للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ أَوْ بِالشَّيْءِ الَّذِي (يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) مِنْ قَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا.

(وَإِنْ) حَصَلَ الرِّضَا (بِمُعَاطَاةِ) بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَدْفَعَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ أَوْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فَيَدْفَعَ لَهُ الْآخَرُ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّمٍ وَلَا إشَارَةٍ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُحَقِّرَاتِ وَلَزِمَ الْبَيْعُ فِيهَا بِالتَّقَابُضِ أَيْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنَ، وَأَمَّا أَصْلُ الْبَيْعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ فَمَنْ أَخَذَ مَا عَلِمَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِكِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ فَقَدْ وَجَدَ أَصْلَ الْعَقْدِ لَا لُزُومَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ إعْطَاءً لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ وَإِنْ كَانَ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا إعْطَاءً، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إذْ كَلَامُهُ فِي الِانْعِقَادِ، وَلَوْ بِلَا لُزُومٍ.

(و) إنْ حَصَلَ الرِّضَا (ب) قَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِعْنِي) وَنَحْوَهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ابْتِدَاءً (فَيَقُولُ) لَهُ الْبَائِعُ (بِعْت) وَنَحْوَهُ وَإِذَا انْعَقَدَ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَبُولُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْإِيجَابِ فَأَوْلَى إذَا كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: اشْتَرِ السِّلْعَةَ مِنِّي أَوْ خُذْهَا بِكَذَا وَنَحْوَهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ انْعِقَادُ الْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَرْضَى أَوْ كُنْت هَازِلًا، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهَا عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ رَاجِحٌ وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ مُعَيَّنٌ فِيهِ كُلُّ مَا خَالَفَ الْعَيْنَ خَرَجَ السَّلَمُ فَإِنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ لَيْسَ مُعَيَّنًا بَلْ فِي الذِّمَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَا لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ فَيَشْمَلُ الْغَائِبَ فَبَيْعُ الْغَائِبِ لَيْسَ سَلَمًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ مُعَيَّنٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي السَّلَمِ فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ فِي السَّلَمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَرَضًا قُلْت الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا، وَإِنَّمَا آثَرَ الْعَيْنَ بِالذِّكْرِ نَظَرًا لِلشَّأْنِ اهـ عَدَوِيٌّ

. (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) أَيْ بِسَبَبِ وُجُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِشَيْءٍ إلَخْ، إلَى أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً وَأَنْ تَكُونَ مَعْرِفَةً وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْصُولَ يَعُمُّ دَائِمًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَقَدْ تَعُمُّ وَقَدْ لَا تَعُمُّ (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ) أَيْ عُرْفًا سَوَاءٌ دَلَّ عَلَى الرِّضَا لُغَةً أَيْضًا أَوْ لَا فَالْأَوَّلُ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالثَّانِي كَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ وَالْمُعَاطَاةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ مِنْ قَوْلٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْهُمَا أَوْ قَوْلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِتَابَةٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ إشَارَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ جَانِبٍ وَقَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْ الْآخَرِ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَالُّ الرِّضَا غَيْرَ مُعَاطَاةٍ بِأَنْ كَانَ قَوْلًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ إشَارَةً بَلْ، وَإِنْ كَانَ دَالُّ الرِّضَا مُعَاطَاةً وِفَاقًا لِأَحْمَدَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ أَمْ لَا، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَوْلِ عِنْدَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ فِي الْمُحَقَّرَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَلُزُومُ الْبَيْعِ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَاطَاةِ بِالتَّقَابُضِ أَيْ بِالْقَبْضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَمَنْ أَخَذَ رَغِيفًا مِنْ شَخْصٍ وَدَفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ الرَّغِيفَ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ فَيَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ) أَيْ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ، أَيْ كَالصَّدَقَةِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ أَيْ إنْ وَجَدَ مِنْ الْآخَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعٌ بَيْنَهُمَا وَأَكْلُهُ غَيْرُ حَلَالٍ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ الرِّضَا بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْنِي) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَبِعْنِي إلَخْ مَدْخُولٌ لِلْمُبَالَغَةِ فَهُوَ عُطِفَ عَلَى بِمُعَاطَاةٍ وَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِهَا وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِانْدِرَاجِ هَذَا تَحْتَ قَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا أَنَّ كُلَّ مُبَالَغَةٍ ذَكَرَهَا بَعْدَ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمُعَاطَاةِ يَنْعَقِدُ بِتَقَدُّمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: بِعْنِي فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ وَفِيمَا قَبْلَهَا وَلِهَذَا أَتَى بِهَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ، وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ لِدُخُولِهَا مَعَهَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت وَنَحْوَهُ) أَيْ كَأَخَذْتُهَا أَوْ رَضِيَتْ بِهَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِيجَابِ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوَّلًا وَيَقَعُ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا (قَوْلُهُ: انْعِقَادُ الْبَيْعِ) أَيْ لُزُومُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِكَاكُ عَنْهُ أَيْ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا: بِعْنِي، فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلٌ رَاجِحٌ) هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ خش وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَاضِيَ يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ أَتَى بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ، وَلَوْ حَلَفَ وَالْمُضَارِعُ إنْ حَلَفَ مَنْ أَتَى بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَا لَزِمَ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فَهَلْ هُوَ كَالْمَاضِي وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ كَالْمُضَارِعِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ وَالْمَعْمُولَ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ) لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، كَذَا قَالَ عج -

<<  <  ج: ص:  >  >>