فَدُخُولُ هَذَا وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ (قُوتٌ) فَاعِلُ يَجِبُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ لِزَوْجَتِهِ الْمُطِيقَةِ الْمُمَكِّنَةِ مَا تَأْكُلُهُ (وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ) فِي الْأَرْبَعَةِ فَلَا يُجَابُ لِأَنْقَصَ مِنْهَا إنْ قَدَرَ وَلَا تُجَابُ هِيَ لِأَزْيَدَ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ غَنِيًّا وَحَالُهُ أَعْلَى مِنْ حَالِهَا فَطَلَبَتْ حَالَةً أَعْلَى مِنْ حَالِهَا فَتُجَابُ لِذَلِكَ لَكِنْ لَا إلَى مُسَاوَاةِ حَالِهِ بَلْ لِحَالَةٍ وُسْطَى كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ حَالُهَا أَعْلَى مِنْ حَالِهِ وَلَكِنْ لَا قُدْرَةَ عَلَى حَالِهَا، وَإِنَّمَا لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حَالَةٍ فَوْقَ حَالِهِ وَدُونَ حَالِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهَا عَنْ حَالِهِ إلَى مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَحْمَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا) .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: بِالْعَادَةِ الْمُرَادُ بِهَا عَادَةُ أَمْثَالِهَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا قُدْرَةَ لَهُ إلَّا عَلَى أَدْنَى كِفَايَةٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَالْعِبْرَةُ بِوُسْعِهِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ذَا قَدْرٍ وَهِيَ فَقِيرَةٌ أُجِيبَتْ لِحَالَةٍ أَعْلَى مِنْ حَالِهَا وَدُونَ حَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً ذَاتَ قَدْرٍ وَهُوَ فَقِيرٌ إلَّا أَنَّهُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى أَرْفَعَ مِنْ حَالِهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى حَالِهَا رَفَعَهَا بِالْقَضَاءِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَصَدَقَ عَلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنْ يُقَالَ: اُعْتُبِرَ وُسْعُهُ وَحَالُهَا فَتَدَبَّرْ (وَ) اُعْتُبِرَ حَالُ (الْبَلَدِ) الَّتِي هُمَا بِهَا (وَ) حَالُ (السِّعْرِ) فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَكْفِيهَا مِنْ الْقُوتِ (وَإِنْ أَكُولَةً) جِدًّا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ (وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ) النَّفَقَةَ الْمُعْتَادَةَ (مَا تَقْوَى بِهِ) عَلَى الرَّضَاعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ قَوْلَهُ (إلَّا الْمَرِيضَةَ وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ) جِدًّا (فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا تَأْكُلُهُ) حَالَ الْمَرَضِ وَقِلَّةِ الْأَكْلِ (عَلَى الْأَصْوَبِ) وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُقَرَّرِ لَهَا نَفَقَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا قُرِّرَ وَلَوْ قَلَّ أَكْلُهَا بِكَمَرَضٍ، وَأَمَّا لَوْ زَادَ أَكْلُهَا بِالْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ مِنْ نَحْوِ فَاكِهَةٍ وَدَوَاءٍ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقُوتِ فَيَلْزَمُهُ، وَلَوْ نَحْوَ سُكَّرٍ وَلَوْزٍ وَعُنَّابٍ تَتَقَوَّتُ بِهِ، وَهَلْ وَلَوْ فِي الْمُقَرَّرِ لَهَا نَفَقَةٌ هُوَ الظَّاهِرُ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ.
(وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (الْحَرِيرُ) وَالْخَزُّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اُعْتِيدَ وَاتَّسَعَ حَالُ الزَّوْجِ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِقَوْلِهِ: بِالْعَادَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ (وَحُمِلَ) أَيْ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ أَبْقَاهُ عَلَى عُمُومِهِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، وَهَذَا الْحَمْلُ هُوَ الْمَذْهَبُ (وَ) حَمَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَصَلَ الْإِشْرَافُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا.
