للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ) (أَقَرَّ) صَحِيحٌ (بِطَلَاقٍ) بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (مُتَقَدِّمٍ) عَلَى وَقْتِ إقْرَارِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (اسْتَأْنَفَتْ) امْرَأَتُهُ (الْعِدَّةَ مِنْ) وَقْتِ (إقْرَارِهِ) فَيُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي إسْنَادِهِ لِلْوَقْتِ السَّابِقِ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الْعِدَّةِ، وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَسْنَدَتْ الْبَيِّنَةُ الطَّلَاقَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي (وَلَمْ يَرِثْهَا) الزَّوْجُ إنْ مَاتَتْ (إنْ انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ (عَلَى دَعْوَاهُ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَلَى مُقْتَضَى دَعْوَاهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (وَوَرِثَتْهُ) إنْ مَاتَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُقَرُّ بِهِ رَجْعِيًّا إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: اسْتَأْنَفَتْ أَيْ إنَّ مَحَلَّ الِاسْتِئْنَافِ مَا لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْنَدَتْ الْبَيِّنَةُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ فِي هَذَا، وَكَذَا الْمُنْكِرُ إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ.

(وَلَا يَرْجِعُ) الْمُطَلِّقُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ (بِمَا أَنْفَقَتْ الْمُطَلَّقَةُ) مِنْ مَالِهِ قَبْلَ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ (وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ) وَأَنْفَقَتْهُ وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا لِعُذْرِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ أَعْلَمَهَا، أَوْ عَلِمَتْ بِعَدْلَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهَا لَا بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينٍ فَلَا رُجُوعَ (بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ بِمَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِلْوَرَثَةِ

وَلَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الْمُسْتَبْرَأَةِ، وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الْغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ سَبَبٍ، وَالْمَرِيضَةُ سَنَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَاسْتِبْرَاؤُهَا فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ يَجْتَمِعُ الْمُوجِبَانِ لِحِلِّهَا بَيْنَ مَا يُبْرِيهَا مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (اشْتَرَيْت) أَمَةً (مُعْتَدَّةَ طَلَاقٍ) وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا رِيبَةٌ حَلَّتْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ) حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَقَرَّ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْهُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهَاتَانِ حَالَتَانِ فَجُمْلَةُ الْأَحْوَالِ سِتَّةٌ فَمَتَى شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أُرِّخَتْ الْبَيِّنَةُ وَتَرِثُهُ فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ فِي الْمَرَضِ أَوْ إنْكَارُهُ فِيهِ لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ أَسْنَدَتْ الطَّلَاقَ لِلصِّحَّةِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أُرِّخَتْ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ فَمِنْ الْآنَ فَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَالْعِدَّةُ تُسْتَأْنَفُ مِنْ يَوْمِ الْإِخْبَارِ وَتَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَرِثَتْهُ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ مِنْ الْآنَ وَلَا يَرِثُهَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِلَّا فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى دَعْوَاهُ تَوَارَثَا، وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا فَلَا تَوَارُثَ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ وَإِلَّا وَرِثَهَا، وَالْفَرْضُ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ فَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ) أَيْ وَأَمَّا إنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا تَرِثُهُ إذَا مَاتَ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّ مَحَلَّ الِاسْتِئْنَافِ) أَيْ اسْتِئْنَافِ الزَّوْجَةِ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ بَيِّنَةٌ وَرِثَتْهُ أَبَدًا إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُنْكِرُ) أَيْ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ بِالطَّلَاقِ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أُسْنِدَتْ إلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَرَفَةَ الطَّرِيقَتَيْنِ وَنَصُّهُ وَمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِطَلَاقِهِ فَعِدَّتُهُ مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهَا إنْ لَمْ يُنْكِرْهُ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهَا مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهَا إنْ اتَّحَدَ أَوْ مِنْ يَوْمِ آخِرِهِ إنْ تَعَدَّدَ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ مُطْلَقًا طَرِيقَا عِيَاضٍ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ الشَّيْخِ وَابْنِ مُحْرِزٍ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ هِيَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ) لَكِنَّهُ لَا يُلْزَمُ بِالْغَبْنِ اتِّفَاقًا مِثْلُ أَنْ تَشْتَرِيَ مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ لِأَجَلٍ فَتَبِيعَهُ بِدِينَارٍ فِي نَفَقَتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَتْهُ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الدِّينَارِ الَّذِي بَاعَتْ بِهِ بِاتِّفَاقٍ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: تَسَلَّفَتْ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَعَزَاهُ ح لِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا يَغْرَمُ لَهَا مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْلَمَهَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ أَوْ عَلِمَتْهُ بِعَدْلَيْنِ أَيْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ عِلْمِهَا وَقَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهَا أَيْ مِنْ حِينِ عِلْمِهَا (قَوْلُهُ لَا بِعَدْلٍ) أَيْ لَا إنْ عَلِمَتْ بِالطَّلَاقِ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ عِلْمِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ، وَلَا يُنْظَرُ لِثُبُوتِ الْمَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ يَمِينٍ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا إنْ عَلِمَتْ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِعَدْلٍ وَيَمِينٍ وَلَا صِحَّةَ لِذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ) أَيْ وَبِخِلَافِ الْوَارِثِ يُنْفِقُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْعِلْمِ فَإِنَّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لَهُمْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحْصُلْ لَهَا رِيبَةٌ)

<<  <  ج: ص:  >  >>