للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حِمَايَةً لِلذَّرَائِعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا قَصَدَا بِهِ السَّلَفَ وَسَمَّيَاهُ رَهْنًا وَالسَّلَفُ مَعَ الْمُدَايَنَةِ مَمْنُوعٌ وَالطَّبْعُ الْمَقْدُورُ عَلَى فَكِّهِ، وَلَا يُعْلَمُ زَوَالُهُ كَالْعُدْمِ، وَمَفْهُومُ بِيَدِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي رَهْنِهِ طَبْعٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الطَّبْعَ شَرْطُ صِحَّةٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الرَّهْنِ وَعَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَطْبَعْ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ قَبْلَ الطَّبْعِ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ (وَفَضْلَتُهُ) أَيْ فَضْلَةُ الرَّهْنِ يَصِحُّ رَهْنُهَا بِأَنْ رَهَنَ رَهْنًا يُسَاوِي مِائَةً فِي دَيْنٍ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ كَخَمْسِينَ، ثُمَّ يَرْهَنُ الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ فِي دَيْنٍ آخَرَ (إنْ عَلِمَ) الْأَوَّلُ (وَرَضِيَ) بِذَلِكَ لِيَصِيرَ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ اُشْتُرِطَ رِضَا الْأَمِينِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ (وَلَا يَضْمَنُهَا) أَيْ الْفَضْلَةَ الْمَرْهُونَةَ لِلثَّانِي الْمُرْتَهِنِ (الْأَوَّلُ) إذَا كَانَتْ بِيَدِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْعَيْنِ فَيَقُولُ وَالْمِثْلِيُّ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ وَتَكُونُ الْمُبَالَغَةُ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ وَأَيْضًا الْعَيْنُ تَتَسَارَعُ الْأَيْدِي إلَيْهَا أَكْثَرَ فَالْمُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الطَّبْعِ غَيْرُهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ بِوُجُوبِ الطَّبْعِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا إلَّا بِالطَّبْعِ عَلَيْهَا هَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ شَاسٍ فَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَشْهَبَ إلَّا أَنَّ طَبْعَ الْعَيْنِ مُسْتَحَبٌّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّبْعِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ جَمِيعَ الْمِثْلِيَّاتِ لَا تُرْهَنُ إلَّا مَطْبُوعًا عَلَيْهَا قَالَ ح.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِوُجُوبِ الطَّبْعِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَجَبَ الطَّبْعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي وُجُوبِهِ أَوْ نَدْبِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ طَرِيقَتَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ حِمَايَةً) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الطَّبْعُ عَلَيْهِ حِمَايَةً أَيْ سَدًّا لِلذَّرَائِعِ أَيْ لِأَجْلِ حِمَايَةِ الذَّرَائِعِ وَسَدِّهَا، وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الطَّبْعُ لِأَجْلِ الْحِمَايَةِ لِاحْتِمَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالسَّلَفُ مَعَ الْمُدَايَنَةِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ السَّلَفُ مُشْتَرَطًا فِي عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَهَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُشْتَرَطًا فِي عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ، وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ وَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَهُوَ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ (قَوْلُهُ كَالْعَدَمِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ كَافِيًا فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ إنَّ الطَّبْعَ شَرْطُ صِحَّةٍ) أَيْ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَبِهِ قِيلَ، وَقِيلَ إنَّهُ شَرْطٌ فِي اخْتِصَاصِ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إذَا حَصَلَ لِلرَّاهِنِ مَانِعٌ قَبْلَ الطَّبْعِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ) يَدُلُّ لِهَذَا مَا فِي ح عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَنَصُّهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ لَوْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ قَبْلَ أَنْ يُطْبَعَ عَلَى الرَّهْنِ فَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ الشَّيْخِ وَلَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ؛ لِأَنَّ هَذَا رَهْنٌ مَحُوزٌ فَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ الطَّبْعِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَحَقُّ بِهِ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ الطَّبْعِ كَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ وَفَضْلَتُهُ) أَيْ وَصَحَّ رَهْنُ قِيمَةِ فَضْلَتِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ يَرْهَنُ الزَّائِدَ) أَيْ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ الْأَوَّلُ) أَيْ إنْ عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ بِرَهْنِهَا وَرَضِيَ بِذَلِكَ وَهَذَا إذَا رَهَنَ الْفَضْلَةَ بِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ أَمَّا لَوْ رَهَنَهَا لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدَّيْنِ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ وَإِلَّا مُنِعَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ يُبَاعُ الرَّهْنُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْأَوَّلِ وَيُقْضَى الدِّينَانِ كَمَا يَأْتِي فَيُعَجَّلُ الدَّيْنَ الثَّانِيَ قَبْلَ أَجَلِهِ وَهُوَ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَقْرَبَ مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ يُبَاعُ الرَّهْنُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الثَّانِي وَيُقْضَى الدِّينَانِ فَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ وَهُوَ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ مِنْ بَيْعٍ لَزِمَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَإِنْ كَانَ قَرْضًا لَزِمَ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَضْلَةَ إمَّا أَنْ تُرْهَنَ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَإِمَّا أَنْ تُرْهَنَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ رُهِنَتْ لِلْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ وَإِنْ رُهِنَتْ لِغَيْرِهِ جَازَ مُطْلَقًا تَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَوْ لَا. نَعَمْ يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَائِزِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ أَوْ كَانَ أَمِينًا غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْأَوَّلِ وَرِضَاهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ هُوَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَ رِضَا الْأَمِينِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرَ حَائِزًا لِلثَّانِي، وَقَوْلُهُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَائِزٍ وَلَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهُ وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَمْ أَرْضَ إلَّا بِرَهْنِهِ كُلِّهِ فِي دَيْنِي؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَيْثُ كَانَ الثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ فِي دَيْنِهِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْأَوَّلُ جَمِيعَ دَيْنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلثَّانِي وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ مَضْمُونٌ فِيهِ يَأْخُذُهُ كَامِلًا وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْأَسْوَاقُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ) يَعْنِي أَنَّ الْفَضْلَةَ لَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ إذَا كَانَتْ بِيَدِهِ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا وَتَلِفَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>