(قَوْلُهُ: فَدُخُولُ هَذَا) أَيْ الزَّوْجِ الْمُشْرِفِ (قَوْلُهُ: مَا تَأْكُلُهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْقُوتِ مَا يُقْتَاتُ وَيُؤْكَلُ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْقُوتِ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ (قَوْلُهُ: وَكِسْوَةٌ) ابْنُ عَاشِرٍ إنَّمَا تَجِبُ الْكِسْوَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّدَاقِ مَا تَتَشَوَّرُ بِهِ أَوْ كَانَ وَطَالَ الْأَمْرُ حَتَّى خَلَقَتْ كِسْوَةُ الشَّوْرَةِ كَذَا فِي الْمُتَيْطِيِّ وَمِنْ جُمْلَةِ الْكِسْوَةِ عِنْدَهُ الْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِالْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَاعْتِبَارُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِالْعَادَةِ أَيْ بِعَادَةِ أَمْثَالِهَا فَلَوْ طَلَبَتْ أَزْيَدَ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا أَوْ طَلَبَ هُوَ أَنْقَصَ مِمَّا جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ وَيُرَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ لِعَادَةِ أَمْثَالِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِنْ مُجْمَلٍ وَالْمُرَادُ بِوُسْعِهِ حَالُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ اقْتِدَاءً بِالْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] وَاعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ حَالِهِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ سَوَاءٌ تَسَاوَيَا غِنًى أَوْ فَقْرًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا، وَالْآخَرُ فَقِيرًا لَكِنَّ اعْتِبَارَ حَالِهِمَا عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فَقْرًا أَوْ غِنًى ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فَاللَّازِمُ حَالَةٌ وُسْطَى بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَنَفَقَةُ الْفَقِيرِ عَلَى الْغَنِيَّةِ أَزْيَدُ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَى الْفَقِيرَةِ كَمَا أَنَّ نَفَقَةَ الْغَنِيِّ عَلَى الْفَقِيرَةِ أَقَلُّ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَى الْغَنِيَّةِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق تَبَعًا لعج مِنْ أَنَّ اعْتِبَارَ حَالِهِمَا إذَا تَسَاوَيَا فَإِذَا زَادَ حَالُهَا اُعْتُبِرَ وُسْعُهُ فَقَطْ وَإِنْ نَقَصَتْ حَالَتُهَا عَنْ حَالَتِهِ اُعْتُبِرَتْ حَالَةٌ وُسْطَى بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي بْن مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الْمُعْتَمَدِ وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ فَرَاجِعْهُ إنْ أَرَدْت الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا، وَكَلَامُ شَارِحِنَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ) أَيْ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ حَالُ الْبَلَدِ مِنْ كَوْنِهَا حَاضِرَةً يَأْكُلُ أَهْلُهَا النَّاعِمَ أَوْ بَادِيَةً يَأْكُلُ أَهْلُهَا الْخَشِنَ، وَقَوْلُهُ: وَحَالُ السِّعْرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ رَخَاءً أَوْ غَلَاءً فَالْأَوَّلُ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى التَّنَعُّمِ فِي الْمَأْكَلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ) أَيْ فَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَإِمْضَائِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهَا غَيْرَ أَكُولَةٍ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا مَا لَمْ تَرْضَ بِالْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلزَّوْجَةِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُرْضِعِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا بَلْ تُزَادُ عَلَى النَّفَقَةِ الْمُعْتَادَةِ مَا تَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الرَّضَاعِ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الزَّوْجِ ذَلِكَ الزَّائِدَ إذَا كَانَ وَلَدُ الزَّوْجَةِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ وَلَدُهَا رِقًّا فَالزَّائِدُ عَلَى سَيِّدِهَا كَأُجْرَةِ الْقَابِلَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا تَأْكُلُهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ حَالَ الْمَرَضِ وَحَالَةَ قِلَّةِ الْأَكْلِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الْمُعْتَادِ أَيْ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ طَعَامًا كَامِلًا تَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا وَتَصْرِفُ الْبَاقِيَ مِنْهُ فِي مَصَالِحِهَا خِلَافًا لِأَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْوَبِ) أَيْ عِنْدَ الْمُتَيْطِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ) أَيْ الْقَائِلِ إذَا زَادَ مَا تَأْكُلُهُ فِي حَالِ مَرَضِهَا عَلَى مَا تَأْكُلُهُ فِي حَالِ صِحَّتِهَا لَزِمَهُ قَدْرُ مَا تَأْكُلُهُ فِي حَالِ صِحَّتِهَا (قَوْلُهُ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ) أَيْ بِأَنْ تُحْمَلَ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا تَأْكُلُهُ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي أَوْ التَّفَكُّهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اُعْتِيدَ) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا لُبْسَهُ فَإِذَا تَزَوَّجَ إنْسَانٌ بِنْتَ أَكَابِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute