بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَتْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا فَتَعُودُ وَهَلْ إلَى الْبُلُوغِ أَوْ إلَى دُخُولِ زَوْجٍ بِهَا قَوْلَانِ وَلَوْ عَادَتْ بِكْرًا فَإِلَى دُخُولِ زَوْجٍ (أَوْ) دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا زَمِنَةً فَصَحَّتْ وَ (عَادَتْ الزَّمَانَةُ) عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ تَأَيَّمَتْ زَمِنَةً ثَيِّبًا بَالِغَةً فَلَا تَعُودُ عَلَى أَبِيهَا وَأَوْلَى لَوْ تَزَوَّجَتْ صَحِيحَةً فَزَمِنَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا فَتَأَيَّمَتْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَعُودُ عَلَى الْأَبِ إلَّا إذَا عَادَتْ لِأَبِيهَا صَغِيرَةً أَوْ بِكْرًا أَوْ بَالِغًا زَمِنَةً، وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا كَذَلِكَ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَأَيَّمَتْ زَمِنَةً فَقِيرَةً، وَقِيلَ: إنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهَا إنْ رَجَعَتْ زَمِنَةً عَادَتْ عَلَى أَبِيهَا مُطْلَقًا.
(وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَفَقَةُ وَلَدِهَا) الْأَرِقَّاءِ إنْ دَخَلُوا مَعَهَا بِشَرْطٍ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِمْ وَقْتَ الْكِتَابَةِ أَوْ حَدَثُوا بَعْدَهَا لَا عَلَى أَبِيهِمْ وَلَا سَيِّدِهِمْ (إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ) مَعَهَا (فِي الْكِتَابَةِ) بِأَنْ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا أَوْ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَنَفَقَتُهَا وَنَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَيْهِ.
(وَلَيْسَ عَجْزُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الشَّامِلِ لِلْأَبِ وَلِلْمُكَاتَبَةِ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ النَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ (عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ شَرْطُهَا الْيَسَارُ فِي الْحَالِ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَمَنُوطَةٌ بِالرَّقَبَةِ إلَى أَجَلِهَا فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأُمِّ نَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَى الْمَعْرُوفِ إلَّا الْمُكَاتَبَةَ.
ذَكَرَ مَا هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ (وَعَلَى الْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ) بِأَبِي الرَّضِيعِ (أَوْ الرَّجْعِيَّةِ رَضَاعُ وَلَدِهَا) مِنْ ذِي الْعِصْمَةِ أَوْ الْمُطَلِّقِ (بِلَا أَجْرٍ) تَأْخُذُهُ مِنْ الْأَبِ (إلَّا لِعُلُوِّ قَدْرٍ) بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ لَا يُرْضِعُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَلْزَمُهَا رَضَاعُهُ فَلَوْ أَرْضَعَتْ لَكَانَ لَهَا الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى الْأَبِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَمِثْلُ الشَّرِيفَةِ الْمَرِيضَةُ، وَمَنْ قَلَّ لَبَنُهَا (كَالْبَائِنِ) لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ (إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ) الْوَلَدُ (غَيْرَهَا) شَرِيفَةً أَوْ بَائِنًا فَيَلْزَمُهَا مَلِيًّا كَانَ الْأَبُ أَوْ مُعْدَمًا، وَيَجِبُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْأُجْرَةُ إنْ أَرْضَعَتْ (أَوْ) يَقْبَلُ غَيْرَهَا وَ (يَعْدَمُ الْأَبُ أَوْ يَمُوتُ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ) فَيَلْزَمُهَا رَضَاعُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
زَمِنَةٌ غَيْرُ بَالِغٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَتْ إلَخْ) أَيْ الصَّحِيحَةُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ صَحِيحَةً وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا وَبَعْدَ أَنْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَتْ بِكْرًا) أَيْ وَلَوْ عَادَتْ الصَّحِيحَةُ لِأَبِيهَا بِكْرًا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ صَحِيحَةً وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ زَوَالِ بَكَارَتِهَا فِي الْحَالَتَيْنِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَادَتْ لِأَبِيهَا صَغِيرَةً) أَيْ إلَّا إذَا عَادَتْ لِأَبِيهَا صَحِيحَةً صَغِيرَةً وَهَذِهِ هِيَ قَوْلُ الشَّارِحِ سَابِقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَتْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِكْرًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، وَهَذِهِ هِيَ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَلَوْ عَادَتْ بِكْرًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَالِغًا إلَخْ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَاسْتَمَرَّتْ إنْ دَخَلَ إلَخْ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ ثَلَاثَ صُوَرٍ تَعُودُ فِيهَا النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ وَكَذَا تَعُودُ عَلَيْهِ إنْ طَرَأَ لِلْوَلَدِ مَالٌ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ ذَهَبَ أَوْ بَلَغَ زَمِنًا طَرَأَ لَهُ مَالٌ وَذَهَبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بَالِغًا) أَيْ أَوْ رَجَعَتْ بَالِغًا وَقَوْلُهُ وَقَدْ كَانَ إلَخْ رَاجِعٌ لِصُورَةِ قَوْلِهِ أَوْ بَالِغًا (قَوْلُهُ: عَادَتْ عَلَى أَبِيهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَادَتْ بَالِغًا أَمْ لَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ زَمِنَةً وَاسْتَمَرَّتْ بِهَا الزَّمَانَةُ وَتَأَيَّمَتْ وَهِيَ زَمِنَةٌ أَوْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ زَمِنَةٌ فَصَحَّتْ عِنْدَهُ ثُمَّ عَادَتْ الزَّمَانَةُ عِنْدَ الزَّوْجِ فَتَأَيَّمَتْ وَهِيَ زَمِنَةٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ ظَاهِرَةٌ مُخَالِفَةُ النَّقْلِ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً فَصَحَّتْ عِنْدَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَعَادَتْ الزَّمَانَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ يُصَوَّرَ بِمَا قَالَ الشَّارِحُ وَيُحْمَلُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: إنْ دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً وَاسْتَمَرَّتْ الزَّمَانَةُ لَا عَلَى قَوْلِهِ: إنْ دَخَلَ بِهَا بَالِغَةً تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا يَتِيمًا إلَّا الْمُكَاتَبَةَ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلُوا مَعَهَا) أَيْ إنْ كَانُوا مَوْجُودِينَ وَقْتَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَدَخَلُوا مَعَهَا فِيهَا بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ حَامِلًا إلَخْ أَيْ فَدَخَلُوا مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَجْزُهُ عَنْهَا عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ) أَيْ بِحَيْثُ يَعُودُ قِنًّا فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ شَرْطُهَا الْيَسَارُ فِي الْحَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ (قَوْلُهُ: فَمَنُوطَةٌ بِالرَّقَبَةِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَمَّا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالرَّقَبَةِ، وَالنَّفَقَةُ لَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَا بَلْ بِالْيَسَارِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ فَلَمْ يَكُنْ الْعَجْزُ عَنْ النَّفَقَةِ عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ
(قَوْلُهُ: رَضَاعُ وَلَدِهَا) أَيْ بِنَفْسِهَا وَاسْتَأْجَرَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ) أَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ أَوْ مِنْ ذَوِي النَّسَبِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهَا فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهَا رَضَاعُهُ) أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ يَقْبَلُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الشَّرِيفَةِ) أَيْ فِي كَوْنِهَا لَا يَلْزَمُهَا رَضَاعُ وَلَدِهَا إذَا كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا.
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَلَّ لَبَنُهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا وَمِنْ الْمَرِيضَةِ غَيْرَ عَالِيَةِ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ يَقْبَلُ غَيْرَهَا فَلَوْ أَرْضَعَتْ كَانَ لَهَا الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ أَعْدَمَ فَفِي مَالِ الْأَبِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ أُمِّهِ الشَّرِيفَةِ الْقَدْرِ وَالْبَائِنِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَغْلَبِ مِنْ رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ (قَوْلُهُ شَرِيفَةً) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا فِي الْعِصْمَةِ أَوْ رَجْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْأُجْرَةُ) أَيْ فِي مَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي مَالِ الْأَبِ إنْ كَانَ مَلِيًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ مَجَّانًا بِنَفْسِهَا أَوْ تَسْتَأْجِرُ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