مِنْ تُرَابِهِ
(وَ) نُدِبَ (تَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَ) نُدِبَ (تَعْزِيَةٌ) لِأَهْلِهِ وَهِيَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ وَإِلَّا مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ وَالصَّبِيَّ الْغَيْرَ الْمُمَيَّزِ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَفِي بَيْتِ الْمُصَابِ وَأَمَدُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا
(وَعَدَمُ عُمْقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ (وَاللَّحْدُ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ لَا يُخَافُ تَهَايُلُهَا وَإِلَّا فَالشَّقُّ أَفْضَلُ (وَ) نُدِبَ (ضَجْعٌ) لِلْمَيِّتِ (فِيهِ عَلَى) شِقٍّ (أَيْمَنَ مُقْبِلًا) لِلْقِبْلَةِ، وَقَوْلُ وَاضِعِهِ بِاسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَجَعْلُ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى جَسَدِهِ وَيُسْنِدُ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ التُّرَابِ (وَتُدُورِكَ) نَدْبًا (إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ) وَهِيَ عَدَمُ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ، وَمَثَّلَ لِلْمُخَالَفَةِ بِقَوْلِهِ (كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ) مَوْضِعَ رَأْسِهِ أَوْ غَيْرَ مُقْبِلٍ أَوْ عَلَى ظَهْرٍ وَشَبَهَ فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ قَوْلُهُ (وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ) أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ) فَيُتَدَارَكُ (إنْ لَمْ يُخَفْ) عَلَيْهِ (التَّغَيُّرُ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، وَالْقَيْدُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ كَافِ التَّشْبِيهِ لَا لِخُصُوصِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَالنَّقْلُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ
(وَ) نُدِبَ (سَدُّهُ) أَيْ اللَّحْدِ (بِلَبِنٍ) وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ (ثُمَّ لَوْحٍ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لَبِنٌ (ثُمَّ قَرْمُودٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ شَيْءٌ يُجْعَلُ مِنْ الطِّينِ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ (ثُمَّ آجُرٍّ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ الْجِيمِ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَرْمُودٌ ثُمَّ بِحَجَرٍ (ثُمَّ قَصَبٍ وَسُنَّ التُّرَابُ) بِبَابِ اللَّحْدِ عِنْدَ عَدَمِ مَا تَقَدَّمَ (أَوْلَى مِنْ) دَفْنِهِ فِي (التَّابُوتِ) لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النَّصَارَى وَكُرِهَ فُرُشٌ مُضْرَبَةٌ مَثَلًا تَحْتَهُ وَمِخَدَّةٌ تَحْتَ رَأْسِهِ.
(وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ) صَبِيًّا (ابْنَ كَسَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
{وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: ٥٥] وَفِي الثَّالِثَةِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥] كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ مِنْ تُرَابِهِ) الْأَوْلَى مِنْ التُّرَابِ
(قَوْلُهُ وَتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ) أَيْ لِكَوْنِهِمْ حَلَّ بِهِمْ مَا يَشْغَلُهُمْ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا لِنِيَاحَةٍ أَيْ بُكَاءٍ بِرَفْعِ صَوْتٍ وَإِلَّا حُرِّمَ إرْسَالُ الطَّعَامِ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ وَأَمَّا جَمْعُ النَّاسِ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ (قَوْلُهُ وَتَعْزِيَةٌ) أَيْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا فَلَا يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ تَعْزِيَةَ الْمُسْلِمِ بِأَبِيهِ الْكَافِرِ مُخَالِفًا لِمَالِكٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَهِيَ الْحَمْلُ إلَخْ) أَيْ يَقُولُ كَأَنْ عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ وَلَيْسَ فِي أَلْفَاظِ التَّعْزِيَةِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ إلَّا مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ وَالصَّبِيَّ) أَيْ فَإِنَّهُمَا لَا يُعَزَّيَانِ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَفِي بَيْتِ الْمُصَابِ) أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهَا عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ الْآنَ فَخِلَافُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ وَلِيُّ الْمَيِّتِ الَّذِي يُعَزَّى غَائِبًا وَقْتَ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ عُمْقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ أَيْ لِأَنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا وَشَرُّهَا أَسْفَلُهَا لِأَنَّ أَعْلَى الْأَرْضِ مَحَلٌّ لِلذِّكْرِ وَالطَّاعَاتِ فَيَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بَرَكَةٌ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَاللَّحْدُ) هُوَ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلِ الْقَبْرِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ بِقَدْرِ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ أَيْ الْمَاسِكَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الشَّقِّ) وَهُوَ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلِ الْقَبْرِ أَضْيَقُ مِنْ أَعْلَاهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ ثُمَّ يُغَطَّى فَمُ الشَّقِّ ثُمَّ يُصَبُّ فَوْقَهُ التُّرَابُ وَإِنَّمَا فُضِّلَ اللَّحْدُ عَلَى الشَّقِّ لِخَبَرِ «اللَّحْدُ لَنَا» - أَيْ مَعْشَرِ الْأَمَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ - وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا - أَيْ مَعْشَرِ أَهْلِ الْكِتَابِ - (قَوْلُهُ مُقَبَّلًا) أَيْ وَرَأْسُهُ جِهَةَ الْمَغْرِبِ وَرِجْلَاهُ جِهَةَ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ عَلَى جَسَدِهِ) أَيْ مُلَاصِقَةً لِجَسَدِهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ عَدَمُ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ) أَيْ فَإِنْ سَوَّى التُّرَابَ فَاتَ التَّدَارُكُ (قَوْلُهُ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ مَوْضِعَ رَأْسِهِ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَهُ جِهَةَ الْمَشْرِقِ وَرِجْلَاهُ جِهَةَ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ وَشَبَهَ فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ) أَيْ لِأَنَّ التَّدَارُكَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ بِالْحَضْرَةِ وَفِي الْمُشَبَّهِ مَا لَمْ يَخَفْ التَّغَيُّرَ (قَوْلُهُ وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُتَدَارَكُ بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ الْقَبْرِ وَيُغَسَّلَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ وَكَذَا إذَا دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الْغُسْلِ فَقَطْ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ، وَإِنَّ الْفَوَاتَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخِفْ عَلَيْهِ التَّغَيُّرَ) أَيْ فَإِنْ خِيفَ فَإِنَّهُ لَا يُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، فِي الْمَسْأَلَةِ تَرْكُ الصَّلَاةِ إذَا غُسِّلَ مَا بَقِيَ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا مَرَّ لَك وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ فَلَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَلَازَمَا، كَذَا قَالَ عج وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ تَرْكُ الْغُسْلِ أَيْضًا، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَلَازَمَا أَيْ فِي الطَّلَبِ فَمَنْ طُلِبَ تَغْسِيلُهُ تُطْلَبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُغَسَّلْ بِالْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ كَافِ التَّشْبِيهِ) وَهُوَ تَرْكُ الْغُسْلِ وَدَفْنُ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ لِأَنَّهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ) وَهُوَ ح قَالَ طفى وَالْعَجَبُ مِنْ ح كَيْفَ جَعَلَ الْقَيْدَ خَاصًّا بِالْأَخِيرَةِ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَسَائِلِ تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ الَّذِي هُوَ الْحَضْرَةُ اهـ كَلَامُهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ طفى إلَى أَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فَقَطْ وَحَيْثُ كَانَ مَنْصُوصًا فَلَا عَجَبَ غَايَتُهُ أَنَّ تَمْشِيَةَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ تَمْشِيَةٌ لَهُ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ) هَذَا التَّفْسِيرُ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمَوَّاقِ هُوَ مَا يُصْنَعُ مِنْ الطِّينِ بِالتِّبْنِ، وَرُبَّمَا عُمِلَ بِدُونِهِ وَكَمَا يُنْدَبُ سَدُّهُ بِاللَّبِنِ يُنْدَبُ سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي بَيْنَ اللَّبِنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ آجُرٍّ) وَهُوَ الطُّوبُ الْأَحْمَرُ (قَوْلُهُ وَسُنَّ التُّرَابُ) أَيْ وَسَدُّ اللَّحْدِ بِالتُّرَابِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute