فَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَبِيرَيْنِ كَأَجْنَبِيَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْنِ، أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي وَشَمِلَ قَوْلُهُ: الْأَبَوَيْنِ أَبَاهُ وَأَبَاهَا أَوْ أَبَا أَحَدِهِمَا وَأُمَّ الْآخَرِ، وَلَا يَشْمَلُ أُمَّهُمَا لِدُخُولِ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ: امْرَأَتَيْنِ وَشَبَّهَ فِي الْقَبُولِ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ قَوْلَهُ: (كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ بِأَنْ يَقُولَ رَضَعَ ابْنِي مَعَ فُلَانَةَ أَوْ بِنْتِي مَعَ فُلَانٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُغْنِي عَمَّا قَبْلَهَا لِفَهْمِهَا مِنْ هَذِهِ بِالْأَوْلَى (وَ) إذَا قُبِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَأَرَادَ النِّكَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (أَنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّمَا فَعَلْته لِعَدَمِ إرَادَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ حَصَلَ عَقْدٌ فُسِخَ (بِخِلَافِ) قَوْلِ (أُمِّ أَحَدِهِمَا) أَرْضَعْته أَوْ أَرْضَعْتُهَا مَعَ ابْنِي مَثَلًا وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى إقْرَارِهَا أَوْ رَجَعَتْ عَنْهُ اعْتِذَارًا (فَالتَّنَزُّهُ) مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَلَيْسَتْ كَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إنْ فَشَا مِنْهَا ذَلِكَ قَبْلَ إرَادَةِ النِّكَاحِ وَجَبَ التَّنَزُّهُ وَقُبِلَ قَوْلُهَا، وَأَوْلَى أُمُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقُبِلَ إقْرَارُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَهُ الِاعْتِذَارُ لَأَفَادَ الرَّاجِحَ بِلَا كُلْفَةٍ.
(وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ (بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) أَيْ مَعَ امْرَأَةٍ (وَبِامْرَأَتَيْنِ) إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ (قَبْلَ الْعَقْدِ) لَا إنْ لَمْ يَفْشُ ذَلِكَ مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَبَ وَالْأُمَّ فِي الْبَالِغَيْنِ، وَالْأُمَّ مَعَ امْرَأَةٍ أُخْرَى فِي الْبَالِغَيْنِ كَمَا مَرَّ (وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ) أَيْ عَدَالَةُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَعَدَالَةُ الْمَرْأَتَيْنِ (مَعَ الْفُشُوِّ) أَوْ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَلَا لِقِيَامِ الْفُشُوِّ مَقَامَهَا (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ لَا تُشْتَرَطُ (وَ) يَثْبُتُ (بِرَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَشَا أَوْ لَا وَغَيْرُ الْعَدْلَيْنِ لَا يُقْبَلَانِ إلَّا مَعَ فُشُوٍّ قَبْلَهُ فَالتَّرَدُّدُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا.
(قَوْلُهُ: فَهُمَا إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ يَجْرِي فِي إقْرَارِ الْأَبَوَيْنِ بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ مَا جَرَى فِي إقْرَارِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ إقْرَارَ الْأَبَوَيْنِ بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ لَا يُقْبَلُ أَصْلًا (قَوْلُهُ أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ إقْرَارِهِمَا (قَوْلُهُ: لِدُخُولِ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ امْرَأَتَيْنِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَثَبَتَ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِهِ إلَّا إذَا فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا) هَذَا تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَلَدُهُ غَيْرَ بَالِغٍ وَكَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: تُغْنِي عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ مَقْبُولٌ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا قُبِلَا) أَيْ إذَا قُبِلَ إقْرَارُ أَبَوَيْهِمَا لِكَوْنِ الْوَلَدَيْنِ صَغِيرَيْنِ أَوْ إقْرَارُ أَبَوَيْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ إنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عج أَنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَيْهَا إذَا وُجِدَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ عَقْدٌ فُسِخَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَوَلَّى الْأَبُ الْمُقِرُّ ذَلِكَ الْعَقْدَ أَوْ لَا بِأَنْ رَشَدَ الْوَلَدُ وَعَقَدَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ مَحَلُّ الْفَسْخِ إنْ تَوَلَّى الْأَبُ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَقْدَ لِلْأَبِ فَصَارَ ذَلِكَ كَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى هَذَا يَتَطَرَّقُ الْخِلَافُ فِي الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهَا كَالْوَصِيِّ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدُ وَإِنْ كَانَتْ تُوَكِّلْ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَتْ عَنْهُ اعْتِذَارًا) بِأَنْ تَقُولَ: أَنَا كُنْت كَاذِبَةً فِي إقْرَارِي بِرَضَاعِهَا إنَّمَا أَرَدْت مَنْعَهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّهَا كَالْأَبِ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْعَاقِدِ لِلنِّكَاحِ فَكَانَتْ كَالْأَبِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى) أَيْ فِي قَبُولِ الْقَوْلِ وَوُجُوبِ التَّنَزُّهِ قَوْلُ أُمِّهِمَا مَعًا
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي غَيْرِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَوْ أُمًّا وَأَوْلَى بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا فَيُفْسَخُ إذَا وَقَعَ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فُشُوُّهُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِهِ وَإِنْ فَشَا قَوْلُهُمَا بِهِ قَبْلَ نِكَاحِ الرَّضِيعَيْنِ يُثْبِتُهُ وَهُوَ مِثْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ نَعَمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي مَعْنَى الْفُشُوِّ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: وَفِي كَوْنِ الْفُشُوِّ الْمُعْتَبَرِ فِي شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فُشُوَّ قَوْلِهَا ذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهَا أَوْ فُشُوَّ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ يُثْبِتُ الرَّضَاعَ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْفُشُوِّ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ كَمَا يَشْمَلُ أُمَّهُمَا إذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ أَوْ بَالِغَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَتِهِمَا إلَّا إذَا فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ) الْأَوْلَى أَوْ لَا تُشْتَرَطُ مَعَهُ وَقَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ الْأُولَى لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ذَكَرَتْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالرَّضَاعِ إلَّا مَعَ الْفُشُوِّ كَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا الْفُشُوُّ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ رُشْدٍ اخْتَلَفَا هَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَهُ فَالْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق أَوْ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا مَعَ عَدَمِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ جَعَلَ الْفُشُوَّ شَرْطًا فِي شَهَادَتِهِمَا فَلَوْ قَالَ: أَوْ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَطْ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ وَبِرَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ صَغِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَيْنِ شَهِدَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالتَّرَدُّدُ) أَيْ فَيَجْرِي التَّرَدُّدُ السَّابِقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute