(فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ) الْمُرَادُ بِهِمَا مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَلِيلٍ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ لِلْعِشَاءِ فَجَعْلُهُمَا طَرَفَيْ النَّهَارِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ.
(لَا) تَخْرُجُ (لِضَرَرِ جِوَارٍ) بِالنِّسْبَةِ (لِحَاضِرَةٍ) إذْ ضَرَرُ الْجِيرَانِ فِي حَقِّهَا لَيْسَ بِعُذْرٍ يُبِيحُ لَهَا الِانْتِقَالَ بِخِلَافِ الْبَدْوِيَّةِ (وَرَفَعَتْ) أَمْرَهَا (لِلْحَاكِمِ) لِيَكُفَّهُمْ عَنْهَا فَإِنَّ ظَهَرَ ظُلْمُهَا زَجَرَهَا، فَإِنْ زَالَ الضَّرَرُ، وَإِلَّا أَخْرَجَ الظَّالِمَ (وَأَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ (لِمَنْ يَخْرُجُ) أَيْ يُخْرِجُهُ الْحَاكِمُ (إنْ أَشْكَلَ) الْأَمْرُ عَلَيْهِ إمَّا لِعَدَمِ بَيِّنَةٍ أَوْ لِتَعَارُضِهَا.
(وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا) مَعَهَا بِلَا كِرَاءٍ (ثُمَّ طَلَّقَهَا فَطَلَبَتْ مِنْهُ الْكِرَاءَ زَمَنَ الْعِدَّةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ أَوْ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمُكَارَمَةَ قَدْ زَالَتْ (قَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي.
(وَسَقَطَتْ) أَيْ السُّكْنَى بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ (إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا الَّذِي لَزِمَهَا السُّكْنَى فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ أُجْرَةِ مَا خَرَجَتْ مِنْهُ، وَلَوْ أَكْرَاهُ زَوْجُهَا لِلْغَيْرِ (كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ) أُمُّهُ مَثَلًا (بِهِ) مُدَّةً ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُهَا مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا طَلَبَ لَهَا بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْضِعِهَا الَّذِي هَرَبَتْ إلَيْهِ، أَوْ عَلِمَ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ.
(وَ) جَازَ (لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُ الدَّارِ فِي) عِدَّةِ (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ عِدَّتِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ، وَهُوَ الْغَرِيمُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ يُعْتَدُّ فِيهَا، وَيَرْضَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ يَقُومُ مَقَامَ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَثْنُوا ذَلِكَ، وَلَا بَيَّنُوهُ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَنْ بَاعَ دَارًا مُؤَجَّرَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ.
(فَإِنْ) بِيعَتْ بِشَرْطِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ (وَارْتَابَتْ) بِجَسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأْخِيرِ حَيْضٍ (فَهِيَ) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ (أَحَقُّ) بِالسُّكْنَى فِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إذْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّطْوِيلِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَالتَّمَاسُكِ بِهِ.
