيْنِ (إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهُ وَيَدْفَعُ لِلْأَوَّلِ قَدْرَ مَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ لَا أَزْيَدَ وَالْبَاقِي لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الثَّانِي فَلَا يُعْطَى لِلثَّانِي مِنْهُ إلَّا مِقْدَارُهُ وَيَكُونُ بَقِيَّةُ الرَّهْنِ كُلُّهَا لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ قَسْمُهُ (بِيعَ) الرَّهْنُ (وَقُضِيَا) أَيْ الدَّيْنَانِ مَعًا حَيْثُ كَانَ فِيهِ فَضْلَةٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يُبَعْ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ، وَعَطَفَ عَلَى " مُشَاعٍ " قَوْلَهُ.
(وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ) أَيْ وَصَحَّ رَهْنُ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ، فَإِنْ وَفَّى الرَّاهِنُ مَا عَلَيْهِ رَجَعَ الرَّهْنُ لِرَبِّهِ وَإِلَّا بِيعَ فِي الدَّيْنِ (وَرَجَعَ صَاحِبُهُ) وَهُوَ الْمُعِيرُ (بِقِيمَتِهِ) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا أَمِينٌ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَبْلَغَ دَيْنِهِ فَقَطْ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ الرَّاهِنُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَهَذَا إذَا رُهِنَتْ الْفَضْلَةُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلُّهُ عِنْدَهُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ وَفِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ إذَا تَلِفَ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهَا بَيِّنَةٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا لِلْفَضْلَةِ وَلَا لِمَا قَابَلَ دَيْنَهُ (قَوْلُهُ إنْ أَحْضَرَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ الْفَضْلَةَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْجَمِيعَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ ضَاعَ بِتَمَامِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ مِنْ رَهْنٍ يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا كَانَتْ مِنْ رَهْنٍ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَعَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ النِّصْفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ النِّصْفِ الْبَاقِي رَهْنًا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي قَدْ اُسْتُحِقَّ فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ كُلَّهُ بَلْ نِصْفَهُ) أَيْ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا اُتُّهِمَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ) أَيْ فَضَمَانُ الدِّينَارِ كُلِّهِ مِنْ رَبِّهِ أَيْ لِأَنَّ الْقَابِضَ لَهُ أَمِينٌ فِيهِ قَبْلَ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاعَ بَعْدَهُ فَمِنْهُمَا) أَيْ لِأَنَّهُ بَعْدَ الصَّرْفِ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ تَلِفَ قَبْلَ الصَّرْفِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ الثَّانِي) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا إذَا تَسَاوَى الدَّيْنَانِ فِي الْأَجَلِ أَوْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَبْعَدَ لِوُضُوحِهِ وَهُوَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيَقْضِيَانِ مَعًا مَعَ التَّسَاوِي وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهُ إذْ رُبَّمَا أَدَّى الْقَسْمُ لِنَقْصِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ بَعُدَ أَجَلُ الثَّانِي فَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ يُقْسَمُ الرَّهْنُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بِيعَ وَقَضَيَا (قَوْلُهُ قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ قَسْمُهُ) وَيُدْفَعُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّهْنِ قَدْرَ مَا يُوَفِّيهِ وَيَبْقَى ذَلِكَ رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِي الْقَسْمِ إشْكَالًا؛ لِأَنَّ قَسْمَ الْأَوَّلِ قَدْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ فَلَا يَفِي بِدَيْنِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى رَهْنِ الْجَمِيعِ وَجَوَابُ ابْنِ عَاشِرٍ أَنَّ الْفَضْلَةَ رُهِنَتْ بِعِلْمِهِ وَرِضَاهُ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى ذَلِكَ، يُرَدُّ بِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ. اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ لِلْأَوَّلِ قَدْرَ مَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ لَا أَزْيَدَ) أَيْ بِأَنْ يَنْظُرَ لِعَدَدِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ فَيُعْطَى مِنْ الرَّهْنِ مِقْدَارَ مَا يُوَفِّيهِ وَيَبْقَى ذَلِكَ رَهْنًا لِحُلُولِ أَجَلِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْبَاقِي) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ لِلدَّيْنِ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَاقِي يُوَفِّيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ وَقُضِيَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَلَا يُوقَفُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ وَلَوْ أَتَى لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا أَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ أَجَلَهُ لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الرَّاهِنَ قَدْ أَدْخَلَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بَيْعَ رَهْنِهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الدَّيْنَ كَمَا يَأْتِي وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يَقْضِي الدَّيْنَانِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ، فَإِنْ أَتَى بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ فَلَا يَقْضِي الدَّيْنَانِ (قَوْلُهُ الدَّيْنَانِ مَعًا) أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ وَصِفَةُ الْقَضَاءِ أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ كُلَّهُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِ الْحَقِّ فِيهِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ فَضْلَةٌ عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ وَقُضِيَا.
(قَوْلُهُ وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْقَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute