للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّحَرِّي (لِكَثْرَتِهِ) وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا يَتَأَتَّى الْجَوَازُ فَالصَّوَابُ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّحَرِّي لِكَثْرَةٍ أَوْ يَزِيدُ لَا قَبْلَ إنْ، وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: إنْ أَمْكَنَ وَخَصَّ التَّحَرِّي بِعُسْرِ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْعَدَدَ لَا يُعْسَرَانِ لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِالْعُسْرِ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ، وَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ الْوَزْنُ

(وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) أَيْ بَطَلَ أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ عِبَادَةً كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ عَقْدًا كَنِكَاحِ الْمَرِيضِ أَوْ الْمُحْرِمِ وَكَبَيْعِ مَا لَا قُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَوْ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (إلَّا لِدَلِيلٍ) يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ كَالنَّجْشِ وَالْمُصَرَّاةِ وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا فَسَادُ الصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا وَلَا دَلَالَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ عَلَى الصِّحَّةِ وَمَحَلُّ الْقَاعِدَةِ مَا لَمْ يَكُنْ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَالصَّلَاةِ بِالْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ أَلَا تَرَى أَنَّ إشْغَالَ بُقْعَةِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ أَوْ الْإِعْرَاضِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ أَوْ لُبْسِ الْحَرِيرِ حَرَامٌ فِي ذَاتِهِ مُطْلَقًا تَلَبَّسَ بِصَلَاةٍ أَمْ لَا

ثُمَّ مَثَّلَ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (كَحَيَوَانٍ) مُبَاحِ الْأَكْلِ يُبَاعُ (بِلَحْمِ جِنْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ (إنْ لَمْ يُطْبَخْ) ، فَإِنْ طُبِخَ، وَلَوْ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ جَازَ لِبُعْدِ الطَّبْخِ عَنْ الْحَيَوَانِ وَشَمَلَ قَوْلُهُ كَحَيَوَانٍ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ وَيُرَادُ لِلْقِنْيَةِ وَمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ وَالثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّالِثُ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي فِي آخِرِ كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَزْنِهِ عُسْرٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهُ قَيَّدَ جَوَازَ تَحَرِّي الْوَزْنِ بِعُسْرِهِ بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ) أَيْ إنْ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحَرِّيهِ بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ جَوَازَ التَّحَرِّي عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحَرِّي مَعَ أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّحَرِّي إنَّمَا يُنْتِجُ مَنْعَهُ لَا جَوَازَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَزِيدُ لَا قَبْلَ أَنْ) أَيْ وَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ عُسِرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ) أَيْ لِعَدَمِ الْكَثْرَةِ جِدًّا (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ) الْمُرَادُ لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمَعْهُودِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ التَّعَذُّرُ وَهُوَ الْبَادِيَةُ وَمَحَلُّ السَّفَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْكَيْلَ الْغَيْرَ الْمَعْهُودِ جَائِزٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَهْلٌ بِثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ قُفَّةٍ مِنْ الْقَمْحِ بِكَذَا مَمْنُوعٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ) أَيْ كَالْقُفَّةِ وَالطَّاقِيَّةِ وَالْإِنَاءِ وَالْمُخِلَّةِ وَالْغِرَارَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِالْعُسْرِ) أَيْ ثُمَّ إنَّ تَقْيِيدَ جَوَازِ التَّحَرِّي بِعُسْرِ الْوَزْنِ

(قَوْلُهُ: وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) أَيْ مَنْهِيٌّ عَنْ تَعَاطِيهِ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ شَامِلَةٌ لِلْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَهِيَ الْعُقُودُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا مَثَّلَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ إمَّا لِذَاتِهِ كَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ أَوْ لِوَصْفِهِ كَالْخَمْرِ وَهُوَ الْإِسْكَارُ أَوْ لِخَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِعْرَاضَ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ النَّهْيَ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ كَانَ مُقْتَضِيًا لِلْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ لِخَارِجٍ عَنْهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَحَلُّ الْقَاعِدَةِ أَيْ فَسَادُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لِوَصْفِهِ أَوْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّهْيَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِدَلِيلٍ) أَيْ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةٍ أَيْ عَلَى صِحَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا فَسَادَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ مُتَّصِلًا بِالنَّهْيِ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ مُخَصِّصًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: كَالنَّجْشِ وَالْمُصْرَاةِ) يَعْنِي الْعَقْدَ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالْفَسَادِ لَوْلَا وُجُودُ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ إلَخْ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تَرْكُ التَّلَبُّسِ بِهَذَا الْأَمْرِ الْغَيْرِ الْمُنْعَقِدِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: كَحَيَوَانٍ) أَيْ حَيٍّ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ مُبَاحُ الْأَكْلِ لِأَجْلِ صِحَّةِ التَّعْلِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمُزَابَنَةِ إذْ بَيْعُ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا بِاللَّحْمِ جَائِزٌ لِعَدَمِ الْمُزَابَنَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ) أَيْ وَهُوَ اللَّحْمُ، وَقَوْلُهُ: بِمَجْهُولٍ أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ) أَيْ كَمَا أَفَادَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَنَقْلُ اللَّحْمِ عَنْ الْحَيَوَانِ يَكُونُ بِأَدْنَى نَاقِلٍ بِخِلَافِ نَقْلِ اللَّحْمِ عَنْ اللَّحْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الطَّبْخِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّحْمَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْحَيَوَانِ إلَّا بِالطَّبْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>