(وَ) جَازَ (لِلزَّوْجِ) بَيْعُ الدَّارِ (فِي) عِدَّةِ مُطَلَّقَتِهِ (ذَاتِ الْأَشْهُرِ) كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ أَوْ بَيَانِ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي كَمَنْ بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَهُوَ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَبِيعَهَا لِجَهْلِ الْمُدَّةِ، وَقَوْلُهُ:
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فِي حَوَائِجِهَا) أَيْ أَوْ لِعُرْسٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِحَوَائِجِهَا وَإِذَا خَرَجَتْ لِحَوَائِجِهَا أَوْ لِعُرْسٍ فَلَا تَبِيتُ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا
(قَوْلُهُ: لَا تَخْرُجُ لِضَرَرٍ) أَيْ كَمُشَاوَرَةٍ بَيْنَهُمْ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ أَوْ خَوْفِ جَارِ سُوءٍ أَيْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يُمْكِنُهَا الرَّفْعُ وَهَذَا فِيمَنْ يُمْكِنُهَا اهـ خش (قَوْلُهُ لِحَاضِرَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَاضِرَةٍ بِخِلَافِ الْبَدْوِيَّةِ إلَّا إنْ كَانَ فِي الْبَدْوِ حَاكِمٌ يُنْصِفُ فَالْمَدَارُ إذَنْ عَلَى وُجُودِ الْحَاكِمِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْحَاضِرَةِ وَالْبَادِيَةِ فَمَتَى وُجِدَ الْحَاكِمُ الَّذِي يُزِيلُ الضَّرَرَ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ فَلَا تَنْتَقِلُ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ بَدْوِيَّةً وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ الِانْتِقَالُ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ بَدْوِيَّةً وَالْمُصَنِّفُ كَالْمُدَوَّنَةِ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَضَرِيَّةِ وَالْبَدْوِيَّةِ نَظَرًا لِلشَّأْنِ مِنْ وُجُودِ الْحَاكِمِ فِي الْحَاضِرَةِ دُونَ الْبَادِيَةِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْت ضَابِطُهُ إنْ قَدَرَتْ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهَا بِوَجْهٍ مَا لَمْ تَنْتَقِلْ وَحَمَلَهَا ابْنُ عَاتٍ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا مَنْ تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا اهـ بْن
(قَوْلُهُ: لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا مَعَهَا) أَيْ فِي الْبَيْتِ الَّذِي تَمْلِكُ ذَاتَهُ أَوْ مَنْفَعَتَهُ.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوْلَى تَرَدُّدٌ أَيْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَكْوِيِّ وَرَدَّهُ ابْنُ رَاشِدٍ قَائِلًا: إنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَكْوِيِّ وَهَمٌ اُنْظُرْ بْن وَلَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ كَمَا فِي الشَّارِحِ والمج اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ طَاعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى مُدَّةَ الْعِصْمَةِ وَتَوَابِعِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، أَوْ إنْ طَاعَتْ مُدَّةَ الْعِصْمَةِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ مِلْكًا لَهَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ اكْتَرَتْهُ أَوْ مَلَكَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَتْ لَهُ فِي الْعَقْدِ السُّكْنَى فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَسَقَطَ الشَّرْطُ
(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ أَوْ مِنْ طَلَاقٍ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَرَكَتْ مَا كَانَ وَاجِبًا لَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدُ وَلَهَا عَنْهُ عِوَضٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْرَاهُ زَوْجُهَا لِلْغَيْرِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ أَكْرَاهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِمَّا اكْتَرَى بِهِ الْأَوَّلُ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَخَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهَا وَأَقَامَتْ بِغَيْرِهِ إنَّمَا تَسْقُطُ سُكْنَاهَا، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَلَا تَسْقُطُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ عَوْدِهَا لِمَحَلِّهَا وَمَا يَأْتِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهَا بِلَا إذْنٍ وَعَجْزَهُ عَنْ رَدِّهَا مُسْقِطٌ لَهَا فَهُوَ خَاصٌّ بِمَنْ فِي الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: هَرَبَتْ أُمُّهُ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ غَيْرُهَا، وَقَوْلُهُ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ وَلِيَّهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُهَا) أَيْ النَّفَقَةَ مُدَّةَ هُرُوبِهَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِمَوْضِعِهَا وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لَمْ تَسْقُطْ
(قَوْلُهُ: وَلِلْغُرَمَاءِ إلَخْ) قَالَ ح أَبُو الْحَسَنِ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءُ الْعِدَّةِ فَأَجَازَهُ اللَّخْمِيُّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي مَتَى يَصِلُ لِقَبْضِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ فِيهِ فِي الدَّيْنِ اهـ بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَمَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَبَاعَهَا الْوَارِثُ لِطَلَبِ الْغَرِيمِ جَازَ اتِّفَاقًا
(قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ لِلضَّرَرِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ الضَّرَرِ الطَّارِئِ فَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ بَيْعُ الدَّارِ إلَخْ) مِثْلُهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْأَشْهَرِ كَمَا قَالَهُ عج